«الأدب الصحافي» شاهد على تجربة التسعينيات

19-10-2010

«الأدب الصحافي» شاهد على تجربة التسعينيات

حيال التهديدات التي انهالت عليهم في التسعينيات، وجد صحافيو الجزائر أنفسهم مرغمين على حياة التخفّي. كان من الطبيعي أن يجد العديد منهم في الكتابة الروائية متنفساً، ووسيلة تعبير بديلة. وقد أدّت مجلة «الجزائر: أدب/ نضال» Algérie: literature/ action التي أسّسها عام 1995 في باريس الإعلامي عيسى خلّادي والباحثة ماري فيرول، دوراً بارزاً في نشر هذا الصنف الأدبي ذي النبرة النضالية. فعن منشورات «المرسى» التابعة لهذه المجلة، صدرت بالفرنسية «الأحياء المُصادَرة» (1996) لأرزقي مترف، المدير السابق للصفحات الثقافية في جريدة Algérie Actualités. وعن دار النشر نفسها، صدرت «مخاوف وأكاذيب» لأمين تواتي (اسم مستعار لعيسى خلّادي). وباللغة الفرنسية أيضاً، أصدر عادل قسطل، المراسل السابق لجريدة «القدس العربي» في باريس، «وداعاً تجار الإيمان» (1999). أما باللغة العربية، فقد أصدر عبد العزيز غرمول، مسؤول الصفحات الثقافية في جريدة «الوحدة» سابقاً، «سماء الجزائر... البيضاء» (1997)، وأصدر جمال فوغالي «أحلام أزمنة الدم» (1997)، بينما نشر أحميدة عياشي «متاهات ليل الفتنة» (1999).
لم يقتصر الجدل الذي أثارته هذه الظاهرة الأدبية على مناقشة مواقف مؤلفيها، بل وصلت إلى حدّ الطعن في شرعيّة هذا الصنف من «الأدب الصحافي». وقد كان الروائي الراحل الطاهر وطار في طليعة الرافضين لهذه الظاهرة الأدبية. فقد أطلق صاحب «الشمعة والدهاليز» على هذه الروايات مصطلح «الأدب الاستعجالي»، منتقصاً من قيمتها الأدبية ونزاهتها الفكرية، ما أدخل «العمّ الطاهر» في سجالات حادة مع عدد من الأدباء/ الإعلاميين، وفي مقدمتهم مسؤول الصفحات الثقافية في جريدة «الخبر»، حميد عبد القادر، الذي سمّاه وطار «كبير الأدباء الاستعجاليين». تصدّى عبد القادر للرد على نقد وطار، على اعتبار أن رواياته «تندرج ضمن «أدب المقاومة» ضد التطرف والإرهاب، فيما انساق وطار نحو منزلق تبييض القتلة وتملّق الإسلاميين».
لكن، مع مرور الزمن، حين ينظر عبد القادر إلى مساره ومسار رفاقه، بأثر رجعي، يعترف بأن نظرة الطاهر وطار كانت صائبة على الصعيد الجمالي. فهو حين يقارن بين روايتيه «المنزلق» (1998) و«مرايا الخوف» (2009) اللتين يفصل بينهما قرابة عقد من الزمن، يعترف بأن الانشغال الأدبي والجمالي كان أهم وأعمق في الرواية الثانية. يقول: «رواية «الانزلاق» كتبتها في غمرة الأحداث، وأردتها أن تؤدي مهمة نضالية كان من واجب المثقف أن يؤديها يومها، فيما «مرايا الخوف» كُتِبت خارج ذلك السياق، لذا كان فيها مجال أوسع للهمّ الذاتي وللاعتبارات الأسلوبية والجمالية...»

عثمان تزغارت

المصدر: الأخبار

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...