اليمن: الوساطة الخليجية في طريق العودة وواشنطن تعدّ لحربها «السريّة»
أعلن مجلس التعاون الخليجي خلال اجتماعه في جدة أمس، عودة الوساطة الخليجية إلى معادلة الازمة اليمنية، بالتزامن مع اتصال بين الرئيس الأميركي باراك اوباما والملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز تباحثا خلاله في «الأوضاع الإقليمية»، على خلفية هدوء نسبي سائد في اليمن بعد يوم من لقاء نائب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي قيادات أحزاب «اللقاء المشترك» (المعارضة البرلمانية) أسفر عن اتفاق على «مواصلة النقاش»، فيما يصرّ المعتصمون المعارضون أمام جامعة صنعاء على مطالبتهم بسرعة تشكيل مجلس انتقالي لتسيير أمور البلاد.
وقال وزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد آل نهيان امس إن «دول الخليج العربية ستواصل جهودها للعمل على حل الأزمة في اليمن». وقال في اجتماع لدول مجلس التعاون الخليجي في جدة إن «الوضع المضطرب في اليمن على رأس جدول الأعمال»، مضيفا إن المجلس واليمن بذلا جهدا كبيرا لاستعادة الأوضاع الطبيعية، فيما بحث الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز مع اوباما خلال اتصال هاتفي «الاوضاع الاقليمية»، بحسب وكالة الانباء السعودية الرسمية. واضافت الوكالة ان الاتصال الذي تم بمبادرة من اوباما بحث العلاقات الثنائية بين «البلدين الصديقين».
على صعيد آخر، اكد كبير الاطباء المرافقين للرئيس اليمني محمد السياني ان صحة صالح «جيدة وفي تحسن مستمر»، وذلك في تصريحات نقلتها وكالة الانباء اليمنية. وقال السياني ان صالح الذي يتلقى العلاج في الرياض جراء اصابته بهجوم استهدف مسجد القصر الرئاسي في صنعاء «عبر عن شكره وامتنانه» للملك عبد الله بن عبد العزيز وكبار المسؤولين السعوديين «لما قاموا به وقدموه من تسهيلات وعلى الرعاية التي حظي بها» مع باقي المسؤولين اليمنيين المصابين. واضافت وكالة الأنباء اليمنية ان الملك اجرى الاتصال بصالح الذي اشاد بوقوف السعودية الى «جانب اخوانهم في اليمن في ظل الازمة الراهنة والجهود المبذولة لتجاوزها بما يحقق المصلحة الوطنية العليا».
وذكر مسؤولون أميركيون أنه من المتوقع أن تبدأ وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي.آي.ايه) بنشر طائرات بدون طيار مسلحة في اليمن، لتعمل بذلك على توسيع عملية ملاحقة عناصر «القاعدة» في هذا البلد الذي عرقلت فيه الفوضى السياسية جهود مكافحة «الإرهاب». وذكرت صحيفة «واشنطن بوست» أن خطة إرسال طائرات بدون طيار من طراز «بريداتور» وغيرها تديرها الـ«سي.آي.ايه» في المنطقة، تعكس قرارا اتخذه الرئيس الأميركي باراك أوباما ازاء التهديد المتصاعد للتنظيم، إلى حد أن الدوريات التي تقوم بها الطائرات بدون طيار التابعة للجيش الأميركي لم تعد كافية. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين، قولهم إن الـ«سي.آي.ايه» ستعمل بالتنسيق التام مع قيادة العمليات الخاصة الأميركية المشتركة، التي كانت تسير دوريات بطائرات «بريداتور» وطائرات أخرى بدون طيار فوق اليمن على مدار العام الماضي. ووصفت الصحيفة المهمة الاميركية الجديدة بأنها تصعيد كبير في الحرب الأميركية السرية في اليمن، وتوسيع هائل لنطاق العمليات العسكرية التي تقوم بها الطائرات بدون طيار التابعة لـ«سي.آي.ايه».
في هذه الاثناء، اكد وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس أن الوضع في اليمن يتحسن بشكل جوهري بعد مغادرة الرئيس البلاد للعلاج في السعودية، مستبعدا نشوب حرب واسعة النطاق في المنطقة. واشار غيتس بتفاؤله الى امكان توصل طرفي السلطة والمعارضة اليمنيتين بالاضافة الى الجيش والقبائل وعائلة الرئيس علي عبد الله صالح الى تسوية سياسية في غيابه.
الى ذلك، قال قائدا البحرية الاميركية والبريطانية ان الممرات الملاحية الرئيسية قبالة اليمن ستظل آمنة رغم الاضطرابات التي تشهدها البلاد، وصرحا بأن نشر قوات من البحرية يمكن ان يحدث سريعا اذا اقتضت الضرورة ذلك. ونجح متشددون في شن هجمات بحرية ناجحة في المنطقة من قبل، كما هدد «القاعدة» باستهداف السفن في مضيق باب المندب الذي يمر منه أكثر من ثلاثة ملايين برميل نفط يوميا في الطريق الى أوروبا والولايات المتحدة وآسيا. وصرح قائد العمليات البحرية الاميركية الاميرال جاري روهيد ان «باب المندب ومضيق هرمز والخليج كلها ممرات بالغة الاهمية». وقال للصحافيين في افادة مشتركة في لندن مع نظيره البريطاني مارك ستانهوب أمس الاول «وجودنا هناك مهم.. القوات التي لدينا هناك توفر لنا خيارات اذا استدعيت القوات البحرية للتحرك كما لدينا قوات كبيرة في منطقة مكافحة للقرصنة. نعتزم ان نتواجد هناك في المستقبل».
من جهتهم، واصل المعتصمون أمام جامعة صنعاء مطالبتهم بتشكيل مجلس انتقالي. وأكدت اللجنة التنظيمية للثورة الشبابية الشعبية تمسكها بمطالبها وفي مقدمتها «إسقاط بقايا رموز وأركان حكم صالح وتقديمهم للمحاكمة». وأكدت في بيان رفضها أي حوارات ومبادرات مع بقايا نظام صالح باعتبارها اتفاقات تفتقر للشرعية الثورية.
وحمّلت تنظيمية الثورة نائب رئيس الجمهورية «المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كل الجرائم التي ترتكب من قبل بقايا فلول وأبناء صالح الآن»، مؤكدة في السياق ذاته أنه «لن يكون في منأى عن المساءلة طالما قبل لنفسه القيام بمهام صالح».
وشهدت صنعاء ومدينة تعز جنوب البلاد، هدوءا ملحوظا، بالرغم من وقوع بعض الاشتباكات المسلحة بعد اتفاق السلطة المحلية مع قيادات «اللقاء المشترك» على خلفية إنهاء ظاهرة حمل السلاح في تعز. وعاشت تعز على مدى أسبوعين اشتباكات مسلحة عنيفة بين القوات الحكومية التي تمكنت من إجلاء المعتصمين عن أكبر ساحاتها بالقوة وبين عناصر مسلحة تابعة للمعارضة وأخرى من القبائل التي جاءت من المناطق المجاورة لتعز لمناصرة المعتصمين المناهضين للنظام.
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد