الكاتب والعالم والأدب.. والمستقبل
عقدت في سوريا الندوة الثانية لأدب الخيال العلمي (دورة ابن طفيل) تحت شعار الخيال العلمي في خدمة الاستراتيجيات المستقبلية بين 10 ـ 12 آب 2009 وشارك فيها لفيف من الكتاب والنقاد، أمثال نهاد شريف، رؤوف وصفي، صلاح معاطي (مصر)، طالب عمران، لينا كيلاني (سوريا)، الهادي ثابت، الهادي بن عياد (تونس)، احمد سليمان الخليل (الأردن)، احمد خماس (المانيا) وقاسم قاسم (لبنان)، وتغيب كل من روجيه بوزتيو (فرنسا، كوثر عياد (تونس) طيبه الابراهيم (الكويت).
واتسمت الجلسات الست، بمناقشة مفهوم أدب الخيال العلمي كجنس أدبي يواكب تطور العلوم وتميزه عن أدب الفانتازيا، وأوضحت مداخلة الرائد نهاد شريف انطلاقا من تجربته جملة مسائل منها اهتمام أدب الخيال العلمي بالمستقبل ومشاكل الحاضر وقدمت لينا كيلاني، محاضرة موجزة عن ارتباط أدب الخيال العلمي بالصورة المستقبلية، على انه أدب وظيفته استشراف آفاق جديدة، وتحدث صلاح معاطي عن الخيال وآلة الزمن معتبرا ان آلة الزمان ضد الطبيعة وأن الروبوت ينفذ ما يأمر به وأن المشاعر عالقة وما زال حلها بعيدا، وجاء الهادي عياد في كلمته حول الاستشراف في الخيال العلمي واضعا الكاتب، في مصاف نوسترادموس ولم ينته إلى ان الخلاف ما زال قائما حول فنية الرواية، واذا كان دور الكاتب يوازي فيها دور العالم؟
وما هي المسؤولية الأخلاقية للأدب. وانطلق رؤوف وصفي من الخيال العلمي وعلوم المستقبل، وربط بين الاثنين ولكن الأسئلة التي اثارتها محاضرته اتخذت بعداً أديبا، ومنها هل على الأديب ان يحل محل العالم؟ فإذا كان بعض كتاب الغرب قد انتقلوا من العلم إلى الأدب، فهذا استثناء وليس هذا واقع الكتابة العربية، نعم على الأديب ان يلجأ الى صيغ تساعده على تطوير فكرته لتل`بس صورا وتغدو مشوقة ممتعة.
تحدث هادي ثابت بدوره عن تجربته الروائية وأسهب في الحديث عن موضوع رواية له ستصدر عن البطل هنيبعل، وحملنا احمد خماس بصوره التي عرضها برحلة خيالية إلى عالم مفترض، وقدم نقاد مساهماتهم العلمية التي تراوحت بين الحديث عن الفيزياء الكونتنية وكيفية نشوء الكون، والكارثة القادمة على جميع المستويات، وختم الندوة طالب عمران الذي أفاض في شرح وظيفة الكمبيوتر، وتساءل هل سنصل الى زمن يصبح فيه الكمبيوتر هو المسيطر؟ وأكمل قائلا: اننا نعيش في زمن مرعب فالكتاب بات يوضع على الرف وأشار كنا نطبع 5000 نسخة من أي كتاب، بينما في عصر الكمبيوتر تراجعت الى 1500 نسخة، ومع ذلك اعترف بفوائد الكمبيوتر، وقد نوقشت المحاضرات ومنها في محاضرة صلاح معاطي الذي أصر على انطلاق الرواية من حيثية علمية محققة، وليس افتراضية على الرغم من أن العلم بدايته افتراضية، فرواية (أليس في بلاد العجائب التي كتبها استاذ في مادة الرياضيات انطلقت كفكرة من المرآة، فعندما يقف الانسان امامها تتغير الوجهة التي ينظر اليها، فاليمين يصبح شمالا، والعكس هو الصحيح، وبالتالي فإن الكاتب يمكنه الاستناد الى اية معلومة كي يكون بناء فنيا، فهل كان لدى (جول ميزن) اية مكونات علمية؟ ودرات المناقشات حول مفهوم البناء الدرامي، وأن الرواية بالدرجة الأولى هي عمل فني، وأن المعلومة العلمية او الافتراضية عليها ان تتوارى خلف النسيج الروائي، وبالتالي الانتباه الى البيئة التي تنطلق منها، مع ان القارئ العربي ما زال يرتاح إلى الأدب المنفعل وليس الأدب العلمي المحايد الخالي من العنصر الدرامي. هذا وقد انبثقت عن الندوة الثانية، رابطة غايتها جمل شمل عائلة كتاب ونقاد أدب الخيال العلمي في الوطن العربي.
قاسم قاسم
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد