«داعش»: قادة «الجبهة الإسلامية» وأتباعهم.. مرتدّون
«أمراء الجبهة الإسلامية» زهران علوش وحسان عبود وأبو عيسى الشيخ، مرتدّون عن الإسلام. هذا ما خلص إليه البيان الصادر عن «الهيئة الشرعية في الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش).
ولم يكتف البيان بردة «الأمراء»، بل أطلق حكم الردّة على جميع أتباع هؤلاء «الأمراء» ومقاتليهم بعد العلم بحال ردتهم، وهو ما أصبح ـ أي العلم ـ مثبتاً من خلال صدور هذا البيان المفصّل عن «الهيئة الشرعية»، وبالتالي لا عذر بالجهل بعد صدوره.
ويعتقد أن هذا البيان قديم، رغم صدوره أمس الأول بالتزامن مع صدور «ميثاق الشرف الثوري»، ذلك لأن البيان تحدث عن «هيئة الأركان» بقيادة سليم إدريس من دون الإشارة إلى الرئيس الجديد للهيئة عبد الإله البشير النعيمي. وكأن «داعش» رأت في الإعلان عن الميثاق، وما صاحبه من جدل حول غاياته الحقيقية، وخصوصاً لجهة موقف الموقعين عليه من «المقاتلين الأجانب» أو من إقامة «الدولة الإسلامية وتحكيم الشريعة»، فرصة للإعلان عن فتوى «هيئتها الشرعية» بخصوص ردّة «الأمراء» الثلاثة.
كما أن الجهد البحثي والتوثيقي اللافت المبذول في إعداد البيان من قبل «الهيئة الشرعية للدولة الإسلامية»، يرجح أن يكون البيان قد أعدّ في وقت سابق. فقد تضمن البيان ذكر وقائع تفصيلية وتواريخ محددة، ونصوص تصريحات واقتباسات من مواثيق وبيانات، مع هوامش توضيحية موثقة، استغرقت جميعها أكثر من 33 صفحة، ما يجعله أقرب إلى الدراسة منه إلى مجرد بيان أو حتى فتوى.
ومع ذلك برّر البيان التأخير في إصداره متعللاً بـ«تداخل الساحات وخفاء المناطات التي تتعلق بها الأحكام، خصوصاً راية الجبهة الإسلامية، التي ظاهرها الإسلام وتدّعي أنها تسعى لتحكيم الشريعة»، إلا أن الأحوال التي استجدت في ساحة الشام جعلت من بيان موقف «الدولة الإسلامية» من بعض الجماعات الموجودة في الساحة «واجباً» لا يجوز تأخيره. لذلك اجتمعت «الهيئة الشرعية في الدولة الإسلامية» ونظرت في «المناطات» التي احتفَّت بـ«أمراء» «الجبهة الإسلامية» وأصدرت هذا البيان. و«المناطات» هو ما يتعلق بالأحكام.
ويستند البيان إلى علاقة «الجبهة الإسلامية» بكل من «الائتلاف» و«الأركان» للتقرير بدايةً أن «الأمراء» الثلاثة تلبّسوا «بمناطات» كفريّة قبل تأسيس جبهتهم وبعده، مشيراً إلى أن هذه العلاقة تعني «تصحيح مذهب الكفار» و«تولّي المرتدين في هيئة كفرية».
وما دام الأمر يتعلق بالعلاقة مع «الائتلاف» و«الأركان»، فقد جهد واضعو البيان في إثبات كفر الجهتين السابقتين، مستدلين بدلائل أهمها إيمانهما بالتعددية والديموقراطية التي «يعتبر من يتبناها كافراً حتى لو صلّى وصام»، وبتبعيتهما للدول الغربية وطواغيت العرب، خصوصاً في السعودية وقطر.
وبحسب البيان فقد توافر بذلك ناقض من نواقض الإسلام وهو «تولي أمراء الجبهة للمرتدين وموافقتهم لما هم عليه من الكفر، وذلك لعضويتهم في هيئة الأركان، سواء بالعمل المباشر مثل زهران علوش أو أبو عيسى الشيخ، أو بالوكالة مثل حسان عبود الذي كان يمثله في الأركان قائد لواء الإيمان». ولا ينفع «الأمراء» الثلاثة، بحسب البيان، التذرع بأنهم يوافقون «هيئة الأركان» في الظاهر لكنهم يخالفونها في الباطن.
كما أن ترك العمل مع «الأركان» لا يكفي لإعادتهم إلى دائرة الإسلام، إلا باستيفاء شروط التوبة. وشروط التوبة المطلوبة هي: اعتراف «الأمراء» الثلاثة بما كانوا عليه من الكفر والندم عليه، ومجانبة أهل الكفر والفساد الذين كانوا معهم حال ردتهم، وعدم إحداثهم ردة جديدة.
وينتهي البيان إلى تقرير أن «الأمراء» لم يستوفوا أي شرط من شروط التوبة، داحضاً الحجج التي يستندون إليها لإثبات فك علاقتهم بـ«الأركان» كالبيان «رقم 1»، وميثاق «الجبهة الإسلامية»، حيث اعتبر أن البيان «رقم 1» ليس فيه ما يشير إلى اعترافهم بكفرهم والندم عليه، بل ليس فيه ما يشير إلى انتهاء علاقتهم بـ«الأركان»، منوهاً إلى أن «لواء أجناد الشام»، التابع لـ«أحرار الشام»، ما زال مرتبطاً تنظيمياً بـ«المجلس العسكري» في حماه، مستنداً في ذلك إلى المذكرات التي صادرها عند اعتقال «رئيس المجلس» السابق العميد أحمد بري.
أما بالنسبة للميثاق، فإنه على العكس «لم يتضمن أي إشارة إلى التوبة، بل جاء فيه ما يشير إلى نقيضها»، ولا سيما البند الذي يتحدث عن التحالف مع كل الفصائل التي تريد إسقاط النظام بغض النظر عن سياستها، سواء كانت ديموقراطية أم إسلامية.
وبعد أن يثبت البيان ردة «الأمراء» الثلاثة، وعدم توافر شروط التوبة فيهم، فإنه ينتقل إلى تقرير الحكم الأهم، وهو أن «كل من التحق بهؤلاء المرتدين بعد العلم بحالهم، وقاتل تحت رايتهم، فحكمُه حكمُهم سواء بسواء»، مؤكداً أن حكم الردة لا ينطبق على الأتباع والمقاتلين إلا بعد علمهم بحال «أمرائهم». ثم يوجه البيان نصيحة إلى هؤلاء الأتباع قائلاً «وانَّ من النصيحة لكم كشف أحوال القائمين على أمر هذه الجبهة من أمراء وقيادات، لتكونوا على بصيرة من أمركم وتقفوا على زيف دعواهم».
وبذلك، تتضح صورة القتال الدائر بين الفصائل المتشددة ضد بعضها البعض من وجهة نظر «داعش». فهو لا يعتبر القتال من قبيل «الفتنة ولا البغي ولا رد الصائل» وإنما هو «حرب ردة»، ومعنى ذلك أنه لا سبيل لانتهائها إلا بإعلان «أمراء الجبهة الإسلامية» كفرهم وتوبتهم عن هذا الكفر، وكما هو متوقع فإن ذلك لا بد أن يكون أمام قادة «الدولة الإسلامية»، لذلك يمكن القول إن هذه الحرب لن تتوقف بل سوف تشهد المزيد من التصعيد، خصوصاً بعد صدور «ميثاق الشرف الثوري» الذي اعتبره قادة «داعش» مثالاً جديداً على تمسك أمراء الجبهة بالكفر وإصرارهم عليه.
عبد الله سليمان علي
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد