رباعية «تقاطع خطر» تتشابه مع مسرحية «مهاجر بريسبان»
لدى مشاهدة الرباعية الدرامية «تقاطع خطر» التي عرضتها فضائية «أم بي سي» مؤخراً، قصة وسيناريو وحوار رافي وهبي، إخراج الليث حجو، نستعيد بشكل لاواع أحداث المسرحية الشهيرة «مهاجر بريسبان» للكاتب اللبناني الفرانكوفوني جورج شحادة. فالخيوط الدرامية والحبكة وطبيعة الصراع والفضاء المكاني، والرسالة كلها عناصر متشابهة في العملين.
الفضاء المكاني في العملين هو قرية صغيرة، يدخلها رجل في «مهاجر بريسبان» ليلاً للاستراحة، لأن الحوذي الذي كان يقلّه قد تعب من العمل فتركه فيها. وفي الرباعية يتوقف رجل أعمال في قرية بسبب تعطل سيارته فيها. وكل من الشخصيتين في العملين غريبتان عن مكان الأحداث.
محرك الأحداث في المسرحية هو كلامي وليس حدثيا، ويتمثّل في ما أشاعه عمدة القرية من خلال سكرتيره، من أن المهاجر العائد قد ترك مالاً أوصى به إلى ابن من امرأة عاشرها قبل عشرين عاماً جاء يبحث عنه. أما المحرك في الرباعية فهو ايضاَ حوار دار بين شاب والرجل الغريب (كان قد دعاه قبل يوم الى حضور خطبته) يطلب فيه الاول من رجل الأعمال شراء أرض في القرية لبناء فندق عليها، لتعديل مشروعه المقرر في بنائه في القرية المجاورة، في محاولة لإنعاش القرية اقتصادياً. عندها يطلب الرجل من الشاب لقاء ذلك التنازل عن خطيبته.
اذاً، عبر شائعة العمدة في «مهاجر بريسبان» وتحدي رجل الأعمال في «تقاطع خطر»، يتخلخل الإيقاع اليومي لحياة أبناء القريتين، ويشتعل الصراع.
في المسرحية يبدأ التحقيق من قبل سكرتير العمدة، مع بعض نساء القرية لعل إحداهن تتعرف على المهاجر، عبر صوره القديمة، فتكون هي أم الولد. ويبدأ التصاعد الدرامي للمسرحية من خلال صراع الشخصيات في ما بينها، فتنكشف أبعادها النفسية وقيمها الأخلاقية، لا سيما الشخصيات المحورية: «باربي»، «سكارميلا»، «وبيكالوجيا» وزوجاتهم «ماريا»، «روزا»، ولورا. إذ يتنازعها الشرف، وشهوة امتلاك المال.
أما في الرباعية فيبدأ أهل القرية يفكرون بالمنافع التي ستعود عليهم من فسخ الخطوبة، ويحاولون إقناع والد الخطيبين بضرورة فسخها، وهذا ما كان يعتمل في نفس الخطيبين. فتشتعل النزاعات بين أهل القرية، ضاربين عرض الحائط علاقة الحب التي تجمع بين الشاب والفتاة، وتشتد حدة النزاعات في عائلتي الخطيبين، وداخل كل عائلة على حدة، حيث تصل الامور الى الضرب والتشويه والطلاق.. وتستكمل النزاعات دائرتها لتفكك العلاقات بين أهل القرية ككل، الذين يتبادلون إطلاق النار وإشعال الحرائق، جراء مغادرة رجل الأعمال للقرية بعد عدوله عن تنفيذ المشروع.
اذاً مقابل المال، تنعى الرباعية الحب بين البشر، فيما يتهاوى الشرف في المسرحية. إذ حاول باربي إقناع زوجته بالإدلاء بأنها هي أم الولد، للحصول على إرث المهاجر. ولا ينتهي الصراع بينهما إلا بمقتلها على يديه، لعدم انصياعها له. اذاً سياق الأحداث وتدرجها في كلا العملين متشابهان، ويفضيان الى الاستنتاج ذاته: المال يفسد العلاقات الإنسانية.
نضال بشارة
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد