رحيل صاحب «حارة القصر» عادل أبو شنب ذاكرة عن الشام.. أهملتها الدراما السورية
فعرفته الأوساط الثقافية السورية والعربية صحافياً وناقداً وروائياً وقاصاً وكاتباً للمسرح والإذاعة والتلفزيون. وشارك في وضع اللبنات الأولى للتلفزيون السوري، وكان أحد الرواد المؤسسين للدراما السورية، بوصفه كاتباً لأولى أعمالها الدرامية المحلية الإنتاج وأشهرها.
وارتبط اسم أبو شنب بتأسيس أكثر من منبر ثقافي مهم في سوريا، فكان من مؤسسي «اتحاد كتاب العرب»، وشارك في تأسيس جريدة «تشرين» السورية، ومجلة «أسامة» وهي أول مجلة سورية للأطفال، وتكاد تكون الوحيدة.
ولم يغب إسم عادل أبو شنب كصحافي وكاتب زاوية في الصفحات الثقافية السورية حتى اللحظات الأخيرة من حياته، وواصل الرجل كتاباته الروائية والقصصية، إلا أن اسمه غاب عن قائمة كتاب الدراما السورية، في وقت شهدت فيه الأخيرة انتشار موجة مسلسلات عرفت باسم مسلسلات البيئة الشامية. وكانت تفترض نظرياً أن يكون إسمه الأول بين كتابها، أو أقله مستشاراً درامياً فيها، فابن حي القيمرية في دمشق القديمة، والمولود فيها العام 1931، اشتهر بتميز معظم كتاباته بتناولها الأحياء والحارات الدمشقية القديمة والعادات والتقاليد فيها، فضلاً عن أحاديث ذكرياته عن تاريخ المدينة وناسها. وفي أكثر من حوار صحافي، كان الراحل يؤكد هوسه بالشخصيات التي عايشها في حي القيمرية، وقد عاش فيه معظم شبابه، ولم ينقطع تواصله مع الناس فيه حتى سنوات عمره الأخيرة.
كل ذلك كان من شأنه أن يجعل اسم عادل أبو شنب من بين أهم كتاب مسلسلات البيئة الشامية، ولا سيما أن اسمه ارتبط أيضاً، بأحد أهم الأعمال الدرامية مطلع السبعينيات، وهو «حارة القصر» (أنتج العام 1969 وأخرجه علاء الدين كوكش). وقد استلهم شخوصه وحكايته من الحارة الشامية، وحقق جماهيرية كبيرة، لدرجة قيل إن الشوارع كانت تخلو وقت عرضه. وسواء غاب عادل أبو شنب عن دراما البيئة الشامية أو غيب عنها، تبقى حقيقة ثابتة وهي أن الدراما السورية لم تستطع أن تستثمر ذاكرة الرجل، ومعايشته للواقع الاجتماعي والثقافي للحياة الدمشقية، ضمن أسوار المدينة القديمة.
كتب الراحل عادل أبو شنب أكثر من مئتي تمثيلية ومسلسل إذاعي، بينها مسلسلات كتبت خاصةً لإذاعات لندن والكويت والسعودية، فيما كتب للتلفزيون أكثر من عمل درامي، بالإضافة إلى مسلسله «حارة القصر»، منها: «فوزية»، «هذا الرجل في خطر» ، «العرس الأكبر»، «وضاح اليمن»، وكان آخرها «يوميات أبو عنتر» في العام 1997، الذي كان المأمول منه أن يثبت أقدام أبو شنب بين كتاب الدراما السورية إثر اكتساحها الفضائيات العربية في التسعينيات. إلا أن المسلسل لم يكتب له النجاح، وأخذ عليه النقاد وقتها مباشرته وأسلوبه الوعظي.
لذا ظل مسلسل «حارة القصر» الأهم بين أعماله الدرامية، وعنه كتب الراحل أبو شنب في زاويته الأسبوعية في جريدة الثورة السورية بتاريخ 14/6/2005: «كان لعرض مسلسل (حكاية حارة القصر) الذي بثه التلفزيون السوري العام 1970 طعم خاص لدى المتلقين، ربما لأنه كان المسلسل المحلي الأول الذي ينتجه التلفزيون السوري. كنا نعرض الحلقة مرة أسبوعيا، وكنت أكتب الحلقة الجديدة بعد عرض سابقتها، لتخرج وتنفذ وتبث، بعد أسبوع. وهذه الكتابة كانت تعني أن مخططاً للحلقات غير موجود، وأنه بإمكاني تغيير مسيرة الأحداث. ولقد أدى غياب محمد خير حلواني ذات يوم عن التصوير، إلى تغييبه من المسلسل كله، ثم أدى ندمه إلى إعادته إليه مجدداً، بعد موته في المسلسل. وهذا ما لم يحدث في ما بعد، إذ راحت مؤسسات الإنتاج لا تصور عملاً إلا إذا كان كاملاً على الورق. ما يهمني قوله الآن إن كتابة المسلسل أثناء عرضه جنح به إلى نكهة بوليسية أثارت العمل، وربطت الناس به، ربما لأنه عمل محلي جديد يبث للمرة الأولى مع طوفان المسلسلات المصرية، التي كانت المادة التمثيلية الأولى تلفزيوننا. بل في جميع التلفزيونات العربية».
رحل عادل أبو شنب بهدوء، ربما أهملته الدراما السورية، وقد كان من الممكن أن يكون أهم الرواة فيها. ولكن ربما تستحق سيرة حياته، أو كتبه عنها في زواياه الصحافية وكتبه الأخرى، أن تكون مادة درامية، عن تاريخ الشام، فهل من أحد يلتقطها؟
ماهر منصور
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد