التعليق الرياضي على المباريات بين الخبرة والجهل والتنوع في الأساليب

21-10-2008

التعليق الرياضي على المباريات بين الخبرة والجهل والتنوع في الأساليب

اليوم وغداً سنكون على موعد مع »دوري أبطال أوروبا«، وكلما زاد عدد القنوات الفضائية الرياضية ازداد معها التنافس على الاستئثار بالمشاهد والمتابع، وكأن العملية باتت عملية تسابق على اللعبة الأكثر شعبية التي تحوز بدورها، على الكم الكبير من المتابعين، فليس أفضل من كرة القدم في الميدان الرياضي، حتى ولو كانت الألعاب الأخرى »من ألماس« كما يقال. فاول« وبطاقة صفراء جزاء هذه المخالفة..لكن ما رأي المعلّق؟.
في التعليق على مباريات كرة القدم، ينصّب بعض المحللين أنفسهم »أباطرة« اللعبة، علما أن أكثرهم لم يمارسها أو أنه لم يروض الكرة على قدميه يوماً، لكنك تراه محللاً يزايد بآرائه على المدربين العظماء، وينتقد خطط اللعب المتبعة، بشكل يدفعك إلى الاشمئزاز أو النفور وعدم الاقتناع. فيكف يحق له أن يتطاول على مدرب عالمي؟
التعليق على المباريات متعة بحد ذاته، يوازي في أهميته المناسبة التي تفرضها اللعبة. تختار أنت فريقك المفضل بحرية تامة. لا أحد يملي مواقفه عليك. ويشدك المعلق الذي من المفترض أن يعمل بمبدأ المساواة بين الفريقين، من دون أن يتحيز لفريق ضد آخر، لأن المهنة تدعوه إلى التزام الحياد، ونصرة الأفضل والأحسن، وعدم إغفال الدور الأساسي لإمكانيات وفنّيات الفريق المتألق ولو على حساب الفوز أحياناً.
لكن اللافت في كثير من الأحيان أن أكثرية المعلقين الرياضيين لا يلتزمون بهذا المبدأ، فإما أن يقفوا الى جانب فريق يناصرونه على حساب المشاهد، حتى لو لم يكن على مستوى الحدث والمباراة، وإما أن ينالوا من فرق لا يحبذونها ولا يميلون إليها (حتى لو كانت أفضل فرق البرازيل نفسها هي التي تلعب).
تتصارع الأقنية الرياضية على التعاقد مع المعلقين والمحللين، منهم المقنع الذي يفقه بالتحليل، ومنهم الجاهل الذي لا يعرف »الرمية الحرة« من »رمية التماس«.
في قناة »الجزيرة الرياضية« تجد محللين بارعين عاصروا اللعبة وشاركوا في »المونديال«، هناك الجزائري رابح مادجر وهو يجود وينتقد، ومن حقه أن يفعل هذا، بينما يغنيك التونسي طارق دياب عن التعريف، وكذلك الأمر مع الكويتي سعد الحوطي. هؤلاء لاعبون عاصروا اللعبة وشاركوا في المونديال وهم يعرفون كل شيء عنها، ومن حقهم انتقاد مدرب أو تحليل لعبة فنية.
أما على »راديو وتلفزيون العرب« فإن التحليل قضية، والتعليق على المباريات قضية أخرى، فقد يدفعك النجم المصري طاهر أبو زيد إلى متابعة التفاصيل الدقيقة أثناء تحليله، بصفته لاعبا مصريا قديماً، كان نجم المنتخب المصري، بينما في ما خص التعليق، فيغوص عصام الشوالي، في تحيزه لمصلحة »مانشستر يونايتد« في انكلــترا على سبيل المثال، على حساب فرق عريقة وكبيرة، فيتحول المشهد إلى شبه كابوس يفضح المعلق ويعري القناة من مصداقيتها.
تحذو بعض القنوات حذو بعضها، فالتعليق في محطة »شو« الرياضية يخرق الأصول، لان هناك محللين لا يصلون الى مستوى المحللين الكبار، حتى انهم يجهلون بعض الأصول في اللعبة، وقد يعملون على التقليد أحيانا. فالمعلق خالد الغول، يتجاهل العديد من الفرق الانكليزية الكبيرة، همّه إبراز فريق على حساب آخر حتى ولو كان »ليفربول« نفسه. إذ غالباً ما يحاول الغول تحجيمه برغم ان المقدم البارز علي علوية هو من عشاق هذا الفريق.
ينطبق ذلك على المعلقين المصريين في القنوات المصرية، وما أكثرهم من مناصري »أهلي« و»الزمالك«، فالقنوات الفضائية التي تعج بهم لا تعرف مدى خطورة تطرق البعض منهم الى أمور خارجة عن السيطرة، إذ يذهب هؤلاء الى النيل من أهمية لقاء ما في سبيل إبراز فريقهم وإظهاره بمظهر المارد الجبار الذي لا يقهر حتى ولو كان في أسوأ حالاته.
مع ذلك، لا يمكن إلا أن يجذبك المعلق المصري في تعليقه على المباريات حتى لو كان جاهلاً بأصولها، لان »اللكنة« المصرية هي »حدوته« لطيفة بحد ذاتها، تشعرك باللهفة على المباراة، من خلال »النكتة«، وقد يكون مدحت شلبي على سبيل المثــال الأقرب إلى هذا الواقع بعد ان أمتع المشاهد اللبناني بتعليقه على المباريات في أكثر من مناسبة عالمية.

اسماعيل حيدر

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...