أدب أميركا الوسطى
هل يمكن القول إن العالم يشهد منذ سنوات ولادة ظاهرة أدبية جديدة هي "أدب أميركا الوسطى"؟ على غرار ما شهدناه سابقا من "ظاهرة" أدب أميركا اللاتينية والأدب الياباني... الخ. المتابع لبعض إصدارات الترجمة إلى الفرنسية، منذ سنوات قليلة، لا بدّ من أن يشعر بهذا الاكتشاف الجديد لآداب لا تزال مجهولة، على الأقل عندنا.
ظاهرة، بمعنى أنه لو عدنا قليلا إلى التاريخ، لوجدنا أن تَشكّل قارة أميركا الوسطى، "سياسيا" على الأقل، قد حدث بين عامي 1837 و1839، وذلك بعد أن تشظت أقاليم بعض دول "الكونكاكاف" وأميركا اللاتينية، لتتّحد في خمس جمهوريات كونفيدرالية هي غواتيمالا وسلفادور وهوندوراس ونيكاراغوا وكوستاريكا. خمس دول في بادئ الأمر، قبل أن تأتي باناما لتلتحق بها.
صحيح، أن أميركا الوسطى لا تشكل "مفهوما" سياسيا أو "ثقافيا" بالمعنى المتعارف عليه، أي بحسب ما عرفناه مع أميركا اللاتينية، إذ نجدها تقف على النقيض منها، لأنها ليست في واقع الأمر سوى كيان جغرافي حقيقي. من هنا، يمكن القول إن نقاطا مشتركة تجمع بين هذه الدول الست: سيطرة الأجواء الرطبة والحارة، زراعة البن والموز والقطن، الشعب الذي ينحدر، من جهة، من الفاتحين الأسبان، ومن جهة أخرى، من العبيد السود الهاربين من منطقة الكاريبي. ومع ذلك، فقد يكون من الباطل أن نجمع هذه الدول كلها في بوتقة مناخية واحدة، بوتقة اجتماعية واقتصادية وسياسية وثقافية...
فأدب أميركا الوسطى أدب يجيء على صورة البلدان التي تكتبه، كل على حدة. فهذه الآداب لا تأتي أبدا عن بلدان موحدة غير مقسمة، بل إنها بلدان متعددة مختلطة عديدة، سحيقة، أي أن لكل بلد مناخه وأدبه، وهما مناخ وأدب يختلفان عما عند البلد الآخر.
من اكتشافاتي الأخيرة: آنا كريستينا روسي ("ماريا ليلا") فرناندو كونتريراس كاسترو (أونيكا أو الحياة المعاد تأهيلها) سيرجيو راميرز (حفل الأقنعة)، رودريغو راي روزا (حلم في غابة)، آنا ايستارو (فصل من الحرارة).
فعلى سبيل المثال نجد أن كوستاريكا التي تتحدث عنها آنا كريستينا روسي هي بلد العلاقات الغرامية والمغالاة والجريمة العاطفية والشغف وفخاخ الحب، لذلك تذكرنا الكاتبة بحقيقة أساسية، إن كان الرجال يحاولون بجميع الوسائل الاقتراب من المرأة فلأنهم أي الرجال يبقون دائما غرباء عن أراضي النساء العاشقة.
بينما يقدم لنا فرناندو كونتريراس كاسترو رؤية أخرى مختلفة جدا عن هذا البلد. فبحسب آرائه، يجد أن آدم وحواء قد طُردا من الجنة، لأنهما تركا خلفهما على البساط الإلهي قشور التفاحة وبذورها. لذلك، ما إن قاما بهذا الأمر المعيب، حتى حكم عليهما بحمل قذارتهما معهما، كما حكم عليهما بالبحث داخل المجاري.
تتوالى الأسماء والفضاءات والمناخات التي تكتب عن مجتمعات تأسرنا بكل تفاصيلها. والسؤال: هل نجد هذه الأسماء يوما في مكتبتنا؟
اسكندر حبش
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد