إياد شاهين... لم تنطل عليه الحياة
ظهيرة الأربعاء الماضي، غاب إياد شاهين الشاعر السوري الذي لم يطمح إلى الضوء ومعارك الشهرة، ورحل وفي رصيده مجموعة شعرية يتيمة بعنوان صادم هو «كورتاج». في الليلة نفسها، نشرت وكالات الأنباء خبراً يتعلّق بتفجير نصب أبي تمّام في مسقط رأسه بلدة جاسم، من أعمال حوران، على يد «جبهة النصرة» في مشهد مشابه لقطع رأس تمثال أبي العلاء المعرّي في مدينة معرّة النعمان (محافظة إدلب). هذه المرّة، نفقد في يومٍ واحد بشراً وحجراً، كي لا تشرئب الأعناق بتسفيه الاهتمام بتمثال، فيما تحصد آلة القتل المئات يومياً. متطوعو الفايسبوك اخترعوا موتاً «لائقاً» بالشاعر الشاب إياد شاهين. أرسلوه أوّلاً إلى المعتقل ليخرج بعد يومين جثة هامدة بسبب التعذيب الوحشي، ثم عدّلوا الخبر إلى جلطة قلبية باغتته في الطريق. لكن حين أوضح مقرّبون منه أنّه مات بتسمّم كحولي، غضب آخرون تحت بند تشويه سمعة الشاعر (!). وكان آخر ظهور لشاهين قبل أسابيع في حانة ومطعم «نينار» في دمشق القديمة، حيث استل الميكروفون وقرأ نصاً صغيراً، على أن تستضيفه ورشة «يا مال الشام: شعر وخمر» في أمسية لاحقة. اختفى الشاعر، معوّضاً غيابه بشذرات قصيرة، ومشهديات مكثّفة، على صفحته الفايسبوكية.
رحل الشاعر من دون أن يكمل «كتاب الشيخوخة». الكتاب الذي ظنّ بأنه سيكون ملاذه الأخير في الهزيع الأخير من عمره، في مقاومة الضجر «أين وجدتموه؟ في ثيابه وجدناه حياً وميتاً، مكباً على صفحة من غيابه»، و«البحر مالح لأنّ الغرقى ما زالوا يبكون»، و«ظنّ الخيط عند خروجه من الإبرة، أنه هو الذي ثقبها». أما آخر ما كتبه، فقد كان رثاء شخصيّاً صريحاً في تبرير غيابه: «مات. لم تنطل عليه الحياة». أما بخصوص حبيب بن أوس الطائي (803 ــ 845)، فقد وجد تعويضاً آخر في النصب الذي ما زال قائماً في إحدى ساحات الموصل، المكان الذي دُفن فيه.
خليل صويلح
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد