مصر: الجهود الديبلوماسية في طريق مسدود
بدا أن الحل السلمي للأزمة السياسية في مصر قد وصل إلى طريق مسدود، حيث أعلنت رئاسة الجمهورية عن فشل الجهود كافة التي قام بها المبعوثون العرب والغربيون الذين حاولوا خلال الأيام الماضية التوصل إلى اتفاق بين «العهد الجديد» المنبثق من الموجة الثورية في «30 يونيو» وبين جماعة «الإخوان المسلمين».
وفيما أثار الإعلان الرئاسي عن فشل الوساطات، التي انخرطت فيها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وقطر والإمارات، المخاوف من مواجهات عنيفة بين قوات الأمن والتحالف الإسلامي المؤيد لمرسي، خصوصاً بعد تصريحات السيناتور الجمهوري جون ماكين، عقب زيارته القاهرة، أن الوضع في مصر ينذر بـ«حمام دم شامل».
ومن المتوقع بعد اغلاق باب الحل التفاوضي أن يتركز النقاش على مستوى السلطات المؤقتة في مصر على السبل المثلى للتعامل مع التحركات الاحتجاجية للتحالف الإسلامي وما يرافقها من أعمال عنف في ظل الواقع السياسي الجديد.
وفي حين توعد رئيس الحكومة المصري حازم الببلاوي بفض اعتصامي «الإخوان» أمام مسجد رابعة العدوية في مدينة نصر وفي ميدان النهضة في الجيزة، فإن المراقبين يرون أن القرار النهائي بشأن هذين الاعتصامين، وغيرهما، سيتخذ خلال الساعات الثماني والأربعين المقبلة، وذلك من ضمن خيارات متعددة تبدأ بالاحتواء والتجاهل وتصل إلى استخدام القوة المتدرجة.
وأعلنت رئاسة الجمهورية، في بيان أصدرته صباح أمس،أن «مرحلة الجهود الديبلوماسية التي بدأت منذ أكثر من عشرة أيام انتهت اليوم (أمس)»، مشيرة إلى انها «تحمّل جماعة الإخوان المسلمين المسؤولية كاملة عن اخفاق تلك الجهود وما قد يترتب على هذا الاخفاق من أحداث وتطورات لاحقة في ما يتعلق بخرق القانون وتعريض السلم الاجتماعي للخطر».
وفي أول رد على بيان رئاسة الجمهورية، اعتبر «التحالف الوطني لدعم الشرعية»، الذي أسسته جماعة «الإخوان المسلمين» وأحزاب إسلامية، في بيان، أن «رئاسة جمهورية الانقلاب العسكري غير الشرعية والمغتصبة للسلطة أصدرت بيانا للأمة اشتمل على المغالطات والأكاذيب في محاولة فاشلة لتجميل الوجه القبيح لانقلاب 3 يوليو».
وأضاف البيان أن «التحالف لم يطلب الجهود الدولية لحل الأزمة واكتفى بالتأكيد على تمسكه بعودة الشرعية وعودة الرئيس مرسي والدستور المستفتى عليه والبرلمان المنتخب»، مشيراً إلى أن التحالف معني فقط بـ«المبادرة التي أعلنها السيد الرئيس الشرعي»، ويرحب «بأي حلول سياسية على قاعدة الشرعية وليس على قاعدة الانقلاب»، في إشارة إلى ما طرحه مرسي من دعوة إلى حوار وطني وتعديل المواد المختلف عليها في الدستور أثناء خطابه الأخير في الثاني من تموز الماضي.
وفي واشنطن، اعتبرت وزارة الخارجية الاميركية أن حل الأزمة السياسية في مصر يتطلب الوصول إلى تسوية، معربة عن قلقها إزاء بيان الرئاسة المصرية، ومشيرة إلى أن «الوقت ما زال متاحاً للحوار».
وعقب إذاعة البيان الرئاسي، عقد رئيس الحكومة المصري حازم الببلاوي مؤتمراً صحافياً أكد فيه أن «لا تراجع عن فض اعتصامي النهضة ورابعة العدوية»، مشدداً على أن هذا «القرار نهائي».
وقال إن «قرار فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة هو قرار نهائي توافق عليه الجميع، ولا رجعة عنه على الإطلاق، مشيراً إلى أن «مراعاة المجلس لحرمة شهر رمضان والعشر الأواخر منه ـ والتي كان يؤمل أن تُحل هذه الأزمة خلال هذه الفترة من دون اللجوء إلى تدخل أمني ـ لا تعني تراجع المجلس عن قراره».
وأضاف أن «المجتمعين في تلك الاعتصامات تجاوزوا كل حدود السلمية وذلك بالتحريض على العنف وممارسته واستخدام السلاح وقطع الطرق وتعطيل حركة المرور والاعتداء على المنشآت العامة وترويع المواطنين واحتجازهم حتى وصلت الاعتداءات إلى المستشفيات والمدارس واستغلال الأطفال، وكلها أفعال يُجرّمها القانون وقارب صبر الحكومة على تحملها على النفاد». ودعا المعتصمين الى العودة الى منازلهم واعمالهم.
وفي بروكسل، أعرب الاتحاد الأوروبي عن قلقه إزاء فشل جهود الوساطة الديبلوماسية لانهاء الأزمة السياسية في مصر. وقال المتحدث باسم وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي مايكل مان «نشعر بقلق بالغ إزاء هذه التقارير»، مضيفاً أن «الاتحاد الأوروبي يحث كل الأطراف السياسية على التوصل إلى حل سلمي للجمود الحالي. ونحن على الأرض نتحدث مع كل الأطراف» في إشارة إلى مبعوث الاتحاد الأوروبي برناردينو ليون الذي يقوم بمهمة وساطة في مصر.
في هذا الوقت، حذر السيناتور الأميركي جون ماكين من أن الاضطرابات في مصر قد تتحول إلى «حمام دم شامل» في الأيام المقبلة إذا أخفقت الجهود الرامية إلى إيجاد حل سلمي للأزمة.
وقال ماكين في مقابلة مع شبكة «سي بي إس نيوز»: «يا للعجب لم أكن اعرف أن الوضع بهذا السوء. هؤلاء الناس لم يبق أمامهم سوى أيام أو اسابيع لينزلقوا الى حمام دم شامل».
وأضاف أنه «لإحلال السلام في مصر سبيلاً واحداً وهو عملية التفاوض والمصالحة بين الأطراف الفاعلة الرئيسية».
ورداً على سؤال عمّا إذا كان يرى أن مصر «قد تفشل»، قال ماكين «أظن ان ذلك قد يحدث. ما كنت لأحضر إلى هنا لو لم أكن أرى أن ذلك قد يحدث واعتقد ان الأحداث في الأسابيع القليلة المقبلة ستحدد ذلك»
في هذا الوقت، نقلت وكالة «أنباء الشرق الأوسط» عن مصدر في مشيخة الأزهر قوله إن الشيخ أحمد الطيب سيدعو إلى لقاء مهم بعد عيد الفطر لمناقشة الأزمة السياسية في مصر. وقال المصدر «الأزهر الشريف سوف يدعو أصحاب المبادرات التي قدمت لحل الأزمة الآنية التي تمر بها مصر في لقاء مهم بعد العيد مباشرة في حضور فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر». وتابع المصدر أن «هناك بعض المبادرات يمكن أن يبنى عليها لبدء المصالحة الوطنية».
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد