الإدارة الأمريكية تبدأ بتطبيق الخطة (ج) في ديارنا

23-04-2007

الإدارة الأمريكية تبدأ بتطبيق الخطة (ج) في ديارنا

  بعد فشل الخطة (أ)، والخطة (ب)، تشير الدلائل والمؤشرات إلى أن الإدارة الأمريكية بدأت الشروع في تطبيق الخطة (ج)، كمحاولة ثالثة من أجل فرض السيطرة والهيمنة الكاملة على الشرق الأوسط.
• معطيات خبرة الخطة (أ):
تطبيق الخطة (أ) اعتمد على تنفيذ فرضية الغزو والاحتلال العسكري، لبلدان منطقة الشرق الأوسط الرئيسية، واعتماد قوة الاحتلال العسكري الأمريكي كأساس لبناء مشروع الدول والكيانات التابعة، على غرار النموذج الذي حدث في اليابان، وألمانيا بعد هزيمتهما واحتلالهما في الحرب العالمية الثانية، وأيضاً نموذج كوريا الجنوبية بعد فرض الوصاية عليها بوصفها تحت مظلة الحماية العسكرية الأمريكية الكاملة في الفترة التي أعقبت احتلال القوات الأمريكية لأراضيها عند اندلاع الحرب الكورية.
غزو واحتلال العراق كان نقطة البداية العملية في تنفيذ الخطة (أ)، وكان مفترضاً أن تتقدم القوات الأمريكية بعد ذلك شمالاً إلى سوريا، إضافة إلى أن يتبع ذلك عملية السيطرة العسكرية على إيران، بحيث تصبح كامل منطقة الشرق الأوسط تحت السيطرة العسكرية الأمريكية، بافتراض أن السعودية وبلدان الخليج العربي تقبع بالأساس تحت مظلة السيطرة العسكرية الأمريكية.
تصاعد المقاومة العراقية، والخلافات في واشنطن، وأيضاً الخلافات بين واشنطن وحلفائها، إضافة إلى ارتفاع الخسائر المادية والمالية والبشرية أدت مجتمعة إلى فشل الخطة (أ).
• معطيات خبرة الخطة (ب):
تطبيق الخطة (ب)، اعتمد على تنفيذ فرضية دعم الديمقراطية، عن طريق الضغوط السياسية الخارجية التي تقوم بفرضها الإدارة الأمريكية وحلفائها، والضغوط السياسية الداخلية التي تقوم بفرضها القوى السياسية الداخلية، المطالبة بالتحولات الليبرالية، مثل حركات المجتمع المدني وأحزاب المعارضة السياسية.
وبالفعل بدأت الإدارة الأمريكية عملية تحريك الأحداث والوقائع التي تؤدي إلى قلقة الأوضاع وإثارة التوترات بين دول الشرق الأوسط، وأيضاً داخل هذه الدول.
وكانت (شرارة) البداية قيام (الأذرع الخفية) لجماعة المحافظين الجدد، بتنفيذ عملية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، الأمر الذي أدى إلى حدوث حالة فوضى عارمة في الشارع اللبناني، أطلقت عليها زعيمة جماعة المحافظين، اليهودية الأمريكية باولا دوبريانسكي تسمية ثورة الأرز (Cedare Revolution)، وقد وفرت تلك الأحداث للإدارة الأمريكية والحكومة الفرنسية ذريعة، تحريك مجلس الأمن الدولي وإصدار المزيد من القرارات الدولية، التي طالبت في ظاهرها بخروج القوات السورية من لبنان –وقد خرجت بالفعل- وفي باطنها كانت تتضمن المزيد من الوسائط الإجرائية الهادفة إلى ترتيب منطقة الشرق الأوسط، وإعادة هيكلتها سياسياً واقتصادياً واجتماعياً عن طريق إعداد لبنان وترتيبه لكي يقوم بدور (بؤرة) تصدير الثورات (الملونة) الى بقية بلدان الشرق الأوسط، أو على الأقل بلدان منطقة شرق المتوسط.
لقيت الخطة (ب) مصرعها في لبنان، عندما قام مقاتلو حزب الله اللبناني بهزيمة القوات الإسرائيلية، على النحو الذي أربك المخططات العسكرية الأمريكية والإسرائيلية القائمة على استخدام القوة العسكرية الغاشمة، ودفع الخبراء العسكريين الأمريكيين والإسرائيليين إلى البحث عن حل لمشكلة الحرب اللامتماثلة، كذلك أدت نتائج هزيمة إسرائيل على يد حزب الله إلى محاصرة معسكر قوى 14 آذار سياسياً داخل لبنان، الأمر الذي قضى على القوى السياسية التي كان يعتمد مخطط الخطة (ب) على استخدامها وتوظيفها في عملية تصدير الثورات الملونة، ولم يعد السنيورة، أو جنبلاط أو سعد الحريري يمثل رمزاً لإرادة التغيير السياسي في المنطقة، بل أصبحوا بعد حرب الصيف مجرد دمى أمريكية- إسرائيلية مكشوفة أمام الشارع السياسي الشرق أوسطي، برغم محاولات بوش وإيهود أولمرت المحمومة لإنفاذ ما يمكن إنفاذه من السمعة السياسية لقوى 14 آذار.
