الجيش يؤمّن محيط تدمر: خطوة على طريق السخنة
شهد اليومان الماضيان مكاسب ميدانية كبيرة حققها الجيش السوري وحلفاؤه على جبهة البادية السورية، لتكون أولى الثمار التي مهّد لها تقدمه على الطريق الصحراوي صوب التنف. الجهد العسكري الكبير الذي انطلق بالتوازي من عدة محاور، كلّف تنظيم «داعش» خسارة مواقعه في جبال تدمر الغربية وتلال القلمون الشرقي الحصينة، التي كانت تعدّ أحد أهم معاقله في ريف حمص، وسبق أن أسهمت سيطرته عليها في الهجوم على نقاط الجيش القريبة واغتنام ذخائر ومعدات عسكرية.
واضطر ما بقي من عناصر التنظيم إلى النزوح شرقاً نحو عمق البادية، ليحكم الجيش سيطرته على منطقة واسعة تقدّر بحوالى 5 آلاف كيلومتر مربّع، تحوي أهم مناجم الفوسفات في سوريا، وتضم طريق دمشق ــ تدمر الرئيسي. ومكّن الإنجاز الميداني في نتائجه المباشرة من إبعاد الخطر عن بلدات مثل القريتين ومهين، اللتين تعرضتا لهجمات عنيفة متكررة من قبل «داعش»، وكان وجوده في محيطهما يهدد بدوره طريق دمشق ــ حمص الدولي.
ومع استكمال حماية مدينة تدمر من الجهة الجنوبية، التي كانت منطلقاً لسقوطها الأخير بيد «داعش» والوصول إلى أسوار مطار «T4»، تبدو طريق الجيش نحو السخنة أكثر أماناً، بعد أن وصلت الجبهة الأمامية للجيش جنوب تدمر إلى حدود الصحراء المنبسطة، التي يصعب على التنظيم شنّ عمليات واسعة عبرها.
وسوف يكون على الجيش بالتوازي إتمام السيطرة على محيط تدمر الشمالي الغربي، بهدف تأمين تحركه شرقاً من جهة، وضمان استقرار المنطقة الغنية بالنفط والغاز لإعادتها إلى دورة الاقتصاد. كذلك ستكون الخطة الأولى نحو بلدة السخنة هي السيطرة على حقل آراك، الذي وصلت عمليات الجيش إلى محيطه، على مسافة تقارب حوالى أقل من أربعين كيلومتراً من البلدة التي تعدّ مفتاح العبور نحو دير الزور. وبالتوازي مع سيطرة الجيش على محيط خنيفيس، استكملت قواته تحركها شمال مثلث ظاظا، في محيط الطريق الذي يربط حمص وتدمر مع بغداد. وتمكنت من السيطرة على كتيبة الدفاع الجوي (الكتيبة المهجورة) وعدد من التلال شرق الطريق وشماله باتجاه جبل الصوانة.
وبالسيطرة على منطقة خنيفيس، تمكّن الجيش من عزل المجموعات المسلحة في منطقة الرحيبة وجيرود بشكل كامل عن البادية، بعد أن كان تقدم عدد من الفصائل المسلحة من الشرق على حساب «داعش» قد أحيا آمالاً لدى تلك المجموعات بوصل مناطق السيطرة ودعم جبهات تلك المنطقة التي تشهد هدنة منذ فترة طويلة، رغم أهميتها الاستراتيجية لكونها ملاصقة لطريق دمشق ــ حمص الدولي، ولعدد من القواعد العسكرية الكبيرة مثل الناصرية والضمير.
وفي موازاة ذلك، شهدت الجبهة المشتركة مع «فصائل البادية»، قرب الحدود الإدارية بين السويداء وريف دمشق، معارك مع «قوات أحمد العبدو» و«أسود الشرقية» التي حاولت استعادة نقاط كان الجيش قد كسبها خلال تقدمه هناك منذ أيام. وتركزت الهجمات على المواقع المتقدمة في منطقة الرحبة شمال سد زلف، من دون أن تتمكن تلك القوات من التقدم. وفي المقابل، كثّف الجيش من الاستهداف الناري لتلك القوات، وشارك سلاح الجو السوري في تنفيذ ضربات جوية على خطوط الجبهة الأمامية وفي محيط تل الصفا البركاني المجاور. وبدا لافتاً أن مصادر معارضة مقرّبة من «مغاوير الثورة»، التي تعمل تحت إدارة أميركية، سارعت إلى نفي وجود تنسيق عسكري بين «أسود الشرقية» و«التحالف الدولي»، مبررة بذلك بعدم مشاركة «التحالف» في حماية تلك القوات في معاركها الجارية.
وفي الشمال، تابع الجيش وحلفاؤه التقدم جنوباً في سهل مسكنة، مسيطرين على جميع المزارع المتاخمة لمركز الناحية من الجهة الغربية. وبذلك تكون قوات «داعش» المنتشرة جنوب شرق سبخة الجبول، في محاذاة طريق إثريا خناصر، معزولة عن مسكنة التي تعدّ التجمع الوحيد الكبير ــ من حيث المساحة والسكان ــ القريبة من تلك الجبهة، بعد سيطرة «قوات سوريا الديموقراطية» على الطبقة. وأصبحت قوات الجيش تبعد أقل من 35 كيلومتراً عن مناطق سيطرة «قسد» في بلدة أبو عاصي، على طريق حلب ــ الرقة.
وعلى مقلب آخر، نقلت وكالة «رويترز» عن «قوة المهام المشتركة» التي تشرف على «التحالف الدولي» الذي تقوده واشنطن، أن أحد جنود الجيش الأميركي قد «توفي متأثراً بجروح أصيب بها عند انقلاب مركبته في شمال سوريا»، من دون أن تضيف أي تفاصيل آخرى حول الحادث. ويأتي الإعلان الأخير بالتوازي مع سقوط ما لا يقل عن 80 مدنياً في مدينة الميادين شرق سوريا، في غارات نفذتها طائرات «التحالف» على مواقع في المدينة.
(الأخبار)
إضافة تعليق جديد