الأمل الكاذب في معرض فرص العمل (الخاصة)..

14-07-2008

الأمل الكاذب في معرض فرص العمل (الخاصة)..

سنشاهد ونقرأ بعد يوم على الأكثر، الخبر التالي على صفحات الجرائد، ووكالة سانا، وبعض الصحف الاليكترونية:

(افتتحت الدكتورة ديالا الحاج عارف معرض فرص العمل، وقد شهد المعرض إقبالاً واسعاً، وشاركت فيه كبرى شركات التوظيف وتأمين العمالة، وقد تجاوز عددها 62 شركة، وصرح البعض أن الغاية من المعرض تأمين فرص عمل للشباب الجامعي، وتأهيل من هم دون هذه المرحلة، وأن بعض الشركات استطاعت توفير 100 فرصة عمل وأكثر، وعبر عن حاجته لخبرة بعض المتقدمين بما يقارب الـ 45 فرصة - 100 فرصة، وقد بلغ عدد الذين تقدموا بسيرهم الذاتية حسب ما جاء على موقع المعرض 1980).

هذا ما يمكن أن أتوقعه بعد زيارتي لمعرض فرص العمل الذي رعته وزارة العمل، وقد كانت ملاحظة الإقبال من شريحة الشباب جلية وواضحة، والبعض يمتلك خبرات عالية، ولكن لم تتوفر له الفرصة ليعمل.

المعرض يعتبره أغلب من سألناهم عن سر اللجوء إلى معارض تقيمها جهات خاصة برعاية الوزارة المعنية بتشغيلهم، يعتبرونه فرصة قد تأتي بوظيفة بعد أن عجزت الطلبات النائمة في كمبيوترات وزارة العمل عن إيجاد فرصة عمل لهم، وأغلبهم ممن يحملون الشهادات العليا، ومحاولة من المحاولات التي قاموا بها سابقاً للحصول على وظيفة، سواء في العام أو في الخاص.

- رغم الأمل الذي تحدث عنه الكثيرون ممن كانوا يدورون في أروقة المعرض، متنقلين بين شركة وأخرى، كان هذا الأمل جزءاً من الدوران غير المجدي الذي يمارسونه في انتظار تحقيق حلم العمل.

مازن ح:  خريج جامعي من كلية الاقتصاد: أعرف تماماً مدى الفرصة في إيجاد فرصة عمل، هذه الشركات الراعية والمشاركة تبحث عن مواصفات معينة، وأعرف جيداً أن فرصة العمل وإن تحققت لن تكون المنقذ لي، والقادرة على صنع المستقبل الذي أحلم به، كلنا يعرف أن الوظيفة لم تعد العمل الذي يسد الرمق، وخصوصاً لمن لديه عائلة، أو من كان مسؤولاً عن الغير.

أمل كاذب بين كلمات مازن، لكن زميله الذي تقدم إلى ثلاث شركات، وعدته بعد المعرض بالاتصال به، ودراسة المعلومات التي وضعها في سيرته الذاتية ومدى تطابقها مع الموظف الذي تحتاجه.

يوسف .ر: لدى هذه الشركات أهداف أكبر، هي تثبت نفسها في مجال تشغيل العمالة، والفرصة هي فرصتها في استقدام نفس جديد، والحصول على مواصفات الشخص الراغبة في تشغيله كما تشاء.

رامية( متحفزة): لقد وعدتني إحدى الشركات بالعمل بعد نهاية المعرض، لكنني سمعت الوعد نفسه الذي يقال لكل من يتم التنسيق معه.

- عشرات الآلاف في الواقع يبحثون عن فرصة تشبه الفرص التي تحاول هذه الشركات أن تقدمها لهم.

الدور المفقود لوزارة العمل، والجهات التابعة لها في إنفاذ جيش العاطلين عن العمل، وبالأخص الجامعيين الذين لا مسابقات في جميع الاختصاصات لتعيينهم، والقطاع الخاص الذي ليس بقادر على استيعاب هذا الجيش، أوصل جميع العاطلين عن العمل إلى حافة اليأس..

أميرة خريجة كلية الشريعة: درست في جامعة دمشق، تخرجت سنة بسنة، بانتظار المسابقة التي تقدمت إليها، بعد أن هلكت روحي في دروس الساعات التي لا تغني من جوع، ولكن قبلنا بها كي لا نشعر أن سنوات الدراسة التي قضيناها ذهبت في البحث عن وظيفة، والقبول بفكرة ربة المنزل غير العاملة، التي تنجب الأطفال وتطيع زوجها أو ولي أمرها في كل ما يأمر.

إيمان.د: لم أكمل دراستي، وأعمل بأكثر من عمل، سوبر ماركت، بائعة ألبسة، محل لبيع الإكسسوارات، ألسنا في النهاية نبحث عن عمل يحمينا من السؤال أو من الانحراف.

محمد. س: في هذا المعرض أبحث عن الفرصة الأخيرة قبل أن يكتمل القرار في داخلي بالبحث عن العمل في مكان آخر، بالأدق في بلد آخر، كنت أتمنى أن أعمل في هذا البلد، وطني الذي أنفق على تعليمي، أولى أن أعمل به.

سعاد. ي: طلبي في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، ريف دمشق منذ ثلاث سنوات، لم يتصل بي أحد حتى هذه اللحظة، ظننت للوهلة الأولى أن هناك خطأً ما، في أوراقي، في عنواني، رقم هاتف جارتنا، أو أن الوزارة اتصلت ولم يخبروني بذلك.

مروان: الفرص التي يتحدثون عنها، وخصوصاً ما تقدمه الدولة يثير الضحك، إنهم يؤمنون الفرص للسائقين، الحراس، أي المهن التي ليست مهناً تتطلب كفاءات أو معارف متطورة.

- العمالة بكل أطيافها، شهاداتها، خبراتها في الحياة، تبحث عن فرصة للتأكد على الأقل من مقدرتها على تطبيق النظري إلى عملي مأجور، المهندس لا يريد أن يمزق ورق المرسم، يكسر الفرجار، ويعتقد أن العمل حلم، خريجو الإعلام الذين يبحثون عن مكان للكتابة دون إسفاف، أو القبول بفكرة العمل في القطاع الخاص رغم معرفتهم بمدى الانتهازية والجهل الذي سيحيط بهم من كل حدب وصوب.

خريج كلية الاقتصاد لن يذهب بشهادته إلى جدار المنزل، أو يعمل محاسباً في مقهى، فرصة العمل التي يحتاجها هي التي تضعه في مكانه الحقيقي في المجتمع.

نور خريجة معهد الأعمال الإدارية: أبحث عن فرصتي، أنا أعمل منذ سنوات في القطاع الخاص، دوامين، من العاشرة صباحاً حتى الرابعة، ومن السادسة حتى التاسعة، في استهلاك لكل وقتي وجهدي.. أفضل من انتظار رحمة كمبيوتر وزارة العمل الذي لا ينظر إلى الأسماء النائمة فيه أحد!!.

العمل لا تحتاجه خريجة الجامعة فقط: الآلاف من النساء يبحثن عن عمل يساعد رب المنزل في مصروف المنزل الخانق، ولكن دون جدوى.

وجدان معلمة خياطة: باءت كل المحاولات التي قمت بها لتحقيق معمل أو ورشة خياطة بالفشل الذريع، حتى مع القروض الصغيرة، وحتى بالشراكة، زوجي يعمل دهاناً، حداداً، طياناً، مع ذلك المصروف لا يكفي، وأنا أبحث عن فرصة العمل لغاية واحدة أن أساهم في بيت أبنيه لأولادي بعد أن أنهكت الإيجارات ظهرنا، واستهلكت معظم ما نجنيه، وهو يسير.

حسن ج: لم أترك عملاً عضلياً إلا وعملت به، سواء بإرادتي أو غصباً عني، مرة كنت المعلم، ومرة كنت الصانع، اقتربت من سن الأربعين ولم أستطع بناء سقف لراسي ولأجساد أبنائي الصغار، الأعمال العضلية تحتاج إلى رجل دائم النشاط، ولكن للعمر ضريبته، وها قد أصبحت في سن حرجة، وما زلت أقوم بالجهد ذاته.

في باب الجابية ينتشر الباحثون عمن يشغلهم في أي شيء، العدة جاهزة، السطل البلاستيكي، الرفش، الحبل المعدني,.

أبو جاسم: على هذه الحالة قضيت نصف حياتي، لا أتذكر يوماً أني اشتغلت في مكان واحد، يقودني الذي يدفع أين يشاء.

تحت جسر الميدان يجلس شباب في أول أعمارهم، منتظرين صاحب حاجة يقودهم إلى عمل قد لا يكفيهم وجبة طعام.

أحمد.د: تركت المدرسة لأساعد والدتي في تربية إخوتي بعد أن مات والدي، ضاعت المدرسة، ولا يوجد عمل، يحتاج مكتب العمل إلى مهنيين، وأنا عامل حر.

- تعترف الإحصاءات الرسمية بأكثر من نصف مليون عاطل عن العمل في بلدنا، بطالة حقيقية ومقنعة، وشبه عاملين، وهيكل منخور من الموظفين الذين يقبضون رواتب اجتماعية بالكاد تشبعهم الخبز ولا تقيهم شر حاجة المتطلبات الأخرى.

تتحدث الحكومة عن حوالي 200 ألف عامل غير مثبت في إحصاءاتها، والسيد رئيس الحكومة، ووزير المالية يتحدثان عن عدم النية في تثبيت هؤلاء الذين لم يعد لهم أي نصير.

الأرقام في حقيقتها أكبر من الفجيعة، وهي أكبر من التصريحات، وهي تعيش مع الغلاء الفاحش، قلة العمل، المواسم الخرافية السيئة، الإدارة الاقتصادية المرتبكة، رفع الدعم عن أساسياتها، الرقابة الغائبة من أجهزة الدولة على التلاعب الذي تمارسه أيدي التجار التي أطلقت لتعمل في أرزاق الناس وتدوس على كرامتهم.

اجتمعت في المعركة ضد الباحثين عن فرص العمل كل السلبيات، ليكونوا جحافل من الجوعى دون أمل.

- معرض فرص العمل الذي أقامه القطاع الخاص برعاية من السيدة وزيرة العمل خطوة مجانية، هو القطاع الذي يأكل العامل من الشمس إلى غروبها، القطاع الخاص الذي لا يعترف بالتأمين للعامل، ويرى أن العامل يأخذ أكثر مما يستحق بمجرد أن يعمل.

الطرف الذي يرعى المعرض وعلى لسان السيدة الوزيرة : لا يوجد فقراء في سورية، هناك أصحاب دخل محدود..

لطرفي المعادلة، من كل هؤلاء الذين يبحثون عن فرصة عمل..

عبد الزراق دياب

المصدر: قاسيون

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...