أنصار حزب الله: خلايا عمل منظمة في مساعدة النازحين

22-07-2006

أنصار حزب الله: خلايا عمل منظمة في مساعدة النازحين

سألت صحافية بريطانية أحد مسؤولي حزب الله عن مركز للنازحين يقع قرب مبنى سوبر ماركت عما إذا كان السوبر ماركت معرضا للسرقة في حال انقطاع التيار الكهربائي؟ فأجابها بالنفي، لكنها لم تصدقه، فاقترح عليها قطع الكهرباء لكي ترى بعينيها ماذا يحصل، فاقتنعت وسألته كيف يمكن لنازحين يتجمعون قرب مجمع غذائي ألا يسرقوه؟ فأجابها المسؤول: لا يسرقون لثلاثة أسباب، الأول أنهم متدينون ودينهم يحرم السرقة، الثاني لأنهم مؤمنون بقضية لا يريدون تضييعها بأعمال غير أخلاقية، والثالث لأننا نوفر لهم كل مساعدة ممكنة.
من يتجول في مراكز النازحين، يلتقي عند بواباتها متطوعين من أنصار حزب الله، يعملون من الصباح حتى ساعات متأخرة من الليل، في مراكز بيروت والجبل وقرب الضاحية الجنوبية. استوعبوا الصدمة الأولى لتدفق النازحين، كما استوعب الحزب الضربة الاسرائيلية، ثم انتقلوا الى المبادرة، في مجتمع اعتاد على بنية المجتمع المقاتل في وجه العدوان الإسرائيلي.
خلايا عمل، منظمة، دؤوبة، هادئة، تشبه عمل الحزب في ميادين القتال، في الانتخابات، في توزيع المعونات.
يروي مسؤول عمل المتطوعين في بيروت الحاج عباس أنه حصل ارتباك في الأيام الأولى للعدوان الاسرائيلي بسبب تدفق النازحين من الجنوب ومن الضاحية بأعداد تفوق القدرة على مساعدتهم، وتم التنسيق مع الهيئة العليا للاغاثة، من خلال مندوب دائم للحزب في الهيئة، لكن بعد ذلك أخذ عمل المتطوعين ينتظم: نظمنا فريقا كبيرا تم توزيعه على عشر مناطق تشمل أربعا وثمانين مدرسة رسمية وخاصة في العاصمة.
يتولى الفريق تقديم المساعدات في مجالات عدة: في المجال الغذائي، جرى تجهيز مطبخين كبيرين خاصين ومطبخ ثالث في أحد المطاعم يجري فيها تحضير وجبات غداء يومية تكفي لما بين ستة آلاف وثمانية آلاف شخص يتواجدون في المدارس، يتم تقديم الوجبات مداورة بينهم، فتصل وجبة طعام جاهزة لكل منهم مرة كل يومين، بينما يتم إعطاء من لا يكون دوره في الوجبة الجاهزة النقود لشراء الطعام، وهناك بعض العائلات التي حصلت على أدوات إعداد الطعام تجهزه بنفسها، لكن الحاج عباس لا يفضل إعداد الطعام في المدارس لأنها تؤدي الى زيادة الأوساخ.
في المجال الصحي، تم تشكيل فريق طبي متطوع يقوم بجولات بشكل دوري على المدارس، ويستقبل اتصالات النازحين إذا كانت لديهم حالات طارئة، فيما يتولى المسؤول عن كل مدرسة تسجيل لائحة يومية بالأدوية المطلوبة، يرسلها الى مسؤول المنطقة الذي يتولى بدوره شراء الأدوية ثم توزيعها، على المحتاجين، كما تم تجهيز مركزين صحيين يتوليان طبابة الحالات المرضية في المنازل التي تستضيف نازحين وقد أصبحت عناوين هذين المركزين معروفة لديهم.
في مجال النظافة، جرى وضع خزانات مياه في كل مدرسة بالتعاون مع الهيئة العليا للاغاثة، فيما يتولى فريق صيانة من المتطوعين تصليح بعض الامدادات في المدارس، وبدأ تدريجيا تعويد العائلات على المشاركة في تنظيف الغرف والباحات الداخلية، على أن يقوم الشبان بتنظيف الباحات الخارجية، وتقوم شركة سوكلين بنقل النفايات من المستوعبات. لكن تجمع النفايات في مراكز النازحين بسرعة، بسبب كثافة العدد، يستدعي تفريغها مرتين أو أكثر في اليوم، ولا يحصل ذلك إلا في حالات نادرة بسبب النقص في عدد العمال.
وقد أجرى فريق المتطوعين إحصاء لجميع العائلات المتواجدة في المدارس، من خلال استمارة تم إعدادها، وتشمل إسم رب العائلة وعدد الأولاد والقرية أو المدينة التي تم النزوح منها، ووضعت في الاستمارة خانة خاصة بالأطفال الرضع من أجل معرفة عددهم وتأمين الحليب والحفاظات لهم، ولم ينس الفريق مجالات التسلية فبدأت الألعاب تنتشر في المدارس، بالاضافة الى تشكيل الفرق الكشفية، كما جرى وضع أجهزة تلفزة لمتابعة الأخبار والبرامج، بعد أن تم تأمين الكهرباء بواسطة مولدات ، ويوضح عباس أنه جرى تخصيص فريق لحديقة الصنائع يتولى نقل النازحين الى المدارس، لأن أعدادا منهم تتوافد يوميا الى الحديقة، لكنها لا تعرف إلى أين تذهب، ويقدر عدد النازحين في مدارس بيروت بثمانية وعشرين ألف نازح وفي المنازل والمباني السكنية الفارغة ما بين ثمانين وتسعين ألف نازح تصل حصص غذائية الى من هو معروف منهم.
أما في المراكز القريبة من الضاحية الجنوبية فيبلغ عدد النازحين ما يقارب الثلاثة آلاف شخص، يتولى الحاج جعفر الاشراف على مساعدتهم، وهو أحد أعضاء مجلس بلدية الغبيري، ويقول جعفر إن أعضاء المجالس البلدية في كل من الغبيري وبرج البراجنة وحارة حريك يتوزعون مهام المساعدة، وقد تم تشكيل لجنة لشراء المواد الغذائية ولجنة هندسية أشرفت على إزالة الردم عند جسر المطار وردم الحفر في كل من الغبيري والمشرفية وحارة حريك وكنيسة مار مخايل مع إعادة وصل إمدادات المياه والكهرباء التي قطعها القصف الاسرائيلي في تلك الحفر. كما تم تجهيز مستوصف صحي داخل مركز النازحين الرئيسي، يتولى فيه أطباء متطوعون علاج المرضى.
وفي مناطق الجبل يشرف الحاج بلال على مساعدة ما يقارب المئة وعشرين ألف نازح يتوزعون على المدارس والمباني شبه الجاهزة للسكن، بالاضافة الى منازل العائلات التي استضافت قسما كبيرا منهم، إذ يصل عدد العائلات في بعض المنازل، كما يوضح الحاج بلال، الى ثماني عائلات، بينما تمتد المساحة الجغرافية التي نزحوا اليها من إقليم الخروب، مروا بالشوف وعاليه، وصولا الى المتن الأعلى، يتم تقديم المساعدات اليهم بطريقة مشابهة لما يحصل في بيروت، لكن مع تبديل الوجبات الجاهزة بالحصص التموينية.
وإذا ما تم جمع العدد التقريبي للنازحين في المناطق الثلاث فإنه يصل الى ما يقارب مائتين وثلاثين ألف نازح، يعمل المتطوعون بينهم، كما يقول جعفر، ضمن مبدأ الآية الكريمة: وأعدوا ما استطعتم لهم من قوة، بينما يقول عباس: نحن نعمل ضمن مبدأ على المؤمن أن يكون كيسا فطنا، لا يترك حقه ولا يأكل حقوق الآخرين. لكنهم يصلون جميعا الى آخر النهار منهكين، يحاولون التعويض ولو بشكل جزئي عن فقدان الحياة في المنزل، ومع ذلك لا يمكنهم تغطية كل المساعدات لأن هناك مباني عدة ومنازل عديدة تستضيف نازحين مازالت غير معروفة.

زينب ياغي

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...