أولمرت واستراتيجية حافة الهاوية

04-02-2008

أولمرت واستراتيجية حافة الهاوية

الجمل: توقع معظم المراقبين والمحللين أن ينتهي تاريخ إيهود أولمرت السياسي بصدور تقرير لجنة فينوغراد طالما أن التقرير سوف يرصد الأخطاء التي أدت إلى هزيمة القوات الإسرائيلية في جنوب لبنان، وهي أخطاء من البديهي أن تتحملها القيادة السياسية والعسكرية.
* أولمرت واحتواء خصومه: إستراتيجية مبدأ "حافة الهاوية":
برغم صدور التقرير فقد بدا أولمرت وهو في مأمن من احتراق أوراقه السياسية، وعلى ما يبدو فقد استطاع أولمرت المهزوم أمام حزب الله أن يحقق الانتصار أمام خصومه السياسيين، فقد رصد تقرير فينوغراد الأخطاء ولكنه حملها لكل الأطراف الإسرائيلية، ومعنى هذا أن أولمرت قد نجح في استخدام ما يعرف في العلوم السياسية والإستراتيجية بمبدأ "حافة الهاوية" التي تعني أن تقوم بجر خصومك إلى حافة الهاوية بحيث لن يكون أمامهم سوى خيار السقوط معك في الهاوية إذا أسقطوك، أو الحفاظ على سلامتهم إذا حافظوا على سلامتك طالما أنه ليس في مقدورهم خيار إسقاطك والنجاة بأنفسهم. بكلمات أخرى، لقد استطاع أولمرت احتواء خصومه الذين كانوا ينتظرون صدور التقرير للانقضاض عليه، ولكنه نجح في وضعهم معه على شفير الهاوية.
* ماذا بعد تقرير فينوغراد:
تورط الجميع، والناجي الوحيد –على الأقل- هو بنيامين نتينياهو زعيم الليكود وحليف جماعة المحافظين الجدد وجماعات اللوبي الإسرائيلي ورجل هرمجدون الأول بنظر اليهود الأمريكيين. وعلى أساس اعتبارات حسابات معادلة الفرص والمخاطر فإن نتائج تقرير فينوغراد سوف تتيح لنتينياهو المزيد من الفرص القابلة للاستغلال والتوظيف من أجل الصعود مرة أخرى إلى المسرح السياسي، ولكن المخاطر التي تعيق عودته ما تزال كبيرة وصعبة التجاوز، وخاصة أن المؤسسة الدينية اليهودية التي تسانده لم تعد تتمتع بقوتها السابقة في مواجهة نفوذ المؤسسة العسكرية والقوى المدنية الإسرائيلية، إضافة إلى أن المؤسسة الدينية وكيانات التطرف اليهودي المتمثلة في حركة شاس وحزب إسرائيل بيتنا قد تورط رموزها في المسؤولية عن هزيمة حرب لبنان، ولم يفلح انسحابهم المبكر من حكومة أولمرت في جعلهم يتمتعون بالحصانة "الاستباقية" من خطر التقرير. وعندما يصبح عدد المخطئين كبيراً فإنهم يتكتلون لحماية أنفسهم، وعلى ما يبدو فإن كل أطراف التحالف الإسرائيلي الحاكم سوف تلملم أطرافها وتترك خلافاتها وتعمل من أجل تحقيق الوحدة وقتل الحقيقة.
* التقرير والتداعيات على المؤسسة الأمنية – العسكرية الإسرائيلية:
تمثل المؤسسة الأمنية – العسكرية الإسرائيلية كياناً شديد التعقيد لجهة البنية الهيكلية والقيم والتفاعلات، ويمكن توصيف هذه المؤسسة على النحو الآتي:
• مجتمع المخابرات الإسرائيلي: ويضم الأجهزة التالية:
* وكالة أمن إسرائيل (الشاباك).
* معهد المخابرات والمهام الخاصة (الموساد).
* مديرية الاستخبارات العسكرية (أمان).
• الجيش الإسرائيلي (قوات دفاع إسرائيل):
• الشرطة الإسرائيلية:
* شرطة الحدود.
* الحرس المدني.
• خدمات الطوارئ:
* درع داوود الأحمر.
* المطافئ والإنقاذ.
* الدفاع عن الوطن.
* وكالة متطوعي زاكا.
* الوحدة 669.
فرق الإنقاذ المحلية.
• التنظيمات الأخرى:
* خدمة السجون.
* حرس الكنيست.
العلاقة بين المؤسسة السياسية والمؤسسة الأمنية – العسكرية والمؤسسة الدينية في إسرائيل تخضع لنفس شروط العلاقة المعروفة، وهي في حالة الحرب يغلب عليها التعاون وعند انتهائها يغلب عليها الصراع، وعلى خلفية التحالفات التي تتم بين هذه المؤسسات الثلاثة نلاحظ أن المؤسسة الأمنية – العسكرية التي يسيطر عليها الجنرال إيهود باراك في حالة تحالف مع المؤسسة السياسية الإسرائيلية التي يسيطر عليها تحالف أولمرت – تسيبي ليفني، مع ملاحظة أن تقرير فينوغراد جعل ليفني تجد نفسها واقعة على حافة الهاوية جنباً إلى جنب مع إيهود أولمرت حيث لم يترك لها التقرير فرصة اللجوء إلى خيار القضاء على أولمرت لتحل محله. سوف يؤدي تقرير فينوغراد (إن لم يكن قد أدى بالفعل) إلى تقوية تحالف المؤسسة الأمنية – العسكرية مع المؤسسة السياسية على النحو الذي سيؤدي إلى إطالة عمر تحالف كاديما بقيادة أولمرت – ليفني، خاصة وأن الجنرال باراك قد عدل عن قراره السابق بالانسحاب من الحكومة الإسرائيلية عند صدور تقرير فينوغراد. ولكن، ولإغراض إكمال سيناريو استمرار تحالف كاديما، فإنه لابد لتحالف أولمرت – ليفني أن يبحث عن "أكباش فداء" لتقديمها قرابيناً على مذبح تقرير فينوغراد.
* تداعيات تقرير فينوغراد على العلاقات الإسرائيلية – الأمريكية:
يحاول الإسرائيليون الربط بين أسباب هزيمة الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان والتزام أمريكا بضمان تفوق إسرائيل العسكري. بكلمات أخرى، فإن نتائج تقرير فينوغراد سوف تتيح المزيد من الفرص أمام الإسرائيليين للقيام بابتزاز أمريكا والحصول على المزيد من المعونات العسكرية والاقتصادية تحت ذريعة تعزيز التفوق العسكري الإسرائيلي. وأولى الإشارات على تأثيرات تقرير فينوغراد في العلاقات الإسرائيلية – الأمريكية جاءت على النحو الآتي:
• تقرير معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى الذي حمل عنوان «السياسة الخارجية الأمريكية وتفوق إسرائيل العسكري النوعي».
• تقرير منتدى الشرق الأوسط التابع للوبي الإسرائيلي والذي حمل عنوان «زيادة تفوق إسرائيل العسكري النوعي».
أعد تقرير معهد واشنطن كل من المقدم في الجيش الأمريكي ويليام ووندرلي والمقدم في القوات الجوية الأمريكية أندري برايري، وركز التقرير على النتائج التالية:
• هناك فشل وإخفاق في تأمين التفوق الإسرائيلي النوعي.
• اتفقت الولايات المتحدة وإسرائيل على أرضية مشتركة تضمنت المحددات والخطوط العامة لمتطلبات التفوق الإسرائيلي العسكري النوعي.
• معطيات الحرب اللامتماثلة التي طرأت على مسرح الشرق الأوسط أدت إلى عجز إسرائيل عن القيام بالحسم العسكري في مسارح الحرب اللامتماثلة.
• المطلوب إجراء تقييم جديد لجهة تحديد الأرضية المشتركة الجديدة لخطوط ومحددات ضمان وكفالة التفوق الإسرائيلي العسكري النوعي.
أما تقرير منتدى الشرق الأوسط الذي أعده ويليام ووندارلي وأندري بييري فقد قدم ملخصاً مختصراً لما ورد في تقرير معهد واشنطن لكنه ركز على ضرورة تبني الولايات المتحدة لتوجه جديد إزاء ضمان وتأمين تفوق إسرائيل العسكري النوعي في مسارح الحرب الشرق أوسطية. وأشار التقرير إلى أن الولايات المتحدة وإسرائيل تواجهان حالياً المزيد من التحديات الجديدة وبالتالي فإنه من الضروري مراجعة الفهم والإدراك المشترك بين الطرفين حول عملية التفوق العسكري النوعي. ويضيف التقرير أنه من الضروري عدم الاختلاف حول عملية التفوق العسكري النوعي وأن لا تؤثر عملية مراجعتها على العلاقة الرئيسية بين واشنطن وتل أبيب حيث طالبهما التقرير بوضع وتبني تعريف محدد مشترك لمفهوم وطبيعة التفوق العسكري النوعي عن طريق:
• قيام تل أبيب بوضع تخمينها الاستخباري العسكري – الأمني الاستراتيجي لمفهوم وطبيعة التفوق العسكري النوعي.
• قيام واشنطن بوضع تخمينها الاستخباري العسكري والأمني الاستراتيجي لمفهوم وطبيعة التفوق العسكري النوعي.
•  قيام واشنطن وتل أبيب بوضع تخمينها الاستخباري العسكري والأمني الاستراتيجي لمفهوم وطبيعة التفوق العسكري النوعي وكيفية تأمين إسرائيل على هذا التفوق العسكري النوعي في مسارح الشرق الأدنى والأوسط وشمال إفريقيا.
عموماً، يتذرع الإسرائيليون بأن قدراتهم الحالية لم تعد تتيح لهم ميزة التفوق العسكري النوعي كما كان في السابق في مسارح الحروب الشرق أوسطية لأن معادلة ميزان القوة كانت تركز على صيغة محددة لتوازن القوى تقوم على أساس اعتبارات فرضية أن القدرات العسكرية الإسرائيلية تستطيع تحقيق الحسم العسكري في مواجهة كل القدرات العسكرية العربية مجتمعة وخلال فترة وجيزة. والآن، كما يزعم الإسرائيليون وخبراء اللوبي الإسرائيلي، فإن القدرات العسكرية العربية تغيرت بحيث:
• ظهر عنصر مذهبية الحرب اللامتماثلة، وهي حرب لا تستطيع فيها القدرات العسكرية الإسرائيلية الحالية التعامل الميداني معها.
• ظهور إيران كقوة عسكرية مضافة جديدة في المنطقة.
• تطور القدرات الصاروخية السورية وهي قدرات ليس بإمكان شبكات الدفاع الصاروخي الإسرائيلي القضاء على خطر تهديدها للأمن الإسرائيلي.
• تفوق سوري كمي في مواجهة تفوق إسرائيل النوعي سوف يترتب عليه أن يكون سيناريو الحرب القصيرة الأجل في صالح إسرائيل أما سيناريو الحرب طويلة الأجل فسوف يكون حتماً في غير صالحها خاصة إذا اندلع الصراع ورفض السوريون وقف إطلاق النار الذي تعودت إسرائيل الحصول عليه بعد القيام بإيقاع الخسائر الكبيرة في بداية حروبها مع الأطراف العربية.

 


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...