الجزيرة السورية تكافح الفقر بالإنجاب
الجمل – الحسكة – محي الدين عيسو:عائلة سعيد بعدد أفرادها الأربعة عشرة ( تسع ذكور وثلاث بنات بالإضافة إلى الوالدين ) نموذج لوسطي حجم العائلة في الحسكة، مع تميز هذه العائلة بأن لا أحد من أفرادها والجميع ما زال يتعلم ( جامعة – بكلوريا – تاسع – ابتدائي ) أي الكل مستهلك، والزراعة مصدر الرزق الوحيد، يقول سعيد:كثير من الأحيان أسئل والدي عن سبب إنجاب هذا العدد من الكبير من الأولاد، فيجيب وكله فخر بعد أن ينفخ صدره مع ابتسامة لا تفارق ثغره: لو كان الأمر بيدي لأنجبت دزينة أخرى! الله كريم لا أحد يموت من الجوع ، ما دمت قادراً على العمل لن تحتاجوا شيئاً.
يتابع سعيد والدي قد لا يفكر بأن لنا احتياجات كثيرة في المستقبل تتجاوز تأمين الطعام كي لا نموت جوعاً، فقريباً سنكون بحاجة لفرص العمل، كي نكون كسائر الناس لا نملك وسائل الحياة بل أيضاً بعضاً من أسباب الرفاهية الغائبة تماماً عن حياتنا، وبعدها سنكون امام استحقاق تكوين أسرة، أي كل واحد سيكون بحاجة إلى سكن وعمل خاصين، علماً إن فرص العمل في الحسكة قليلة جداً؟!
لكن عائلة سعيد بدزينة أفرادها ستبدو صغيرة قياساً مع عائلة رياض ذات الثمانية عشر فرداً بالإضافة إلى الوالد والوالدتين ، والجميع يعيشون في منزل واحد! ومع ذلك يقول رياض: الحمد لله أن والدي ما زال بصحة جيدة ويستطيع الإشراف على الأرض الزراعية التي هي مصدر رزقنا الوحيد أنا وأحد أخوتي ندرس في الجامعة وأثنين من أخوتي في خدمة العلم والبقية أطفال صغار يدرسون. ويتابع رياض : لذلك معاناتنا تظهر في المناسبات الرسمية والأعياد وعند فتح المدارس، حيث تشتري العائلة لوازم المدرسة والعيد بالجملة، وكذلك المواد التموينية الأساسية ( سكر – شاي – زيت – سمن ......الخ.) بالجملة لأنها أرخص قليلاً بالمقارنة عند شرائها من المحلات العادية. ولا يبدو رياض راضياً عن الأسرة الكبيرة ويقول: في كثير من الأحيان أفكر في عدم الإنجاب أو في عدم الزواج كلياً حتى لا أكون سبباً في معاناة أطفال لا أستطيع تأمين حاجياتهم الأساسية وتعليمهم أفضل تعليم، ويعتبر رياض أنه نعيش في محافظة يحب مجتمع إنجاب الأطفال كثيراً ولكنها لا تفكر بهم ولا بمستقبلهم!!.
عائلات كثيرة تضطر للسفر من القامشلي إلى مناطق الأخرى من أجل تأمين فرصة عمل تعود بمردود مادي يكفيها ، كعائلة محمود التي سافرت من القامشلي إلى دمشق بسبب الوضع المعيشي السيئ، وعملت هناك في إحدى المصانع الكبرى ، وبعد عدة سنوات عادت الأسرة إلى القامشلي لتستقر بين الأهل والأقارب، يقول محمود بأن عدد أفراد عائلتي تسعة، لم نجد عمل في القامشلي نعتاش منه، سافرنا إلى دمشق ، حيث عملت أنا وخمسة من أبنائي وبناتي في أحدى المصانع براتب ( 6000 ل س ) لكل واحد منا، كان العمل صعب جداً لكن تأمين لقمة العيش أصعب فما بالك بمستقبل عائلة كبيرة، لذلك ينصح محمود وبالاستناد على تجربته المريرة جيل الشباب أن لا يفرطوا بالإنجاب حتى يستطيع الأب السيطرة على العائلة وتربية الأطفال بالشكل الأمثل فالحياة صعبة جداً وقوتنا اليومي نحصل علية بمشقة من حساب سعادتنا وصحتنا.
ومن اللافت أن محافظة كالحسكة ما زال مجتمعها مغرماً بإنجاب أكبر عدد ممكن من الأولاد لتكبير العشيرة أو العائلة ، تغيب عنه الجمعيات والهيئات التي تعنى بتنظيم الأسرة ونشر الوعي الأسري والتربوي، في وقت لا تكف فيه الحكومة عن التنبيه الى خطر النمو السريع في عدد السكان، على التنمية باعتبار أن التنمية في ربوعنا الزاهرة وخاصة في المناطق الشمالية الشرقية قائمة على قدم وساق، والدليل الارتفاع الملحوظ في كل شيء الفقر ، البطالة، الأمية ، والإنجاب.
الجمل
.
إضافة تعليق جديد