كذلك، المحور الثاني الذي تمت محاولة تطبيق الخطة (ب) فيه هو العراق، وبرغم إشراف الأمريكيين على سيناريو الانتخابات البرلمانية العراقية، القائمة على التعدد الحزبي، فقد أفشلت مقاومة العراقيين العملية السياسية الأمريكية- الإسرائيلية الجارية في العراق، ووصلت قوة ضربات هذه المقاومة إلى زلزلة الأرض داخل أمريكا تحت أقدام الإدارة الأمريكية، على النحو الذي أدى إلى خسارة الجمهوريين مقاعد الكونغرس الأمريكي، بشكل أضر بالتوازنات السياسية التي كانت تعتمد عليها الإدارة الأمريكية وجماعة المحافظين الجدد في تنفيذ المخططات الشرق أوسطية.
• معطيات خبرة الخطة (ج) المتوقعة:
المؤشرات الأولية للخطة (ج)، بدأت في الأيام الأخيرة لحرب حزب الله- إسرائيل، وذلك عندما كتب دينس روس –مبعوث السلام الأمريكي السابق في الشرق الأوسط- مقالاً تم نشره على موقع معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، والذي قال فيه -على خلفية الانقسام العربي، وبوادر هزيمة إسرائيل التي لاحت في الأفق آنذاك- بضرورة أن تتحرك الإدارة الأمريكية من أجل توظيف الخلاف العربي وبناء تحالف لمظلة أمنية في المنطقة، يضم: الأردن، مصر، السعودية، وجماعة محمود عباس، وحكومة السنيورة، وأعقب ذلك جولة كوندوليزا رايس التي نتج عنها تحالف المعتدلين العرب، الذي ضم هذه الأطراف المذكورة.
تم توسيع أجندة تحالف المعتدلين العرب، وذلك بإدخال مواجهة الخطر الإيراني كمفهوم أمني استراتيجي جديد في منطقة الشرق الأوسط، كذلك تم ربط قوام تحالف المعتدلين العرب، على المستوى التحتي بالترتيبات الأمنية الإسرائيلية في المنطقة عن طريق اجتماع العقبة الذي أسس لمشروع تحالف أمني إقليمي شرق أوسطي يضم إسرائيل للمعتدلين العرب.
النقلة الجديدة في مخطط الخطة (ج) تهدف إلى تطوير التعاون الأمني بين المعتدلين العرب وإسرائيل إلى تعاون عسكري، وهي النقلة التي يشرف وزير الدفاع الأمريكي روبرت غاتز على تنفيذها حالياً.
النقلات الأخرى القادمة سوف تتضمن العودة إلى عملية الاحتلال العسكرية الأمريكية، ولكن عن طريق الوسائل غير المباشرة، وبسبب فشل اعتماد استخدام الوسائل العسكرية المباشرة الذي ترتب على عملية غزو واحتلال العراق، فإن الوسائل غير المباشرة تعتمد على جعل بلدان منطقة الشرق الأوسط تخضع للاحتلال العسكري الأمريكي غير المعلن، وذلك على غرار ما حدث في السعودية وبلدان الخليج العربي التي أصبحت بالفعل تحت الاحتلال العسكري الأمريكي غير المعلن والذي يختلف ظاهرياً عن الاحتلال العسكري الأمريكي للعراق، ولكنه يتفق معه في الباطن، وهو سلب الإرادة الوطنية في عملية صنع واتخاذ القرار الوطني، بحيث يصبح القرار أمريكياً- إسرائيلياً خالصاً.
منهجية تطبق النقلات الجديدة في الخطة (ج) تقوم على توريط البلدان العربية في شبكة اتفاقيات تهدف لإنشاء المزيد من القواعد العسكرية الأمريكية، وربط الجيوش وقوى الأمن الموجودة في المنطقة بالمذهبية العسكرية الأمريكية، وبالتبعية التسليحية، بحيث تتزايد أعداد وعتاد القوات الأمريكية على النحو الذي يفوق القدرات العسكرية الوطنية، وتصبح القوات الأمريكية الموجودة في كل بلد أقوى من الجيش الوطني.. ثم بعد ذلك تبدأ الإدارة الأمريكية سيطرتها على القرار السياسي الوطني إزاء القضايا الدالية وأيضاً  إزاء العلاقات والتطبيع مع إسرائيل على أساس أطروحة: السلام مقابل السلام.. وغيرها من أجندة جماعة المحافظين الجدد المرتبطة بحزب الليكود الإسرائيلي.

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...