طوابير أمام «العيادات الروحية» في الجزائر: اتساع الشعوذة
أصبح الإقبال على عيادات «الرقية الشرعية» في الجزائر ظاهرة منتشرة بكثرة أمام تزايد ضغوطات العصر واحجام الجزائريين عن دق ابواب العيادات النفسية لاقترانها بالاختلال العقلي والجنون.
وأضحى اللجوء الى الراقي عند كلّ ضرّر يمسّ شخصاً ما أو ضيق يصيبه أو مشكلة تعترضه، كبيرة كانت أو صغيرة، وأصبح الكثيرون يؤوّلون هذه الأمور على أنّها عين حاسد أو مسّ من الجنّ أو سحر ساحر لا يمكن التخلص منها بالطب الحديث.
وتزايدت انتقادات الاخصائيين النفسيين والطب العام لهذا النوع من التداوي، خاصة بعدما اصبحت للرقية الشرعية عيادات مرخصة من طرف الحكومة.
ووجّه أبومسلم بلحمر، المهتم بالرقية الشرعية، والذي أصبح اشهر من نار على علم بعد ظهوره على برنامج تلفزيوني في الجزائر تحدث فيه عن علاقته بالجن والإنس، وكيف أن كبار المسؤولين في الدولة يقصدونه من أجل العلاج بالرقية، رسالة طمأنة إلى المتخصصين في الدراسات النفسية والطب الذين ينظرون إلى «الرقاة» كما يقول على أنّهم يزاحمون ميدانهم.
ويعتمد العلاج على قيام الراقي بقراءة آيات مُعينة من القرآن في كأس من الماء، ثم يقدّمه للمصاب لشربه أو يسكبه على المناطق المصابة من البدن. وقد أصبحت الرُقية الشرعية أسلوباً علاجياً يلقى احتراماً كبيراً لدى بعض الجزائريين.
وانتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة الرقية عبر الهاتف وعبر الفضائيات التلفزيونية، وهذا ما يبين مدى استخفاف البعض بقيم المجتمع والشروط الشرعية لمثل هذه الأمور.
ولا تعترض السلطات الدينية في الجزائر على الرقية الشرعية مثلما هو موصى بها في القرآن، وإنما تُعبر عن استهجانها لحالة الإفراط في اتباعها.
وبالنسبة إلى الإمام الخطيب في مسجد «الأمير عبد القادر» في قسنطينة عبد القادر ركيك فإنّ الرُقية الشرعية لا ينبغي اعتبارها بديلا للطب الحديث في معالجة أمراض العصر. وعبّر عن امتعاضه لبعض المُغفلين الذين يضعون حياتهم بين يدي المشعوذين الذين يلجؤون إلى السحر.
وفي ظل الإقبال الكبير على الرقية الشرعية التي استقطبت كافة شرائح المجتمع باختلاف مكانتهم، استشعر السحرة والمشعوذون الخطر الذي أصاب تجاراتهم بالكساد، فما كان منهم إلا تغيير لافتات محلاتهم، ولكن من دون تغيير البضاعة التي استعملوها لممارسة مختلف أنواع الدجل تحت غطاء الرقية ما أوقع عديد الضحايا في شراك نصبهم واحتيالاتهم.
وعن إقبال الناس على العيادات الروحية ودكاكين الشعوذة، تقول مُنى بوجمعة، طبيبة الأمراض العقلية في مُستشفى «مصطفى الباشا» في الجزائر العاصمة، إنه «العرض والطلب»، موضحة «الكل في حاجة إلى الإعتقاد في شيء ما. الناس الذين يلجأون إلى الراقي يعتقدون في قدرته على العلاج بالقرآن أو بقوة خفية. وفي سبيل البحث عن الشفاء، يسقط المُصاب تحت تأثير السحر والتفكير الصبياني والمتحجّر فهؤلاء الناس يبحثون عن السحر عبر النص الديني».
(عن «ميدل إيست أونلاين»)
إضافة تعليق جديد