الجوانب الإجرائية في خطة بغداد الأمنية

22-03-2007

الجوانب الإجرائية في خطة بغداد الأمنية

الجمل:   يعتبر التكيف العسكري من أهم المزايا الميدانية التي تلعب دوراً هاماً في تحديد اتجاه ونتيجة المعركة على المسرح الحربي، وفي العراق تشهد حالياً معركة من الناحية العامة يعتبرها الكثيرون معركة بين قوات الاحتلال الأمريكي، والمقاومة العراقية، وإضافة لصحة ذلك، فإن الصراع الدائر حالياً في العراق يتسم ويتميز بدرجة بالغة التعقيد، وذلك لأنه صراع تختلط فيه الأجندة السياسية الدولية بالأجندة المحلية، إضافة إلى الجوانب الطائفية والمجتمعية الأخرى الخاصة بالمنطقة.
• خطة بغداد الأمنية:
في 14 شباط 2007م، أعلن رئيس الوزراء العراقي –المدعوم أمريكياً- عن خطة تأمين بغداد، وبرغم محاولة المالكي إظهار الخطة الأمنية باعتبارها قرار عراقي خالص، إلا أن المعلومات الموثقة تقول بأن هذه الخطة تم التشديد عليها بواسطة دراسة جماعة المحافظين الجدد، التي أصدرها معهد المسعى الأمريكي، وأشرف على وضعها دونيللي وكاغان، واعتمدتها بعد ذلك إدارة بوش متجاهلة توصيات لجنة بيكر- هاميلون، وبالتالي فإن إعلان المالكي لخطة أمن بغداد هو إعلان يأتي ضمن تنفيذ سيناريو أمريكي- إسرائيلي تم إعداده سلفاً.
• الجوانب الإجرائية في خطة تأمين بغداد:
عقب إعلان تطبيق الخطة الأمنية، تم إغلاق الحدود الدولية العراقية على النحو الآتي:
- الحدود السورية- العراقية: تم إغلاق معبر الوليد، ومعبر ربيعة.
- الحدود الإيرانية- العراقية: تم إغلاق المعابر الأربعة، وهي: زرباطية، الشلامجة، بيشماغ، حاج عمران.
كذلك أعلنت حكومة نوري المالكي بعض إجراءات الطوارئ الإضافية الأخرى داخل العراق.
تم تقسيم العاصمة بغداد إلى قطاعين على جانبي الرصافة والكرخ.. ثم تم بعد ذلك تقسيم العاصمة بغداد إلى 10 قطاعات عسكرية، هي: مدينة الصدر، الأعظمية، الكرادة، بغداد الجديدة، الكاظمية، الحرية، العدل، الجامعة والغزالية، العامرية، الدورة، وذلك إضافة إلى بعض المناطق الإضافية الأخرى المحيطة ببغداد.
القوات المنوط بها تنفيذ الخطة الأمنية، تم تحديدها بـ85 ألف جندي أمريكي وعراقي، تتشكل ضمن 8ألوية شرطة عراقية، و3 فرق عسكرية عراقية من بينها فرقة مدرعة. إضافة إلى قوة عسكرية أمريكية قوامها 25 ألف جندي، من بينها الفرقة 82 الأمريكية المحمولة جواً.
القائد الميداني للخطة عراقي برتبة فريق، ويعمل مباشرة تحت أمرة لجنة عليا، تقوم بالإشراف المباشر على إدارة خطة تأمين بغداد، ويطلق على هذه اللجنة تسمية (مجلس الأزمة)، ويتكون أعضاؤه من:
السفير الأمريكي زلماي خليل زاده، السفير البريطاني، نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي، موفق الربيعي مستشار شؤون الأمن القومي العراقي، عبد القادر العبيدي وزير الدفاع العراقي، وجواد البولاني وزير الداخلية العراقي.
• الأهداف:
تهدف الخطة إلى تحقيق أمن واستقرار بغداد، وذلك عن طريق البدء بتصفية الميليشيات المسلحة الناشطة داخل العاصمة، عن طريق تصفية عناصرها وتفكيك بنياتها التحتية وشبكاتها ومصادرة أسلحتها.. وأبرز الأطراف المستهدفة يتمثل في الآتي:
- الميليشيات الشيعية: جيش المهدي، فيلق بدر.
- الميليشيات السنية: وهي متعددة، أبرزها: فيلق عمر، الجيش الإسلامي، أنصار السنة، جيش المجاهدين، كتائب ثورة العشرين، جيش الطائفة المنصورة، مجلس شورى المجاهدين، وتنظيم القاعدة في بلاد الرافدين.
تحليل الأداء السلوكي الميداني، القائم على أساس اعتبارات تعامل الأطراف العراقية المتصارعة وأفعالها وردود أفعالها إزاء خطة تأمين بغداد يشير إلى الآتي:
- بالنسبة للفصائل السنية: قامت الحركات والميليشيات السنية بمواصلة عملياتها العسكرية، وذلك بهدف إفشال الخطة الأمنية باعتبارها أخر الأوراق التي لجأت إليها السلطات الأمريكية وحكومة المالكي المتحالفة معها، وبرغم الانخفاض الكمي في عدد العمليات العسكرية، إلا أنها من الناحية النوعية تعتبر الأكثر خطورة، بسبب تزايد حجم الضحايا وحساسية المواقع المستهدفة، وتشير المعلومات إلى أن الميليشيات والفصائل السنية، استطاعت القيام بنقل قواعدها، ونقاط إمداداتها إلى المناطق الخارجية الغربية من بغداد، وبالذات مناطق شمال وغرب بغداد ذات الطابع السني الصرف.
- بالنسبة للفصائل الشيعية: قامت الحركات والميليشيات الشيعية بالحد من عملياتها العسكرية، وتنفيذ عملية انسحاب تكتيكي موفق من بغداد، بحيث تمركزت عناصرها وقواعدها في المنطقة الجنوبية ذات الأغلبية الشيعية. كذلك التزم قادة هذه الميليشيات بتطبيق مبدأ العمل السري عن طريق الاختفاء والتحرك الحذر.
وتقول التوقعات بأن الفصائل الشيعية لجأت إلى هذا الأسلوب على أساس الحفاظ على سلامة قواتها وعناصرها، بحيث تعود إلى المسرح وتباشر نشاطها بعد انتهاء الخطة الأمنية، والتي لن تستمر طويلاً.
وعموماً نقول: على أساس اعتبارات الفعل ورد الفعل، فقد استطاعت الإدارة الأمريكية عبر حكومة نوري المالكي أن تحقق النجاح في حشد وتعبئة هذه القوة الضخمة من أجل عملية تمشيط بغداد، هذا على (صعيد الفعل)، أما على صعيد (رد الفعل) فقد استطاعت الحركات والفصائل المسلحة المستهدفة أن تحقق النجاح في عملية التكيف العسكري مع الأوضاع الميدانية، وهو تكيف عن طريق الآتي:
- الدفاع الإيجابي: واستطاعت الفصائل السنية تنفيذه، فهي برغم انسحابها من بغداد، إلا أنها ظلت تواصل الهجوم.
- الدفاع السلبي: استطاعت الفصائل تأمين عتادها وعناصرها، وقياداتها من أي خسائر ممكنة، وبالتالي استطاعت النجاح في تفادي الضربة.
عمليتا الدفاع الإيجابي والدفاع السلبي، اللتان نفذتهما الفصائل العراقية أدت إلى تقليل فعالية وكفاءة خطة أمن بغداد إلى أقل من 15%، وذلك لأن الخطة لم تنجح حتى الآن لا في إيقاف هجمات الفصائل السنية، ولا في توجيه الضربات للفصائل الشيعية.. وفي حالة استمرار هذا الوضع لفترة أطول، فلن يكون أمام الأمريكيين وحكومة نوري المالكي من حل آخر بديل سوى اللجوء إلى شن حملة مكثفة خارج بغداد، تتم ضمن محورين:
- محور شمال غرب بغداد، وذلك لملاحقة الفصائل السنية.
- محور جنوب بغداد، وذلك لملاحقة الفصائل الشيعية.
ولما كانت مناطق التمركز الجهوي تتميز بدعم السكان المحليين في شمال وغرب بغداد للفصائل السنية، وسكان جنوب بغداد للفصائل الشيعية، فإن الهزيمة النكراء للقوات الأمريكية والعراقية، سوف تكون هي الاحتمال المؤكد الراجح، وذلك لأن كل معطيات الخبرة التاريخية تقول بأن الفصائل والميليشيات المدعومة بالسكان المحليين بالضرورة هي المنتصرة في مواجهة كل الجيوش النظامية مهما كانت قوية.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...