استدرجها بعد أسبوع من إعادة الخطوبة ثم أحرقها
الجمل- خليل اقطيني: لو أن فيروز كانت تعلم أن هذا المشوار مع خطيبها علي، سيكون آخر مشوار في حياتها لما خرجت من بيت أهلها الكائن في حي غويران في مدينة الحسكة في ذلك اليوم المشؤوم. لكن ما أدراها أن نهايتها ستكون على يد أقرب الناس إليها، زوج المستقبل، ولاسيما أنه لم يمض سوى أسبوع واحد على عودة المياه إلى مجاريها بينهما بعد عدة شهور من فسخ الخطوبة، ولهذا كانت فرحتها كبيرة بهذا اللقاء الذي لم تتردد في الاستجابة إليه وسارعت إلى تحقيقه، لكأنه اللقاء الأول مع حبيب القلب.
ولأن الأمر كذلك راحت ذكريات الزمن الذي مضى تلح على ذاكرتها منذ أن خرجت من منزل ذويها للقاء خطيبها علي، عند الساعة السابعة والنصف مساء، بعد تلقيها اتصاله الهاتفي. وهي في الطريق كان أول شيء قفز إلى مقدمة ذاكرتها لقاءهما الأول وتعرفهما على بعضهما البعض. وعلاقة الحب التي نشأت بينهما والتي توجت بخطوبة رسمية في شتاء العام الماضي 2008.
وبين هذه الصور الجميلة كانت تبرز بين حين وآخر بعض اللحظات المتشحة بالسواد في هذه المرحلة من حياتها. فما إن تذكرت كيف غدر بها وفسخ الخطوبة بعد ثلاثة أشهر فقط حتى أجهشت بالبكاء، وخاصة أنها لم تبخل عليه بشيء، حتى بأعز ما تملك وهو شرفها، حيث نسيت نفسها بين ذراعيه في لحظة جميلة من الهيام والتجلي المشبع بالغرام والحب، وأسلمت نفسها له. ظناً منها أنها تضحي بأغلى ما لديها من أجل حبيب قلبها الذي سيكون شريك عمرها وأب أولادها في المستقبل. ومرة أخرى يخونها حسن الظن وتدفع ثمن ثقتها الزائدة بالآخرين، إذ لم تمضي سوى ثلاثة أشهر على الخطوبة حتى قام علي بفسخ الخطوبة. فأدركت أنها كانت ضحية لشخص شهواني، ما إن أفرغ شهوته ونال ما يريد حتى سارع إلى التخلي عنها.
لكنها ورغم كل ذلك، سامحته، ورفضت العرض الذي تقدم به شخص آخر لخطبتها، وعندما عرض عليها علي إعادة المياه إلى مجاريها بينهما، سارع قلبها قبل عقلها للموافقة.
مسحت دموعها وأصلحت ماكياجها قبل الوصول إلى حديقة سوار المحطة المكان المحدد للقاء مع علي بلحظات. وهناك جلسا لبعض الوقت وتحدثا قليلاً. ثم ركبا سيارة أجرة. ولدى وصولهما إلى مركز انطلاق الحافلات الشمالي طلب علي من السائق التوقف لشراء وحدات خليوي من أحد المحلات. وقبل نزوله من السيارة ناول سائق التكسي قارورة صغيرة، طالباً منه ملأها بالمازوت من محطة بيع الوقود الموجودة مقابل مركز الانطلاق.
عاد إلى السيارة بعد أن اشترى 400 وحدة، واتجه السائق بهما صوب ساحة ختو في حي تل حجر. ولدى وصولهما مفرق حي دولاب العويصي نزلا من السيارة وأكملا طريقهما سيراً على الأقدام باتجاه مبنى كلية الزراعة، وجلسا داخل حرم الكلية يتحدثان بأمور مختلفة تتعلق بعلاقتهما وحياتهما. والمراحل التي مرت بها.
نظر علي إلى الساعة فوجدها الحادية عشرة ليلاً. فأدرك أن الوقت حان لتنفيذ ما خطط له، ولاسيما أن المكان خال تماماً من الناس. وذلك للتخلص من فيروز كونها كانت تذكـّره على الدوام بما أقدم عليه من فض لبكارتها، وتلح عليه لتصحيح الخطأ الذي ارتكبه والاقتران بها رسمياً.
وبحركة غرامية لطيفة طوق عنقها، وبدل أن يداعبها كما كانت تنتظر، ضغط بكلتا يديه على رقبتها وخنقها، بعد ذلك تناول قارورة المازوت ورش محتواها على فيروز، ثم دس يده في جيبها وأخرج منه ولاعة خضراء اللون وأشعل منها قطعة محارم ورقية، وألقاها فوقها لتبدأ النيران بالتهامها، من أجل إزالة كافة آثار الجريمة، وحتى لا ينكشف أمره بقتلها. وعلى الفور غادر المكان مسرعاً باتجاه منازل أقاربه في مدينتي الحسكة والقامشلي. ومن هناك حاول إيهام ذوي المغدورة بالتعاون مع إحدى الفتيات من خلال اتصالات هاتفيه بأن ابنتهم فيروز غادرت سورية مع فتاة أخرى إلى العراق.
وشاءت العناية الإلهية أن تذهب كل المحاولات التي بذلها علي لإبعاد الشبهة عنه أدراج الرياح، فبعد اكتشاف الجثة ومعرفة أنها تعود للمغدورة فيروز. كانت كل الأدلة تحاصره، فانهار واعترف بجريمته النكراء في كافة أدوار التحقيق، وقام بتمثيلها بجميع مراحلها أمام قاضي التحقيق والنيابة العامة. ولهذا وجد قاضي التحقيق سالم الصياح أن عناصر القتل العمد متوافرة في هذه الجريمة، ما استدعى أن يوجه للجاني علي تهمة القتل القصد المرتكب عمداً عن سبق الإصرار والتصميم وفق المادة 535 عقوبات عام. طالباً محاكمته أمام محكمة الجنايات بالحسكة، لينال جزاء ما اقترفت يداه.
الجمل
إضافة تعليق جديد