المرأة السورية عبر العصور

15-06-2010

المرأة السورية عبر العصور

بدعوة من الهيئة العامة للتدريب السياحي والفندقي ألقت الباحثة فتاة كامل جديد محاضرة غنية بمعلوماتها مزودة بالصور التوضيحية.

معظمها من الآثار القديمة ومدعّمة بالأمثلة والأدلة والشواهد التاريخية والمعاصرة جاءت بعنوان (المرأة السورية عبر العصور صانعة المستقبل) وقد بدأت بالقول: من الطبيعي أن أتكلم أنا كامرأة عن النساء في سورية الطبيعية، سورية المؤنثة المذكرة، التي أنجبت ماري وأليسار التي انتقلت من صور إلى شمال أفريقيا وبنت مدينة قرطاجة، وجوليا دومنا الإمبراطورة الحمصية المولد سنة 158م المكتملة الصفات جمالاً وعقلاً التي أحاطت نفسها بالفلاسفة والعلماء وأفسح لها ابنها الإمبراطور كركلا مجالاً واسعاً في الحكم نظراً لرجاحة عقلها وصواب رأيها، وبتأثيرها منح ابنها عام 212م حق المواطنية لجميع رعايا الإمبراطورية الرومانية وساواهم بالرومان في الحقوق والواجبات، وإضافة لكونها إمبراطورة فقد كانت تدير مجلساً ثقافياً يجتمع فيه الأدباء والشعراء والفلاسفة والحكماء من أنحاء الإمبراطورية.. وزنوبيا الفارسة العفيفة الطموحة الشجاعة صاحبة الحنكة والجرأة والتي ساهمت قي تنشيط الحياة الروحية والفكرية لتلك الفترة واتصالها مع أعلام الفكر والفلسفة والدين قي زمانها والتي تجيد التحدث بأكثر من ثلاث لغات، وقامت بصك النقود باسمها، وصاحبة المشروع الطموح الاستيلاء على الشرق كله والاستيلاء على روما.... ‏

أهمية المرأة الأم في صناعة المستقبل ‏

مع انطلاق الثورة الزراعية في نهاية الألف التاسع قبل الميلاد، من بلاد الشام تمحورت مجتمعات تلك المنطقة حول الأم كواقع وكمفهوم لتشكل الأنثى الأم أولا نواة أسرة حمل أبناؤها اسم والدتهم التي قامت بالأعمال الزراعية وحفظ المواد الغذائية في أماكن محددة داخل غرف السكن، واهتمت كذلك بتصنيع الأواني الفخارية.... ‏

ربات المعابد.. والأميرات ‏

فقصور ماري «تل الحريري» على سبيل المثال، وعلى امتداد القرن الثامن عشر (ق.م) احتضنت أجنحة خاصة بالملكة الأم وكاهنات المعبد وزوجات الملك والأميرات إلى جانب الموسيقيات والمعلمات والكاتبات والمرضعات وحارسات الحرملك والمربيات إضافة للخادمات والطباخات.... ويأتي دور اقتران الأميرات من ملوك المنطقة ليخدم التحالفات السياسية والعسكرية بين حكامها على غرار زواج زمري ليم ملك ماري من اثنتي عشرة زوجة تنتمي لممالك مجاورة أمورية.. كالأميرة شيبتو ابنة ملك يمحاض حلب والأميرة دام حوراصي من مملكة قطنا «المشرفة» الواقعة شمال شرقي حمص... ‏

ربات الجمال ‏

هذا وتتجسد ربات الجمال والخصوبة والأمومة بأشكال تماثيل طينية حيناً وحجرية وكلسية أحياناً أخرى كما في مكتشفات موقع «تل المريبط» الواقع على الضفة اليسرى لنهر الفرات وتعود تلك الحضارة للألف الثامن ق.م. وفي تل أسود بغوطة دمشق.. ومن أبرز الأمثلة كذلك على مكانة المرأة المتقدمة في المجتمعات السورية الأمومية تماثيل الربة «عشتار» في تل براك وأوغاريت وماري.. تداخلت عبادة الربات السوريات مع مثيلاتها اليونانية والرومانية لتلبس عشتار حلة كل من أفروديت وفينوس، بينما اقتبست اللات شخصية أثينا.. ‏

المحاربة.. والمتزينة ‏

ولم يقتصر دورها في بلاد الشام على الأمومة فحسب وإنما شاركت كذلك في الحروب المستعرة في المنطقة أكان أيام الاسكندر الأكبر والدولة السلوقية عام 312 ق.م، أو أيام الرومان عام 64 ق.م، أو في ظل الإمبراطورية البيزنطية عام 394م.... وتكشف الآثار التي تم العثور عليها في تدمر أثرى حواضر بلاد الشام وأبرز محطة على طريق الحرير أدوات بهرجة وزينة نساء المملكة من حلي ومصاغ المرأة السورية آنذاك كالأقراط والأساور والخواتم والميداليات والعقود الذهبية والفضية المرصعة بالأحجار الكريمة والتي تعتبر من أجمل مقتنيات المتاحف السورية.. ‏

المرأة مفتاح التطور ‏

هذا في العصور القديمة أما اليوم فالنساء كما قال ماوتسي تونغ «يحملن نصف السماء».. نعم هذا صحيح، لأن المرأة تتقدم على الموارد الطبيعية أمام النفط والذهب.. ولأنها مفتاح التطور الاقتصادي وعجلة التقدم الاجتماعي في أية بقعة من العالم... ومن المؤكد أن نصف معاناة الشعوب مرتبط بمعاناة نصف المجتمع إذا صحت تلك التسمية التي تطلق على المرأة «مجازاً» ‏

في التاريخ الأقرب ‏

في التاريخ الأقرب ومنذ مطلع القرن العشرين ساهمت المرأة بما أتيح لها المساهمة في مجال الثقافة والتربية والفنون فكانت الأديبات والشاعرات والمعلمات وصحفيات أنشأن مجلات وصحف أجنبية نذكر منهن: جوليا طعمة التي أصدرت مجلة المرأة في عام 1913م، ومي زيادة، وماري العجمي، ونازك العابد، ووردة اليازجي، إضافة إلى مشاركتها في الحركات الجهادية ضد الاحتلال وقيادتها للمظاهرات، ومساهمتها قي أعمال الإسعاف والخدمات الاجتماعية والفنية في المجالس الثقافية.. ‏

حياة المجتمع لا يمكن أن تتجزأ ‏

وفي ختام محاضرتها تؤكد الباحثة فتاة جديد بأنه لم تعد القضايا المتعلقة بالمرأة كما كانت عليه مطلع القرن العشرين بعد إن انتزعت حق التصويت؛ فحياة المجتمع لا يمكن أن تكون مجزأة بل هي متكاملة وتشمل شؤون الحياة كافة ومكونات المجتمع كلها، وفعاليتها حسب مؤهلاتها، وأن الدور الذي لعبته المرأة السورية في التاريخ وما تلعبه حالياً ليس عبارة عن ظاهرة بل هو حقائق كما حددته ثقافة المجتمع ونظرته. ‏

سمير المحمود

المصدر: تشرين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...