نجدت أنزور: كلا الإسلام ليس تطرّفاً
عاد نجدت أنزور إلى الأعمال الإشكالية. بعد تعاونه مع الكاتبة هالة دياب في مسلسل «الحور العين» الذي قارب موضوع الإرهاب من خلال التفجير الذي تعرّض له مجمع سكني في الرياض عام 2003، ها هو يتعاون مجدداً مع دياب في «ما ملكت أيمانكم». في هذا المسلسل، يعالج المخرج السوري موضوع الإرهاب والتطرّف من خلال الإضاءة على شرائح من المجتمع العربي المحاصرة بالأصولية و«الظلامية».
يتناول العمل أحداثاً ترمز إلى الوضع الراهن في الشرق الأوسط والتحديات التي تواجه المنطقة. تتنقل الشخصيات الدرامية تدريجاً بين الأحداث لينكشف لاحقاً ارتباطها بعضها ببعض. أما القصة فتنطلق من معهد لتعليم اللغة الإنكليزية. هنا، تتلاقى ثلاث فتيات تمثّل كل منهنّ محوراً من محاور العمل. هكذا تروي كل واحدة ما يدور حولها من قصص وأحداث شهدتها (وستشهدها) العاصمة السورية من عام 2004 حتى عام 2018. «الإرهاب موضوع معاصر، ويكاد يكون من يوميات المواطن العربي. نحن مدانون بالإرهاب من آلة الإرهاب الكبرى في العالم وهي الولايات المتحدة». ويضيف: «نحن في حالة دفاع عن الدين الإسلامي أولاً، لأنه دين لا يعرف الإرهاب. والاستثناءات ليست قاعدة. يقع على عاتقنا كفنانين مهمة الإضاءة على ما تعانيه المجتمعات العربية».
ويوضح أن الإرهاب ليس موضوع العمل الوحيد «يتناول المسلسل قضايا اجتماعية بحتة، ويتوقّف عند التطور الذي يطرأ على حياة المواطنين داخل سوريا ومشاكل مواطن اليوم، منها التزمت الديني والانفلات الأخلاقي، وبطالة الشباب».
من جهة أخرى، يتوقف المخرج عند عنوان مسلسله المأخوذ عن آية قرآنية، ليوضح أن اختياره لم يكن عبثياً، بل جاء ليكشف معنى هذه الآية التي فسرها بعضهم بطريقة خاطئة.
لكن هل سيمرّ العمل على «جماعة القبيسيات النسائية» (جماعة من الداعيات الإسلاميات اللواتي أثرن انقساماً في الأوساط الإسلامية في سوريا)؟ يجيب أنزور أن «القبيسيات» جزء من المجتمع في سوريا، والعمل لا يتطرق إليهنّ مباشرة.
وعن إمكان معارضة بعض الجهات الدينية السلفية للعمل، يجيب أنزور بأنه لا يستبعد شيئاً، لكنه يتسلّح بموافقة الرقابة على النص. وخصوصاً أن العمل «ينطلق من حس غيور على أبناء البلد حتى من المخطئين والمتعصبين. ويأخذ المسلسل على عاتقه مهمّة إرشادهم إلى الطريق الصحيح».
يشرح أنزور أن طريقة تنفيذ العمل ستكون جديدة، إذ ستعتمد تقنية الـ«فلاش باك»، وتداخل الأحداث بطريقة تمزج بين الماضي والمستقبل. كل ذلك وفق رؤية إخراجية متزنة تعرف كيف تغامر وتذهب بعيداً عن المراهقة البصرية. وتماشياً مع طريقة العمل الجديدة، تجاوزت ميزانية المسلسل مليونَي دولار.
أما بالنسبة إلى أبطال العمل، فاختار أنزور أبرز النجوم الذين حققوا نجاحات كبيرة سابقاً على رأسهم سلافة معمار (في دور ليلى) ومصطفى الخاني (توفيق). وستشاركهما البطولة مجموعة ممثلين منهم: نادين خوري، ورنا الأبيض، وعبد الحكيم قطيفان، وديما قندلفت، وبسام لطفي، وخالد القيش.
غير أن المفاجأة الحقيقية، كانت غناء جورج وسوف تتر العمل، في أول مساهمة منه بهدف دعم الدراما السورية. هنا يكشف أنزور أنّ «سلطان الطرب» أعاد تسجيل الأغنية مرة ثانية، بعدما سمعها وأخبر مخرج العمل بأنه أدّاها من كل قلبه.
من جهتها، تتحدّث سلافة معمار عن تجربتها الأولى بعد «زمن العار» الذي لاقى نجاحاً كبيراً فتقول «هناك شخصيات مغرية لا يستطيع أن يقاومها الممثل. وهو ما شعرت به وأنا أقرأ شخصية ليلى». وتشرح معمار الدور الذي تؤديه، فهي كما تقول تختار دائماً شخصيات تحمل مضموناً ومقولات وإشكاليات متمردة، «ليلى فتاة من بيئة متدينة تعيش في أجواء تخوّل المشاهد الاطلاع على أكثر من نموذج من البشر بينهم المتديّن والمتطرف والمعتدل». إذاً ستخوض ليلى صراعاً في بيتها مع أخيها المتطرف الذي يحلل لنفسه ما يحرّمه عليها.
وعن خصوصية التعامل مع أنزور، تقول معمار «واجهت صعوبة في البداية، إذ كنتُ أتعرّف على طريقة عمله. بعد ذلك، أعجبتني شدة اهتمامه بالصورة واعتماده على الاختزال في اللغة البصرية. وهو يجتهد دوماً للبحث عن صدمات جديدة على المستوى الدرامي».
من جهة أخرى، تداولت المواقع الإلكترونية أمس خبراً يفيد عن قيام أنزور بـ«إهانة أكثر من 100 صحافي سوري» حين دعاهم إلى مؤتمر لتغطية المسلسل وتبين لاحقاً أنه أرادهم كي يكونوا كومبارس لتصوير أحد مشاهد «ما ملكت إسمانكم» وفقاً لما جاء في الخبر. إلا أنّ أنزور نفى نفياً قاطعاً ما جرى تداوله. وقال: «دعونا الصحافيين لتغطية حفلة أقمناها تكريماً لعدد من النجوم السوريين بينهم جمال سليمان وأمل عرفة...».
ذاكرة الجسد
يستعد فريق «ما ملكت أيمانكم» للسفر إلى باريس لاستكمال تصوير المسلسل. ويقول نجدت أنزور (الصورة مع جورج وسوف) إنّ العمل لم يبَع بعد إلى أي قناة. فيما سيباشر المخرج السوري قريباً تصوير مسلسل آخر هو «ذاكرة الجسد» الذي ستكتب نصه ريم حنا. علماً بأنّه مقتبس عن رواية الجزائرية أحلام مستغانمي التي تحمل العنوان نفسه. وقد أعلن أنزور عن أسماء أبطال العمل وهم: جمال سليمان وقصي خولي ولأول مرة طالبة «ستار أكاديمي» الجزائرية أمل بوشوشة التي ستجسد دور بطلة الرواية بلهجتها وشكلها. وقد اختار المخرج اللغة الفصحى للعمل.
وسام كنعان
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد