لبنان يدخل مدار العاصفة السورية.. فهل يخرج منها سالما؟
انتقل الحدث السوري بتداعياته وردود فعله إلى الداخل اللبناني، بعد أن خرجت الأمور عن السيطرة، وباتت أسيرة التطورات الأمنية والسياسية العاصفة بالمنطقة، بحيث يُلاحظ أنّ السياسة في لبنان تسير على وقع الأحداث السورية وتطوراتها الميدانية. وكل ذلك في ظل اشتداد الصراع بين نظام الرئيس بشار الاسد والمعارضة المدعومة من الغرب والدول الخليجية، مع تسجيل ملاحظة لا بد من التوقف عندها، وهي أنّ اشتداد الهجمة السعودية القطرية على الأسد تترافق مع انكفاء ضاغط من أميركا وتركيا. فالاولى بدأت تتفرغ لانتخاباتها الرئاسية مكتفية بالاعتبار أنّ سقوط نظام الاسد بات مسألة وقت من دون تحديد قيمته وماهيته، اما الثانية فبدأت تعيش هاجس انتفاضة حزب العمال الكردستاني التي أربكت حكومة رجب طيب أردوغان، ودفعت بمساعديه إلى الإعلان عن صعوبة أو استحالة إقامة منطقة عازلة على حدودها مع سوريا.
وفي هذا الوقت، ينقل زوار العاصمة السورية عن قياداتها السياسية الكثير من الاستغراب للمواقف اللبنانية الأخيرة، ويشيرون إلى أنّها لا تخدم على الاطلاق سياسة النأي بالنفس التي نادت بها حكومة نجيب ميقاتي ولاقت ترحيبا دوليا وتفهما سوريا، خصوصا بعد ان تفاقمت في الايام الاخيرة موجة تهريب السلاح والمقاتلين من الشمال اللبناني بالتزامن مع حملة سياسية مركزة هادفة إلى عزل سوريا انطلاقا من لبنان، كما إلى تأليب الرأي العام ضدّها وكل ذلك تحت انظار القيادات اللبنانية، بدءًا من مواقف رئيس الجمهورية التي تعتبرها القيادة السورية ملتبسة للغاية، خصوصا بعد موقفه الداعم لعملية توقيف الوزير السابق ميشال سماحة وما تلاها من تسطير لمذكرات بحق قيادات سورية أمنية رفيعة، مع الإشارة أيضا إلى أنّ هؤلاء الزوار ينقلون عن القيادة السورية اعتبارها ان توقيف سماحة وتسطير المذكرات هما لاستفزاز الرئيس الأسد ولتوظيف هذا الواقع الجديد في متاهات دولية بدأت تباشيرها مع دعوات من هنا وهناك لنشر قوات طوارئ دولية على الحدود اللبنانية – السورية.
ويكشف هؤلاء أنّ سوريا لن تقف مكتوفة الايدي تجاه ما تتعرض له، بحسب وصفها، انطلاقا من لبنان، فهي تعتبر أنّ المساس باي حلقة من المحور الممتد من إيران إلى لبنان مرورا بها وبالعراق يشكل تهديدا استراتيجيا لها، وهي بالتالي مرغمة على التعاطي معه من هذا المنطلق، بعيدا عن كل الاتفاقيات الناظمة للعلاقات اللبنانية السورية التي خرقها لبنان (بحسب التعبير ايضا وايضا).
ولا يخفي هؤلاء قلقهم المتمادي من ردود الفعل السورية تجاه لبنان، وهي قد تبدأ بالظهور مع تطهير الجيش السوري لمدينة حلب واعلانها منطقة خاضعة لسيطرة السلطة، وارتداده باتجاه ريف حمص الملاصق للحدود مع لبنان، فتطهير مدينة حلب يعني بالنسبة لسوريا الحد من مخاطر التهريب عبر تركيا، وذلك صحيح ايضا بالنسبة للسيطرة على ريف حمص مع فارق أنّ ريف حمص يعني امتدادا طبيعيا لشمال لبنان الذي لن يكون بمعزل عن ردود الفعل السياسية ولا حتى الأمنية، وذلك في ظل استمرار شريحة كبيرة من القادة اللبنانيين بدعم المعارضة سياسيا وماليا ولوجستيا.
ويخلص هؤلاء إلى التأكيد على دقة المرحلة وخطورتها على لبنان، فانتصار النظام لن يمر مرور الكرام على لبنان الذي سيعاني من اشتداد الضغوط السياسية والامنية كلما تقدم الجيش السوري على طريق الحسم، وذلك لتعويم الموقف بانتظار استحقاقات كبيرة يجري التحضير لها على قدم وساق.
أنطوان الحايك
النشرة اللبنانية
إضافة تعليق جديد