«الريح» الصدرية عندما تعصف بالرئة والقلب
يتكون الجسم من أجهزة وأعضاء كثيرة، لكل منها وظيفة أو وظائف عدة، وتعتبر الرئة أحد أهم هذه الأعضاء، فهي تقوم بأربع وظائف هي: تزويد الجسم بالأوكسيجين، والتخلص من غاز ثاني أوكسيد الكربون، والحفاظ على التوازن الحامضي - القوي، وعلى درجة حرارة الجسم الطبيعية.
ومن أجل حماية الرئة أثناء عمليتي الشهيق والزفير يوجد في المحيط الخارجي لها غلاف يحيط بها يعرف بغشاء الجنب (غشاء البللورا) الذي يتألف من طبقتين: الطبقة الجدارية التي تلتصق مباشرة بالسطح الداخلي للقفص الصدري، والطبقة الحشوية التي تغطي السطح الخارجي للرئة، وفي حين يسهل فصل الطبقة الجدارية فإنه يستحيل تحقيق هذا الأمر مع الطبقة الحشوية التي تتشبث بالنسيج الرئوي من خلال استطالات تتغلغل في الرئة. وتفصل الطبقتين الجدارية والحشوية مسافة ضيقة للغاية يشغلها سائل مصلي مهمته تسهيل حركة الرئة خلال التنفس.
لكن، لسبب ما قد يتسرب الهواء إلى المسافة الضيقة التي توجد بين الطبقتين الجدارية والحشوية لغشاء الجنب ما يؤدي إلى حدوث انخماص جزئي أو كلي في إحدى الرئتين يمكنه أن يقف خلف مجموعة من العوارض والعلامات الآتية:
> ضيق في التنفس.
> ألم في أحد طرفي الصدر خصوصاً عند التنفس.
> السعال، وقد يترافق مع خروج الرغوة أو الدم.
> تسارع في نبضات القلب.
> تدهور أرقام الضغط الشرياني.
> شحوب المصاب وازرقاقه.
> الهيجان والقلق والتعب.
> غياب سماع الأصوات التنفسية في الجهة المصابة.
> وجود تباين في حركات التنفس بين جانبي الصدر.
> شعور المصاب بوجود هواء تحت الجلد عند جسه بالأصابع.
> جروح أو كدمات في منطقة الإصابة.
> احتمال وجود تباعد في المسافة بين أضلع الصدر.
ما أسباب الريح الصدرية؟
يمكن أن تنتج الريح الصدرية نتيجة جروح نافذة أو غير نافذة في جدار الصدر على إثر حادث سيارة أو الطعن بسكين.
أيضاً، إن وجود ناسور هوائي بين الرغامى أو القصبات وجوف الجنب يمكن أن يقود إلى تشكل الريح الصدرية، وفي هذه الحال يدخل الهواء أثناء الشهيق ولا يخرج عند الزفير فتتكوم كمية هائلة من الهواء تضغط على الرئتين والقلب دافعة إياها في الاتجاه المقابل، وهي حال تهدد الحياة ويجب علاجها على وجه السرعة.
وقد تنشأ الريح الصدرية على أثر المداخلات الطبية عند استعمال إبر الشفط عبر جدار الصدر، أو لدى إجراء البزل العلاجي، أو بعد أخذ عينة من غشاء الجنب، أو بعد أخذ عينة عبر القصبة الهوائية، أو عند إدخال قسطرة وريدية مركزية.
وهناك الكثير من الأمراض الرئوية التي تقف خلف الريح الصدرية، مثل الربو، واحتشاء الرئة، وداء السل، والتليف الكيسي، والخراجات الرئوية، وداء الساركوئيد، والداء الرئوي الانسدادي المزمن، وأورام الرئة الخبيثة، ومرض تليف الرئة. ويشاهد هذا النوع من الريح عادة عند المسنين، وهو يترافق مع معدلات وفاة مرتفعة.
ولا يغرب عن البال أن الريح الصدرية قد تحدث في شكل عفوي من دون سبب واضح، وتشاهد هذه في شكل أساسي لدى الذكور طوال القامة الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و30 عاماً ويكون لديهم فقاعات هوائية تحت جنبية في قمة الرئة، ويعتبر التدخين من قبل هؤلاء عامل خطر يشجع على حدوث الريح الصدرية، وكلما زاد عدد السجائر المدخنة ارتفعت نسبة حدوثها خصوصاً لدى المدخنات. وتحدث الريح العفوية في الرئة اليمنى أكثر من اليسرى، وتتميز بأنها ناكسة لذا يجب على المصابين بها مراجعة الطبيب في شكل دوري للبحث عن هوية الأسباب المؤهبة.
كيف تشخص الريح الصدرية؟
إن التأمل والقرع والجس والإصغاء تسمح للطبيب عادة أن يضع الحروف على تشخيص الريح الصدرية الكبيرة، أما الريح الصدرية الصغيرة فتحتاج إلى إجراء صورة شعاعية بسيطة تسمح برؤية حافة الرئة المنكمشة التي تكون حادة وواضحة. ومن المهم جداً التفريق بين الريح الصدرية والفقاعة الرئوية النفاخية، ومن أجل قطع الشك باليقين يستحسن طلب تصوير طبقي محوري.
ما هو العلاج؟
إن الهدف الأساسي من العلاج هو إخلاء الهواء من الجوف الجنبي وتحرير الرئة من عبء الضغط الواقع عليها. وفي شكل عام يمكن القول إنه في حال الريح الصدرية الناجمة عن جروح ورضوض نافذة لا بد من نقل المصاب إلى أقرب مركز إسعافي والقيام بالتدابير الآتية:
1- وضع المريض مستلقياً على طرفه المصاب مع تمييل جذعه إلى الأعلى.
2- تهدئة المصاب والتخفيف من معاناته.
3- فك الملابس الضيقة لتسهيل الحركات التنفسية.
4- تضميد الجروح.
5- مراقبة الوظائف الحيوية كالضغط والنبض والحرارة والتنفس.
6- إعطاء المريض الأوكسيجين الصافي.
7- في حال الريح الصدرية الأولية البسيطة التي لا تترافق مع أي ضيق في التنفس فلا ضرورة للتدخل لأن الريح ستزول من تلقاء نفسها.
8- في حال الريح الصدرية الأولية المتوسطة إلى الكبيرة يجب رشف الهواء عبر إبرة تغرز في الصدر. 9- عند المرضى الذين يعانون من ريح صدرية ثانوية تالية لوجود أمراض رئوية يتم اللجوء إلى عملية تفجير الصدر بإدخال قسطرة من خلال فتحة خاصة في جدار الصدر.
10- قد يلجأ الطبيب إلى إجراء الجراحة بالمنظار لعلاج الريح الصدرية التي طال أمدها أكثر من 7 أيام. أيضاً يمكن اللجوء إلى هذا الخيار العلاجي في حال نكس الريح الصدرية.
ختاماً، يجب على المريض المصاب بالريح الصدرية أن يتفادى ركوب الطائرة لأن الهواء المحبوس في جوف الجنب يمكن أن يتمدد ما يؤدي إلى زيادة الضغط على الرئة والقلب. في المقابل فإنه يسمح للمصاب بأن يسافر جواً بعد الشفاء التام من الريح.
التدخين في قفص الاتهام
1- تقسم الريح الصدرية إلى نوعين: الريح الصدرية العفوية، والريح الصدرية الرضية.
2- تقسم العفوية بدورها إلى قسمين هما: الريح الصدرية الأولية التي تحصل عند الأشخاص الذين لا سوابق مرضية لديهم. والريح الصدرية الثانوية التي تحصل على أثر الإصابة بأمراض رئوية.
3- إن نسبة إصابة الرجال بالريح الصدرية الأولية أو الثانوية هي أعلى في شكل ملحوظ بالمقارنة مع النساء.
4- تميل الريح الصدرية الأولية إلى الحدوث لدى الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين الـ 20 و30 عاماً، ولكنها تندر فوق سن الأربعين.
5- أما الريح الصدرية الثانوية فهي تحدث عادة في الشريحة العمرية 60 إلى 65 سنة.
6- إن أكثر من 90 في المئة من المصابين بالريح الصدرية الأولية هم من المدخنين.
د. أنور نعمة
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد