الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون تستغني عن عدد كبير من موظفيها
أثار قرار وزير الإعلام الدكتور محسن بلال بناء على اقتراح الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون بفصل حوالي خمسمائة شخص من العمل في الهيئة جدلا واسعا في الأوساط الإعلامية والاجتماعية..
ويقال أن هناك قوائم جديدة ستصدر بالاستغناء عن عمل مئات آخرين قد يصل مجموعهم إلى ألف وخمسمائة عامل على نظام العقود والبونات...
بعض الصحفيين والمنابر الإعلامية التي كانت تنتقد كثيرا وجود هذا الجيش الهائل من العاملين في الإذاعة والتلفزيون والذين يطلق عليهم (بطالة مقنعة) أقول هذه المنابر نفسها بدأت بالتباكي على هؤلاء الذين قطعت أرزاقهم وتنتقد قرار الوزير الذي يحاول مع مدير عام الهيئة الأستاذ معن حيدر إعادة هيكلة الهيئة وتصحيح الكثير من القرارات السابقة التي أضرت بعملها ومهنيتها..
نحن نعرف أن أي برنامج تلفزيوني يتعيش عليه العشرات من العاطلين عن العمل والأقرباء والخلان تحت اسم بونات أو عقود.. فالبرنامج الذي يعمل فيه فعليا عشرة أشخاص تتضمن شارته أربعون اسما ؟!! أي هناك ثلاثين شخصا شاركوا العشرة جهدهم وعرقهم وقاسموهم على أجرهم...
نحن لا ننفي آثار هذا القرار الظالمة بعض الشيء من الناحية الاجتماعية لكن الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون تحولت في العقود الثلاثة الأخيرة إلى جمعية خيرية بكل معنى الكلمة يستطيع أي شخص فاشل مدعوم الدخول إليها كإعلامي ناجح لا يشق له غبار ....
البعض من المفصولين ظلموا مرتين الأولى عندما عملوا في عمل غير مؤهلين له وقطعوا الطريق هم و داعميهم على المهنيين والمثقفين في الشأن الإعلامي ومرة ثانية عندما تم فصلهم بعد أن تعودوا على الإيرادات الشهرية التي تأتيهم دون أي جهد يقدمونه للإعلام وللمهنة..
لذلك يأتي قرار وزارة الإعلام وإن متأخرا ليصوب مسارا خاطئا تكرس عبر سنوات طويلة في كل مؤسسات الحكومة ومنها الهيئة ..وهذه الخطوة تأتي في سياق التحول في مؤسسات الدولة إلى نظام اقتصاد السوق (الاجتماعي) الذي يتطلب كفاءات عالية في كل الجهات والمؤسسات مع فتح الطريق واسعا للقطاع الخاص بتشغيل القادرين على العمل والمساهمة في بناء وتطوير البلد، وبالتالي الحكومة ومؤسساتها لم تعد (ميتما) يلتقط المشردين والعاطلين لتزج بهم في المعامل والشركات التي سيكون أحد أسباب انهيارها وخساراتها هذه الحشود من العاملين بلا أية إنتاجية..
لكن السؤال المطروح الآن من هم وراء وجود المئات أو الآلاف في الهيئة من المتعيشين على حساب قلة من المجتهدين والمهنيين وأصحاب الثقافة والحاملين للهم الإعلامي؟!!
ولماذا لا تحاسب الإدارات السابقة التي فتحت الباب لكل من هب ودب للدخول إلى هذا المكان؟ والسؤال الذي يفرض نفسه أيضا في ظل هذه المعمعة كيف يتحول السائقين إلى تقنيين في الإذاعة والتلفزيون وكيف تتحول السكرتيرات إلى معدي برامج وصحفيات وكيف تنتقل ضاربات آلة كاتبة سابقا ومنضدات كومبيوتر لاحقا إلى التحرير ؟ وهذا الأمر لم يحصل فقط في الهيئة بل في الصحف أيضا فكم من موظفي الاستعلامات والحراس والأرشيف والديوان تحولوا إلى صحفيين وبعضهم احتل مناصب إعلامية مفصلية !!
إذا ورغم كل الآلام لابد من تصحيح المسار الإعلامي والبداية تنظيف الجسد من الدمامل والبثور والتقرحات التي نالت منه بفعل تلوث المناخ الإعلامي لكي يبدأ العمل بكفاءة عالية ... ففي التلفزيون والإذاعة وصحفنا هناك المئات من المبدعين والمجدين والمهنيين الذين إن سنحت لهم الفرصة سيساهمون بالارتقاء بالعمل الإعلامي ونقله إلى مستوى راق وعميق يساهم بفعالية في صياغة رأي عام مستوعب لتحولات البلد الكبيرة وآفاق تطورها..
أحمد الخليل
صحيفة تشرين (ملحق الدراما)
التعليقات
خطوة في الاتجاه الصحيح
على أمل ....
إضافة تعليق جديد