التعليم الافتراضي طلابه ليسوا افتراضيين ومشاكله حقيقية جداً

14-06-2010

التعليم الافتراضي طلابه ليسوا افتراضيين ومشاكله حقيقية جداً

في الوقت الذي تنصح فيه شركة «مايكروسوفت» دول الشرق الأوسط بإعداد طلاب وتقنيّين قادرين على التعامل مع الموجة المقبلة من التطوُّرات الإلكترونية، وذلك من خلال الطرح المرتقب لنظام «غيمة الإنترنت»، مازلنا نعتقد أنَّ السرعات المتاحة في شبكة الإنترنت المحلية كافية لحاجاتنا، بل ونقلب معايير الاقتداء ونقارن أنفسنا بالأسوأ وليس بالأفضل، لتكون النتيجة المتوقَّعة، وقوع سورية في المرتبة الـ120عالمياً في سرعة الإنترنت،

بحسب إحصاءات شملت 154 دولة حول العالم. إذاً، كيف سيكون الوضع عندما يقوم على هذه الشبكة «السلحفاتية» نظام تعليمي متكامل كالتعليم الافتراضي السوري، الذي لم يزل مجهول الهوية بسلبياته أو بإيجابياته، رغم مرور ثماني سنوات على تأسيسه ومع إتاحته الفرصة أمام طلاب كثر للتمتُّع بمزايا الجمع بين الدراسة والعمل وإمكانية الدراسة في أيِّ زمان ومكان وفي أيِّ عمر كان، واختيار التخصُّص الذي يلائم احتياجاتهم ويرضي غريزة التفوُّق على أقرانهم الكثر في مجال التكنولوجيا الإلكترونية والرقمية؟؛ فهو افتراضي، وكلُّ ما يتعلَّق به افتراضي، وحتى لو أثبت أنه واقع وليس محالاً، ستبقى الفكرة صعبة التقبُّل من قبل مجتمع اعتاد طلابه مسك القلم والورقة، وسئم معلِّموه استخدام «الطبشور» على لوح الصف.
 
افتراضي أم تقليدي؟!
المشكلة الأساسية في الجامعة الافتراضية، أنَّ القائمين عليها يتعاملون معها كما لو أنها جامعة تقليدية، مع العلم بأنَّ لها إدارة وآلية مختلفة، وكان
 لا بدَّ من تدريب الطاقم الإداري عليها قبل افتتاح الجامعة؛ كما حدث عندما طلب أحد المدرِّسين من الطلاب الحضور للمقابلة ومناقشة الوظيفة، على الرغم من وجود طلاب من خارج دمشق أو سورية. ويلمس الطلاب التناقض من خلال دراستهم مادة «المدخل إلى التعليم الافتراضي»، التي تبقى حبراً على ورق وبعيدة عن التطبيق.
كما أشار الطلاب إلى الأسلوب الذي اعتمد مبدأ الأسئلة المقالية مؤخراً في الامتحانات، فمع إثباته جدارة الطالب، إلا أنه أخلَّ بمبدأ العدالة والثقة بالتصحيح، وكان من الممكن- بحسب بعض الطلاب- الإبقاء على نمط الأسئلة المؤتمتة، مع رفع مستواها التقني لتضاهي مستوى الجامعات المتقدِّمة. وحالياً، يأخذ الطالب نتيجة امتحانه من دون وجود سلّم تصحيح، سواء في الأسئلة المؤتمتة أم المقالية، على عكس ما كان متَّبعاً في البداية، والذي وفَّر الكثير من الأخذ والرد مع غياب السياسة الواضحة لتوزُّع العلامات، فبعض المدرِّسين يعطي 25 % من العلامة على الوظيفة، و75 % على البقية، وبعضهم يعطي نسبة متساوية بين الامتحان والوظائف، وبعضهم يعطي علامة للحضور، وآخرون لا يهمُّهم الحضور، وقد يتأخَّر تصحيح المشاريع والوظائف، ويمتدُّ إلى ما بعد تقديم الامتحان الرسمي.


