الحالات الإسعافية للأطفال
الحالة الإسعافية هي تلك الحالة الطارئة التي تتطلب تصرفاً عاجلاً (أي إسعافاً) بدون تأخير.وعلى هذا تكاد الحالات الإسعافية عند الأطفال أن تكون بلا حدود,لكننا ولسهولة التصنيف سوف نقسمها إلى قسمين:رضية (ناجمة عن الرضوض) وغير رضية.
الحالات الرضية:وهي كثيرة بسبب حيوية الأطفال وميلهم الطبيعي إلى الحركة وسوء تقدير العواقب,فالطفل مثلاً لا يقدر ما يمكن أن يحدث بسبب الركض السريع أو هبوط الأدراج أو اعتلاء الحواجز..وغير ذلك من أمور مثل ركوب الدراجات والأراجيح..زد على ذلك أن الأطفال لا ذنب لهم في كثير من القضايا مثل حوادث السيارات وعنف الكبار..الذي قد يكون شرساً وغير متوازن إطلاقاً (كما في الحروب المدمرة,واستخدام الأسلحة غير التقليدية الممنوعة دولياً .بالطبع ينجم عن هذه الرضوض كسور وخلوع وسحجات وجروح وحروق وقد يحدث ما هو أشد عاقبة مثل النزف الداخلي وهبوط الضغط (الصدمة) وتأذي الجملة العصبية بدءاً من الارتجاج إلى نزف الدماغ وما ينجم عن ذلك من غياب للوعي أو الاختلاج.لهذا يكون إسعاف الحالات الرضية تبعاً للحالة,بدءاً من تنظيف الجروح وتضميدها,إلى تسكين الألم بالمسكنات المعروفة,إلى دعم الحالة التنفسية والقلبية وإيقاف الاختلاج والحفاظ على الضغط وميزان السوائل,وهذه الأخيرة تتطلب طبيب أطفال أو عناية مشددة خبيرة..وهنا نشدد على أهمية الإسعاف أي الحفاظ على الحياة دون تأخير في الاستقصاء والأسئلة بلا داع,حيث يمكن استدراك الأمور الورقية بعد تقديم العون للمريض,كما يمكن إجراء التحاليل والصور اللازمة بأسرع وقت ممكن,متجاوزين عقبات الروتين والانتظار.
الحالات غير الرضية: وهي أيضاً كثيرة ولا تكاد عيادة أطفال أو مستشفى تخلو منها على مدار الساعة..ومن هذه الحالات:
1-الحمى:وهي أول وأهم سبب يأتي بالأهل إلى طبيب الأطفال,وتنجم عن عدد لا حصر له من الأمراض أكثرها الأمراض الفيروسية مثل الإنفلونزا ثم الجرثومية وغيرها (التهاب لوزتين أو الأذن أو رئة أو سحايا..),وقد يكون سبب ارتفاع الحرارة هو التجفاف (نقص السوائل) لا سيما عن الولدان,والتدثير في الجو الحار,وضربة الحر (أو الشمس) والتي تشيع في الصيف..يتم تدبير الحمى بالماء (كمادات,حمام ماء فاتر,شرب سوائل,سوائل وريدية أحياناً),وخافضات الحرارة وأهمها الباراسيتامول,على أن يتم تدبير السبب الرئيسي لها,وتدبير ما قد ينجم عنها كالاختلاج.
2-الألم:وهو السبب الثاني الذي يأتي بالمريض إلى الطبيب,كما يحدث في ألم البطن أو الأذن أو الرأس (الصداع) أو الأسنان..وهنا لا بد من تسكين الألم بالمسكنات المناسبة,شريطة استقصاء السبب وعلاجه,مثلاً نرتكب خطأ فادحاً لو كان السبب التهاب زائدة دودية أو التهاب سحايا فيما يتم التركيز على الألم لوحده.
3-ضيق النفس (الاختناق):وهذا شائع في الأمراض التنفسية لا سيما الربو,الذي يتحرض بالملوثات المختلفة (دخان سيارات,دخان مواد كيماوية أو متفجرة كما في الحروب,دخان السجائر,وأي دخان أو غبار أو أوبار أوأية مواد مستنشقة كغبار الطلع..)وهنا لا بد من تقديم علاج فوري يريح التنفس,أوله الأكسجين,ثم بخار الأدوية الموسعة للقصبات (مثل السالبوتامول) وقد يلزم الأمر إعطاء الستيروئيدات القشرية (الكورتيزون) لإنقاذ المريض,ولا بد هنا أن نشير إلى أهمية الكورتيزون وفوائده الجمة بالأيدي الخبيرة..ومن الطبيعي أن نؤمن بيئة نظيفة خالية من الملوثات وأهمها دخان السجائر,فسيجارة واحدة تنشر من السموم الكثير.
4-التجفاف (نقص السوائل):وهي حالة شائعة في الصيف بسبب الإسهالات الحادة الناجمة عن تلوث الأغذية غير المحفوظة أو المراقبة جيداً لا سيما (البوظة,اللحوم مثل الشاورما وغيرها,البيض,الأجبان..) فيحدث عدم تحمل للأغذية (انسمام غذائي) أو التهاب معوي حاد..كما قد ينجم التجفاف في حالات نادرة عن الداء السكري الطفلي (ارتفاع شديد في سكر الدم,وارتفاع حاد في الحموض الخلونية),وهنا لا بد من إعطاء السوائل والأملاح المناسبة,وعلاج السبب,وهذه أيضاً تتطلب خبرة عالية لا سيما في الحمض الخلوني السكري.أما في حالات الإسهال فيتم الأمر عبر إعطاء سوائل الإماهة (أكياس سكرية ملحية تحل بالماء الشروب) أو العصائر المناسبة.
5-الاختلاج:وهو الحالة التي تتشنج فيها العضلات وترتج وقد يغيب الوعي وينجم الاختلاج عن مرض يؤثر على الدماغ,إما بشكل مباشر (صرع,التهاب سحايا أو دماغ) أو غير مباشر (نقص سكر أو كلس أو مغنزيوم الدم).ويعتبر الاختلاج من أكثر الحالات المرعبة للأهل,والمؤثرة حتى في الطبيب,والتي تتطلب التماسك وقوة الأعصاب للسيطرة على الاختلاج بالأدوية مثل الديازبام أو الفينوباربيتون أو الفينيتوئين,وهذه أيضاً تتطلب خبرة عالية..وقد يتطلب الأمر التخدير العام في الحالات الشديدة.
6-الانسمام الدوائي:بأدوية لا حصر لها,لكن أخطرها الحديد والمسكنات المخصصة للكبار وأدوية القلب,ولهذه الأدوية طيف واسع من الأعراض,ولها معالجات متخصصة جداً,تبدأ بغسل المعدة الفوري,إذا جاء المريض في الوقت المناسب.ويمكن أن يشمل هذا الفرع ابتلاع الكاويات ومواد التنظيف..والمبيدات الحشرية والتي تتطلب غسل جلد المريض,وإعطاء الترياق المناسب.
هذا باختصار عن الحالات التي تتطلب الإسعاف عند الأطفال,علماً أن الأمر قد يحتاج إلى كتاب كامل في هذا الشأن.
د. غالب خلايلي
المصدر: الثورة
إضافة تعليق جديد