الإعلام السوري وشارل أيوب وإخوانه
الجمل- عماد شعبان: اعتدنا نحن معشر السوريين أن لانأخذ إعلامنا وإعلاميينا على محمل الجد وقد تكرس هذا التراث واقعا لايقبل الإختراق عبر سنوات طويلة إلا فيما ندر وتبدت بعض الأقلام القليلة المحترمة التي تكتب في الصحف اليومية أو يسمح لها بالكتابة وكأنها تغرد خارج السرب وسط مجتمع وقراء عرضة لكل أنواع الإعلام القادم من وراء الحدود ولاسيما من لبنان الذي وجد في السوريين جمهورا متعطشا للسجالات والمناكفات وكل أنواع الرصانة وكذلك الإسفاف فيما ترك الإعلام المحلي السوري لإستخدامات أخرى ليس من بينها القراءة الا فيما ندر .
وجدت نفسي مضطرا لهذه المقدمة الوصفية كمدخل منطقي للحديث عن حال الإعلام السوري الذي يجد نفسه اليوم عالقا في منطقة رمادية لايستطيع الفكاك منها فلا هو يجسر على التقدم ولا هو بقادر على العودة الى الوراء فتراه يجتر نفسه ويعيد الإجترار الى درجة الملل مستمرا في الإتكاء في التعبير عن الحراك الذي تشهده سوريا على بعض الإعلام اللبناني الذي سمعت احد رموزه يفتخر بأنه يدخل كل بيت في سوريا فيما لايجرؤ القائمون على الفضائية السورية ان يتحدثوا بمثل هذا الكلام .
بالتأكيد لسنا في وارد تأجيج نزعة شوفينية تستحضر العداء للإعلام اللبناني ولا لغير اللبناني ولكن الدخول الى عمق مشكلة الإعلام السوري غير ممكن بدون مراجعة تطال في جانب أساسي منها الإعلام اللبناني ولاسيما مؤسسات إعلامية كانت على الدوام محسوبة على انها ضمن الخط السوري ولذلك فقد نالت مانالته من دعم وتعاطف السلطات الإعلامية في سوريا لدرجة ان كثير من المؤسسات الإعلامية السورية كانت تتمنى ربع الإهتمام الذي كانت تحظى به بعض المؤسسات الإعلامية اللبنانية فالمقابلات المهمة للمسؤولين السوريين والتسريبات التي تصنف في باب السبق الصحفي تخرج من دمشق لتجد ترجمتها على صفحات بعض الصحف اللبنانية ولم أعرف في يوم من الأيام السبب الذي لايدفع بهذه التسريبات الى صفحات صحفنا المحلية سواء الرسمية او غير الرسمية حتى بعد خروج صحف سورية يومية خاصة إلى النور فإن تجربتها ماتزال متواضعة ولاتقاس بتجربة الصحافة اللبنانية مع السوريين حتى ان هذه التجارب لم تشكل اي تهديد وإن لايذكر لسطوة الصحف اللبنانية على السوريين .
اليوم اشتعل جدال عقيم في الاوساط الإعلامية وغير الإعلامية السورية حول ما اشيع عن انقلاب ناشر صحيفة الديار ورئيس تحريرها شارل ايوب على مواقفه وإدارته ظهر المجن لسوريا وإقترابه من الآلة الإعلامية والسياسية الحريرية مدفوعا بما قيل انه اغراءات مادية دفعت بشارل ايوب الى التحول من اشد المؤيدين تعصبا لسوريا الى مجرد صحفي يأتمر بأمر ألد خصوم سوريا في لبنان وقيل ان جريدته الديار منعت –لم نتمكن من تأكيد هذا الخبر- من دخول سوريا كما شنت بعض الأقلام السورية حملة شعواء على ايوب ووصل الامر الى اتهام احدهم لأيوب بأنه لجأ الى المال الحريري تحت وطأة إدمانه للقمار .
شارل ايوب وجد الهجوم فرصة ليتنمر وليجعل من نفسه ضحية وليعلي سقف شروطه عبر رد ناري اعتبر فيه ان القيادة السورية توعز لاحدهم بالهجوم عليه ولم يكتف بذلك بل وضع شارل ايوب نفسه في موقع الند للقيادة السورية عندما قال اذا كانت القيادة السورية تريد شيئا مني فلماذا لاتخاطبني مباشرة ؟
بلاغة شارل ايوب لاتكذب غايته فالرجل يريد ان تخاطبه القيادة السورية وبصراحة لااعرف اذا ما قررت ان تخاطبه ماذا عساها ان تقول له .......أبعد كل هذا الدلال يريد شارل ايوب المزيد ؟ فقد فتحت له ولصحيفته افاق لا يحلم لاهو ولامن هو اعلى منه شأنا وموهبة بأن ينالها وكانت جريدته تطبع وتوزع في اربع انحاء سوريا حتى تفوقت توزيعا على كل الصحف السورية التي قيل انها اشتكت من ذلك مرارا ولكن لاحياة لمن تنادي فشارل ايوب وجريدته كان لهم الاولوية .
ولكن ما يحيرني فعلا هو تلك العقدة التي يشعر بها بعض المسؤولين الإعلاميين في سوريا تجاه وسائل الإعلام اللبنانية فالديار مثلا هي صحيفة ترتيبها في احسن الاحوال الرابعة في قائمة الصحف اللبنانية فهي تقف حتما بعد الأخبار والسفير والنهار وربما تسبقها الشرق واللواء والأنوار وبالتأكيد هي اقل اهمية من الحياة التي تتخذ طابعا اقليميا فهل من المعقول ان سوريا البلد الكبير العظيم الذي يبلغ عدد سكانه 20 مليونا ولديه إدارة سياسية مشهود لها بالحنكة تولي كل هذا الإهتمام لصحيفة من الدرجة الرابعة في بلد عدد سكانه ثلاثة ملايين ؟.
اتذكر انه منذ فترة ليست بالبعيدة وربما قبل نحو عامين استدعى وزير الإعلام كافة المدراء العامين لوسائل الإعلام ورؤساء تحرير الصحف السورية لما وصف في الإعلام السوري حينها بأنه جلسة حوارية ضمت هؤلاء المديرين ورؤساء التحرير مع شارل ايوب واحد الوزراء اللبنانيين السابقين واتذكر ان شارل ايوب تحدث في تلك الجلسة وكأنه نعوم تشومسكي او توماس فريدمان او كأنه في افضل تجليات تواضعه محمد حسنين هيكل وكم حزنت عندما لاحظت بأن بعض رؤساء تحرير الصحف السورية كان يتكلف في الحديث ويتصنع في الحوار ويبالغ في ترتيب الافكار وكأنه يتقدم للإمتحان امام استاذ من اساطين الفكر والعلم فيما هو في الحقيقة امام مجرد صحفي شاءت الظروف ان يحظى بحظوة خاصة في سوريا لم ينالها اهم الصحافيين السوريين الذين يجاهدون لنيل بعض حقوقهم او يفضل كثير منهم ان يهاجر على مبدأ
وفي الأرض منأى للكريم عن الاذى وفيها لمن خاف القلى متعزل
اليوم شارل ايوب وقبله جريدة الأخبار التي سمحت لنفسها بأن تعلن مواجهتها للسلطات الإعلامية السورية لابل ودفعت هذه السلطات الى ان (تكسر على انفها بصلة) وتعيد النظر في تعاملها مع جريدة الاخبار التي فرضت شروطها في التوزيع كما طلبت فيما لو فعلت ذلك اية صحيفة سورية لكان وجد ناشرها او مديرها او رئيس تحريرها المسؤول مالايرضيه –كما نظن –
ترى ألم تأزف الساعة التي نتعلم وندرك فيها بأنه ماحك جلدنا غير ظفرنا سواء أكان الامر متعلقا بالإعلام أم بغير الإعلام وإن الابواق الخارجية مهما اطربت فإنها طربها موسمي وأنه من الاجدى ان يتم تكريس الإعلام السوري معبرا وحيدا- او اولا ورئيسيا- عما يدور في ذهن الإدارة السورية وفي كافة المجالات؟ اذا كان الجواب سلبيا فما علينا إلا ان نتحمل ما يأتينا من شارل أيوب واخوان شارل أيوب وبالمناسبة أنا أول الشامتين بمن راهنوا على شارل أيوب وانصح هؤلاء بالرهان على أولاد البلد الذين يغلق بعضهم صحيفته الخاصة وبعضهم الآخر تنازع صحيفته وفيما بين هذا وذاك كل على ليلاه يغني فاسمحوا اذا لنا لمرة واحدة ان نغني على ليلنا لعل وعسى نُسمِعُ لكننا نشك في قدرتنا على الطرب لان اذن الحي لنغمة الغريب عاشقة .
الجمل
إضافة تعليق جديد