 لا روزنامة.. لا وقت
برنامج الامتحانات غير مفهوم أو ثابت، بحيث لا يمكن الاعتماد عليه، كما حصل في الفصل الماضي مع طلاب المملكة العربية السعودية في الدبلوم الوطني العالي، عندما تأجَّل برنامج الامتحان وتعدَّل 7 مرات، ما كبّد الطلاب خسائر فادحة بسبب تعديل حجوزات سفرهم 5 أو 6 مرات، والقصة حصلت مع طالب خسر أكثر من 2000 دولار وتعرَّض إلى مشكلة فصله من العمل بسبب الشكِّ في عدم صدقيته وتأثيره على إجازات زملائه..
أما مدة الامتحان، فإن كانت بحسب إدارة الجامعة كافية ومعوّضة في حال إثبات بطء الإنترنت، إلا أنه بحسب الطلاب يتمُّ هدر 20 إلى 30 ثانية على كلِّ سؤال، لكن سهى الحيالي، مديرة شؤون الطلاب، أكَّدت أنَّ الطالب يُعوَّض بدل الوقت الذي هدر منه إذا كان السبب هو الضغط على الشبكة. إضافة إلى انتظار الطلاب مدة تصل إلى ربع ساعة ريثما يتمُّ تحميل مجمل الأسئلة، فنظام إدارة المنهاج  (LMS) المستخدم في الجامعة الافتراضية أكل الدهر عليه وشرب، ولا يتعامل سوى مع متصفّح واحد هو (IE6)، مليئ بالثغرات ولا يتحمَّل ضغط الكمِّ الهائل للطلاب، كما أنَّ برنامج عرض المحاضرات لا يعمل إلا على ويندوز إكس بي حصراً والذي لم تعد شركة «مايكروسوفت» التي أوجدته تعترف به، ما يضطرُّ الطلاب إلى تغيير أنظمتهم إلى أنظمة أخرى أو تغيير الحاسب بأكمله ، وتحمُّل النتائج من قبل الجامعة التي لا تعترف سوى بالإيميلات المرسلة من بريد  الجامعة حصراً . فأيّ تكنولوجيا هذه التي تقوم عليها الجامعة الافتراضية؟!..
أما عن مشكلة التعامل الإداري، فحدِّث ولا حرج، لأنَّ ما تأخذه الإدارة من قرارات فردية لا تراعي شؤون الطلاب أو تستجيب لمتطلباتهم، فعجلة التقدُّم التي من المفروض أن تسير إلى الأمام أساسها الحوار ومواكبة التطور، وليست بحاجة إلى مَن يضع العصي فيها، وبحسب الطلاب، فقد برَّر مدير برنامج تكنولوجيا المعلومات، خليل عجمي، عدم إجابته أحياناً عن استفسارات الطلاب، بأنَّ الإيميل لا يحمل الصفة الرسمية، إذاً فكيف سيتواصل الطلاب مع جامعتهم وأساتذتهم؟.. ثم إنَّ الإيميل، له صفة رسمية، بناءً على التعميم الذي أصدرته رئاسة مجلس الوزراء ووجَّهته إلى جميع الوزارات والإدارات والمؤسسات والجهات العامة، للعمل على متابعة ومعالجة شكاوى المواطنين التي تردها مباشرة أو عبر وسائل الإعلام المختلفة، بما فيها المواقع الإلكترونية، وهو ما أكَّدته سهى الحيالي، مديرة شؤون الطلاب؛ أنَّ الإيميل له صفة رسمية، وهو الطريق الوحيد للتواصل مع الطلاب، لكن هناك حالات يرسل فيها الطالب استفساراته أو وظائفه من خلال تحميلها على نظام مختلف عن نظام الجامعة، وفي الوقت غير المحدَّد.

قرارات سريعة ومقدَّسة
 جلُّ ما تذمَّر منه الطلاب يتعلَّق بتغيير القرارات بما لا يتوافق مع القرارات الأولى التي جاء بها التعليم الافتراضي، والتصرُّف بمنطلق غير قابل للنقاش، من دون الأخذ في الاعتبار الأضرار التي تخلِّفها قراراتهم الملزمة على جميع الطلاب؛ كقرار استبعاد خريجي برنامج الدبلوم الوطني من متابعة تحصيلهم العلمي في برنامج بكالوريوس الحاسب، مع العلم بأنَّ الطلاب عندما سجَّلوا في هذا الاختصاص كان يحقُّ لهم إتمام دراستهم.. ويؤكِّد هؤلاء أنهم لو عرفوا أنَّ العكس سيحصل منذ ذلك الوقت، لما قاموا بالتسجيل، لتضيع عليهم أموالهم وجهودهم، نتيجة التغيُّر في شروط كلِّ فصل وكلِّ مفاضلة.. ومن المفاجئ- على حدِّ وصف الطلاب- أن تعطي الجامعة ذاتها درجة الماجستير في إدارة الأعمال، على الرغم من أنَّ هذه القرارات تصدر عن أشخاص حصلوا على درجة الدكتوراه في مجال اختصاصهم، ولم يدرسوا الإدارة الافتراضية من قبل. وتُرجِع سهى الحيالي اللوم إلى الطلاب الذين يرسلون استفسارات كثيرة بعد كلِّ قرار، ما يدلُّ على عدم فهمهم القرار وعدم الالتزام بالتعليمات، مع اعتراف بعض المنسقات بتأخُّرهن في الردّ أحياناً، نتيجة اكتظاظ عدد الطلاب وانتهاء الدوام الرسمي عند الساعة الثالثة ظهراً.
 
تكاثر لم تتوقَّعه البنى

يوجد ما لايقلُّ عن 8 آلاف طالب في التعليم الافتراضي، وبينما تمَّ قبول ما لا يقلُّ عن 1575 طالباً في الجامعة الافتراضية هذا الفصل، وصل عدد الطلاب حتى خريف 2009 في دبلوم التأهيل التربوي إلى 216 طالباً، وفي تكنولوجيا المعلومات 1200 طالب، وفي هندسة النظم المعلوماتية 598 طالباً، وفي الحقوق 598 طالباً، وفي ماجستير علوم الويب 300 طالب، وفي الاقتصاد 500 طالب، وفي ماجستير إدارة التقانة 148طالباً، وفي ماجستير إدارة الجودة 243 طالباً، وفي اللغة الإنكليزية 700 طالب، وفي ماجستير إدارة الاعمال 330 طالباً، وفي ماجستير تقانات الويب 187 طالباً. كما وصل عدد طلاب جامعة غرينيتش إلى 320 طالباً، وطلاب التجسير 91 طالباً. ولاستيعاب هذه الأعداد أنشأت الجامعة الافتراضية السورية حوالي 13 مركزاً مجانياً للنفاذ، منتشرة  في أغلب المحافظات السورية، إضافة إلى 4 مراكز موزَّعة في دمشق. وتتراوح أسعار المواد بين 6 و11 ألف ليرة سورية. ومع الإقبال الكبير على التسجيل هذا الفصل، هناك سياسة- بحسب الحيالي- للحدِّ من هذه الأعداد؛ من خلال رفع المعدلات المطلوبة. مضيفة أنَّ الشهادة، بعدما كانت تُوقَّع من قبل وزير التعليم العالي في البداية، اقتصر الاعتراف بها على توقيع مدير الجامعة، فالشهادة معترف بها في سورية، ويخضع الاعتراف الخارجي بها للقوانين الخاصة بالدول الأخرى.
أما عدد المواد المسموح تقديمها في الامتحانات الافتراضية، وهي 12 مادة، فإنَّ الحد الأدنى هو 3 مواد للطالبات، و6 مواد للطلاب، كون معظم الذكور لديهم خدمة علم.
 
ضاعت الطاسة
الطالبة(أ- خ) في برنامج «HND»، لها مشكلة مستعصية حتى بعد تجديد تسجيلها لفصلين، فبعد دراستها في الجامعة العربية المفتوحة في الأردن، طلبت وزارة التعليم تعديل الشهادة الصادرة عن الأونروا من وزارة التربية، التي طلبت بدورها إحضار مجموعة من الأوراق الثبوتية، من ضمنها كتاب من الجهة المانحة للشهادة يثبت صحتها، ويتمُّ بين الجامعة والجهة المانحة من دون تدخُّل الطالب، ما يتطلَّب «لفة طويلة» قد تستغرق سنتين أو أكثر، نظراً إلى عدم إمكانية الجامعة تصديق هذا الكتاب، ورفض وزارة التربية تصوير كتاب مشابه. وبحسب إدارة الجامعة، فإنَّ السبب قد يكون في الجهة المانحة ، أو في صدقية الشهادة، أو في مقدار معدلها، ولا يمكن إعطاء (أ- خ) شهادة الدبلوم ما لم يتم تعديل الشهادة الأصلية على الرغم من سلامة كلِّ أوراقها الثبوتية.

لاتواصل.. لاتقييم
الدكتور هامس زريق، مدرس مادة «الأوراكل» في اختصاص تكنولوجيا المعلومات اعتبر أنَّ قلة الكادر الإداري مقارنة بعدد الطلاب المتزايد، وغياب المبنى المخصَّص للجامعة الافتراضية، ما هي إلا مشاكل جزئية بسيطة أمام المشكلة الأكبر المتمثِّلة في بطء الإنترنت، وازدحام مراكز النفاذ بالطلاب سواء في دمشق أم في المحافظات الأخرى، وضعف الخدمات والتقنيات وقدم الأجهزة، ما يشكِّل- بحسب الدكتور زريق- حصيلة مشكلات خارجة عن إرادة الجامعة، تتعلَّق بالبنى التحتية، يدفع ثمنها الطلاب.. ويرى الدكتور زريق، أنَّ المعلومة تصل في الافتراضي بطرق مختلفة عن التعليم التقليدي، مع عدم التماس ما بين الأستاذ والطالب، ما يشكِّل فجوة تمنع من متابعة عمل الطالب وتقييم أدائه، ويسمح للطلاب بأخذ راحتهم في نقل الوظائف والمشاريع والتمارين المقرَّرة عليهم خلال الفصل، إما من باقي الطلاب أو من خلال التعاقد مع مكاتب خاصة، ما يعزِّز في النهاية حالة عدم ثقة الأستاذ بقدرات كلِّ طالب، نتيجة عدم القدرة على ملاحقته.. وكما لكلِّ مشكلة حل، أوجدت الإدارة نتيجة ظهور هذه العقبة حلاً في تخفيض نسبة علامة الوظائف والمشاريع من 40 % إلى 15 %، ويبقى الصفر مزيِّناً امتحان كلِّ طالب تتشابه إجاباته مع إجابة الطالب أو الطلاب الآخرين. وبينما ترافق علامة أيِّ مادة لسلّم التصحيح، يحقُّ للطالب الاعتراض على علامته خلال أسبوع قبل تثبيت العلامة، والأمثلة كثيرة على تعديل علامات طلاب في هذه الفترة. وأضاف: «أصبحنا في موقع لم يعد بإمكاننا إنكار نجاح التعليم الافتراضي بعدما أثبت تفوُّقه على التعليم العادي في بعض المناطق، جرّاء خلقه آليات جديدة للتواصل مع الطلاب وإتاحته إمكانية تسجيل المحاضرة وسماعها في أيِّ وقت ومن أيِّ مكان.
كما أتيح للطلاب اختيار حضور المحاضرة أو عدمه، ولكلِّ أستاذ- بحسب الدكتور زريق- طريقته في التحكُّم بنسبة الحضور في صفه، وعدم الاستجابة إلى إيميلات الدكتور هو الدليل الأكبرعلى عدم متابعة الطالب، فالطالب عند الدكتور مجرّد رقم.


 
 الدبلوم العالي.. عالٍ
بحسب منسقة الدبلوم الوطني العالي، غصون الأشقر، بلغ عدد المسجِّلين  في الدبلوم الوطني العالي 524 طالباً في خريف 2009 و883 طالباً في ربيعه، نتيجة خضوع غير المقبولين في الخريف إلى دورات تقوية في اللغة الإنكليزية، لأنَّ الدبلوم، حتى إن قُسِّم إلى فرعين أحدهما باللغة العربية والآخرالإنكليزية، فإنه يشترط في خمس مواد منه تحقيق المستوى الرابع في إتقان اللغة الإنكليزية، في الوظائف والامتحان، كونه يتيح أخذ شهادتين (عربية وأجنبية)، ومن المؤسف أن تتيح الأخيرة فرص عمل في الخارج تفوق فرص الشهادة العربية بكثير.
على عكس ما بيَّنه بعض الطلاب في امتحان تصميم الإنترنت؛ حيث واجه بعض الطلاب في القسم العربي من الدبلوم الوطني العالي، صعوبات كثيرة جرّاء وجود الأسئلة باللغة الإنكليزية من دون ترجمتها سوى لبعض الطلاب المحليين في ذات المادة، ما أشعر الطلاب من خارج سورية  بعدم المساواة مع غيرهم من طلاب البرنامج نفسه. إضافة إلى ما حصل في مادة «تطبيقات الجوال» في العاشر من الشهر الحالي؛ عندما أرسل موجّه المادة رسالة إلى طلاب إحدى الدول المجاورة مفادها: «لايوجد أسئلة مقالية (أظنه أفضل لكم) بل أسئلة من نمط صح أو خطأ أو أسئلة الاختيار من المتعدد، وكلُّ سؤال يستحقُّ دقيقة أو دقيقتين، بينما جاءت أسئلة الطلاب المحليين عبارة عن 3 أسئلة مقالية، بالإضافة إلى كتابة برنامج وحفظه وتحميله، وهذا ما تمََّ استبعاده في أسئلة طلاب الدولة الأخرى.

وعد زينية

المصدر: بلدنا

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...