سيمون قبوش اسمٌ واعدٌ في عالم الفن التشكيلي السوري
يمتلك الفنان سيمون قبوش رغم قصر تجربتة القدرة الكاملة على الإبهار والإدهاش في تشكيلاته الخطية واللونيه، فهو فنان أكاديمي بامتياز رصيده الأكبر الرسم الحيوي الذي يؤكد عنصر الشطارة والمهارة، التي تجسد الأشكال والتفاصيل وتستنطقها ضمن نطاق الاجتهادات الواقعية الحديثة ويصل أحيانا إلى حدود الرؤية الحلمية النابضة باحتمالات التجاوز والتغيير.
وهو من هذا المنطق يرتبط بإيقاعات تصويرية واقعية فيها شيء من الإيحاءات الشكلية واللمسات اللونية العاطفية وأحيانا تتحول الخلفيات إلى مساحات لونية تمنح المشهد الواقعي المزيد من الرؤى الخيالية وتعمل على إخراج اللوحة من المباشرة الخطابية والتسجيلية الباردة والسهلة.
لذا يدهشنا منذ البداية في قدرته الفائقة على الدخول في نبض الحياة اليومية في الشوارع والساحات المخنوقة بالسيارات وبحركة الناس، وأمام المرآة، وفي المحترفات والصالات..
والمهم أن أعماله توحي بالمرجع الواقعي، وبمناخية محترفات الأكاديميات ، قبل أن تذهب إلى تلبية متطلبات الصياغة الفنية الباحثة عن جديد ابتكاري في التشكيل والرسم الواقعي الحديث.
وما يقدمه سيمون في هذه المرحلة يمكن أن يبرز كردة فعل إيجابية ضد الصياغات التشكيلية العبثية التي تتزايد يوما بعد آخر في تجارب الأسماء الشابة والتي تندر فيها التجارب الواقعية القادرة على الادهاش والاقناع، وتجربته بالتالي تشير إلى موهبة حقيقية، ورؤية فنية مؤهلة لأن تكون بعد تطوير مسارها الاختباري، إحدى أهم التجارب الفنية الحاملة تأثيرات الصياغة الأكاديمية والواقعية.
هكذا يمنح سيمون المشهد الواقعي تجلياته المغايرة وزمنه المعاصر، فالفن الواقعي لا يتجدد إلا من خلال البحث عن شاعرية جديدة في التقاط أشكال الواقع.
وعلى هذا فلوحاته التي تضاهي في حيويتها واقعية الصورة الضوئية تتخذ شكل العمل الفني وأسلوب الاستقصاء الجمالي الذي يحقق في بعض لوحاته صيغة تجمع بين الواقع والمخيلة، من خلال القطع الذي يجريه أحيانا والمساحات اللونية التي يشكلها في خلفية المشهد الواقعي، وتتوضح أكثر فأكثر صياغاته الفنية الماهرة والواثقة في مجمل أعماله، التي يجسد من خلالها تفاصيل وأشكال الواقع، كل ذلك جعل من تقنية تثبيت الصورة الواقعية المتخيلة أو الملتقطة من علاقته اليومية المباشرة مع الواقع، ولهذا فلوحاته استحوذت على إعجاب النقاد والفنانين والمتابعين كونه يمنح مشاهد حيوية لافتة وضمن أسلوبية ومناخية خاصة.
فالسمات البارزة في لوحاته الأقرب إلى الواقعية تتجلى في العودة إلى التقنيات الأكاديمية والاستفادة من إمكانيات تحريك العناصر ومنحها حيوية، بالإضافة إلى أن أعماله لاتخرج عن إطار التصوير الواقعي، من دون الوقوع كما أشرنا في حدود الفوتوغراف، مع أن لوحاته تثير المزيد من الانتباه والتأمل في قراءة تفاصيل لقطات حميمية من الواقع الحياتي اليومي، والتي يستعيدها في كل مرة باحثاً عن فنية اللقطة وزاوية العين اللاقطة.
هكذا تكشف لوحاته عن مقدرته في تشريح مشاهد الواقع، وتؤكد تفوقه الكامل في امتلاك تقنية الرسم الواقعي الصحيح وإبراز إيقاعات الاتقان والتناسب وتدرجات اللون والتكوين المتماسك وكل ما تستلزمه اللوحة الناضجة من توازنات وحيوية وقوة وتقنية عالية في المظهرين التكويني والتلويني.
فهو يبحث عن المناخ السحري في المشهد الواقعي ويجسد في لوحاته المشاهد المفعمة بالحيوية والحركة القادمة من تأملاته وتجواله في الشوارع والساحات والأماكن العامة والخاصة.
سيمون قبوش من مواليد اللاذقية عام 1985 وسكان دمشق درس الفن في محترفات كلية الفنون الجميلة تخرج عام 2006 بدرجة الشرف- الأول على دفعة التخرج، أقام معرضاً فردياً في المركز الثقافي الفرنسي في دمشق عام 2008 وشارك في معارض جماعية رسمية وخاصة (الثقافي الألماني، الثقافي الفرنسي، معرض إحياء الذاكرة التشكيلية في سورية-4 ) وهو يعمل في التدريس الفني في كلية الفنون الجميلة، وينتمي إلى عائلة فنية، والده الفنان ميلاد قبوش وشقيقته الفنانة جانيت قبوش وشقيقه الفنان إيفان قبوش، حيث وجد نفسه منذ البداية في أجواء مشجعة وللفن والثقافة.
أديب مخزوم
المصدر: الثورة
إضافة تعليق جديد