«كومكس» على طريقة «جبهة النصرة»
لم تعد الأناشيد والصفحات الافتراضية، الأسلوب الدعائي الوحيد للتنظيمات الإسلامية المتشدّدة. منذ مدة أصبحت هذه الجماعات «تبتكر» أساليب ترويجية جديدة، تهدف لتغيير الصورة البشعة المطبوعة في ذهن الرأي العام عنها.
كما فعل تنظيم «دولة العراق والشام» سابقاً، عبر تنظيم مسابقات الألعاب وتوزيع المنشورات والكتيّبات، ها هي «جبهة النصرة لأهل الشام» تنال حصتها من الدعاية «المعاصرة» ولأول مرّة... بواسطة «الكومكس». «رحلة مجاهد في جبهة النصرة» هو عنوان القصة المصورة التي أنجزها المصمّم مصطفى حمدي، ووضعته بعض المواقع الأجنبية تحت عنوان «أونلاين جهادي». القصّة المصوَّرة المكوَّنة من سبعة أجزاء تتوجّه إلى «الشباب العربي المسلم المغترب»، وتهدف إلى «استقطابهم للجهاد في بلادهم الأصلية».
تسرد القصة التي تعرضها قناة «ميمري» (*) التابعة لـ«معهد الأبحاث الإعلامية للشرق الأوسط» على «يوتيوب»، حياة شاب مسلم يدعى مصطفى، ترك بلاده مع عائلته للاستقرار في بلدٍ غربي. وهناك تشغله «الأمور الدنيوية»، فيمضي أيامه في اللهو بعيداً عن الصلاة. نرى في بداية القصّة الكرتونية والد البطل يؤنّبه على فشله في دراسته وفي حياته المهنية. حتى يلتقي مصطفى بأحد أقربائه المتديّنين ليرشده إلى الصراط المستقيم مجدداً، من خلال دعوته للذهاب إلى المسجد، ومن خلال تذكيره بالمسلمين المضطهدين حول العالم.
وفي هذا الجزء من القصة نرى الرجل مخاطباً قريبه «الضال»، قائلاً: «علينا ألّا ننسى أصلنا، نحن نعيش حياةً مريحة هنا، ولكن المسلمين يموتون كل يوم في أنحاء العالم دفاعاً عن الإسلام والمسلمين». ونرى في مشهدٍ آخر القريب ـــ المرشد يذكّر بطل القصة بأن أقرباءه محاصرون في سوريا بين المقاتلين. واللافت هنا أن المصمّم يعتبر أن جميع المقاتلين في سوريا طرفٌ، فيما جبهة النصرة طرف مقابل.
بعد ذلك بثلاثة أشهر، وبعد رؤية مصطفى مصلّياً في المسجد، نرى القريب مع شيخٍ مسلم يعبّران لمصطفى عن فخرهما بالتغيير الذي جرى في حياته. فيردّ مصطفى مؤكداً أنّ أخبار القريب عن القتل والتعذيب في سوريا كان لها تأثير كبير عليه، قائلاً: «لا أصدق ما يجري لإخواني في سوريا. هؤلاء الأشخاص يقاتلون ويموتون في سبيل الله، وليس هناك شرف أكبر من ذلك». وبعد الثناء على كلام مصطفى، تظهر شخصية جديدة وهو شيخ آخر، يدعو البطل للذهاب إلى سوريا والالتحاق بجبهة النصرة بهدف الجهاد، إذا بات مستعدّاً لذلك.
الفيديو الذي نشره أكثر من موقع أجنبي بعنوان «مسلم غربي يتطوع في النصرة للجهاد ضدّ الأسد»، حصد تعليقات سلبية بمعظمها. إذ تمحورت التعليقات حول التساؤل عن المنطق الذي يجعل أيّ مسلم يترك حياةً مريحة في الغرب والذهاب للقتل والموت بهذه البساطة. حبكة القصّة ليست جديدة، إذ أن القصص الدينية مليئة بحكايات الابن الذي تاه عن الإيمان ليعود بعد النصح أو التجربة إلى دينه. إلا أن اللافت في القصة هو ربط تيمة الفشل في الحياة بالانصراف إلى التديّن ومن ثمّ الجهاد. الأمر الذي لا يصبّ في مصلحة القضية التي يحاول المصمم الترويج لها، فكأنه يقول من يفشل في حياته يصبح مجاهداً. إضافةً إلى إظهار الشخصية الرئيسية في القصة بمظهر الضحية أحياناً، أو بأقلّ تقدير بمظهر الشاب الذي يتمّ التحكّم بأفكاره بسهولة من قبل من لهم سطوة عليه (قريبه والشيخ). الواضح حتى الآن أن كل الأساليب التي تحاول مواكبة العصر وتلميع صورة تلك الجماعات لن تنجح في مهمتها، إذ أنّ ممارسات تلك التنظيمات لا يمحوها فيديو هنا أو قصة هناك، خصوصاً أن هذه الدعاية تكون ساذجة ومضحكة في معظم الأحيان.
[ رابط الفيديو:
http://www.youtube.com/watch?v=RTY9lr3u8GM
جوي سليم
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد