الحكومة التونسية تواصل التطهير: عزل المحافظين والأمن للجيش
واصلت الحكومة الانتقالية التونسية أمس، حملتها لتطهير مؤسسات الدولة، الإدارية والأمنية، من أتباع النظام المخلوع، إذ قام الرئيس المؤقت فؤاد المبزع بعزل جميع المحافظين في البلاد عن مناصبهم واستبدالهم بآخرين فورا، فيما تم تعيين قائد لواء في جيش البر، على رأس الادارة العامة للأمن الوطني، في إشارة إلى الاعتماد على الجيش كطرف وحيد يلقى توافقا حول نزاهته وحسن إدارته لأمن البلاد. وفي المقابل، تابعت «جبهة 14 كانون الثاني» اليسارية دعوتها إلى انتخاب مجلس تأسيسي لصياغة دستور جديد ومؤتمر وطني لحماية الثورة.
واعتبر رئيس الوزراء التونسي محمد الغنوشي أن بلاده «تجاوزت» الانفلات الأمني الذي شهدته في الأيام الأخيرة وحض مواطنيه على العودة إلى العمل حتى لا «تنهار» البلاد. وقال في مقابلة مع قناة «حنبعل» التونسية الخاصة إن الهدفين الأساسيين للحكومة حالياً هما الانتقال الديموقراطي والانتعاش الاقتصادي، مشيراً إلى الأولوية المعطاة للمناطق الفقيرة.
وبعد إعلان وزير الداخلية فرحات راجحي أمس الأول، عن إحباط «مؤامرة في صفوف القوى الامنية»، وإقالة أكثر من 30 مسؤولا امنيا، عزل الرئيس المؤقت فؤاد المبزع، جميع محافظي تونس، وهم 24، فيما تم تعيين قائد لواء في جيش البر هو احمد شابير على رأس الإدارة العامة للامن الوطني من اجل إعادة تنشيط البنى الامنية المخترقة من أنصار النظام المخلوع، وإعادة آلاف الشرطيين الذين هجروا الشوارع خشية التعرض لانتقام السكان، إلى العمل.
وابدت معظم الصحف التونسية دعمها للسلطات مدافعة عن العلاقة الجوهرية بين «الديموقراطية والامن». وكتبت صحيفة «لوكوتيديان» في افتتاحيتها ان «عودة الشرطي، جندي الديموقراطية الى الشارع بعد تبخره الذي ادخل البلاد في حالة من القلق والضيق، يعيد الثقة للتونسيين».
في المقابل، دعت «جبهة 14 كانون الثاني التي تضم عددا من التنظيمات السياسية اليسارية والقومية العربية المحظورة في عهد الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي، الى انتخاب مجلس تاسيسي لصياغة دستور جديد في تونس والى تشكيل مؤتمر وطني لحماية الثورة. وقال المتحدث باسم الجبهة والقيادي في «حزب الوحدة الشعبية الشرعي» جلول عزونة الذي التحق بالجبهة التي اعلن عن تشكيلها في 22 كانون الثاني الماضي، خلال مؤتمر صحافي «نريد الدفاع عن الثورة والتصدي لكل محاولات زعزعتها». واضاف ان الجبهة تدعو الى تشكيل «حكومة مؤقتة» خالية تماما ممن انتموا لحزب بن علي تكون مهمتها اساسا «التحضير لانتخاب مجلس تاسيسي» يتولى صياغة دستور جديد.
كما دعت الجبهة الى «مؤتمر وطني لحماية الثورة» على غرار لجان الانقاذ الوطني يكون مفتوحا «لكل المكونات السياسية والجمعياتية والنقابية والثقافية» في تونس. وتكون مهمة المؤتمر «اعداد النصوص والمراسيم والقوانين الموقتة... لحين صياغة الدستور الجديد».
وكان قد اعلن في 22 كانون الثاني الماضي عن تشكيل الجبهة التي يرمز اسمها الى تاريخ 14 كانون الثاني 2011 يوم سقوط نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي باعتبارها «اطارا سياسيا يعمل على التقدم بثورة شعبنا نحو تحقيق اهدافه والتصدي لقوى الثورة المضادة» وبهدف العمل بالخصوص على «صياغة دستور ديموقراطي جديد».
ووقعت البيان التأسيسي للجبهة مجموعات يسارية وقومية عربية واشتراكية صغيرة في معظمها كانت تنشط سرا منذ عقود في تونس وتتمتع بوجود في المركزية النقابية والجامعات وبعض القطاعات المهنية مثل المحامين. وهذه الحركات هي «رابطة اليسار العمالي» و»حركة الشعب» (ناصريون) و»حركة الوطنيين الديموقراطيين» و»حزب الوطنيين الديموقراطيين» و»تيار البعث» و»اليساريون المستقلون» و»حزب العمال الشيوعي التونسي» و»حزب العمل الوطني الديموقراطي» ثم انضم اليها «حزب الوحدة الشعبية الشرعي» و»حركة البعث».
وقالت الجبهة في بيان الاعلان عن تاسيسها ان مهامها «الملحة» تتمثل بالخصوص في «اسقاط حكومة (رئيس الوزراء محمد) الغنوشي الحالية او اي حكومة تضم رموز النظام السابق» والعمل على «حل حزب التجمع الدستوري الديموقراطي (الحاكم سابقا) ومصادرة مقراته واملاكه وارصدته المالية باعتبارها من اموال الشعب... وتشكيل حكومة مؤقتة تحظى بثقة الشعب». ودعت الجبهة الى «مقاومة التطبيع مع العدو الصهيوني ... ودعم حركات التحرر في الوطن العربي والعالم».
من جهتها، اعربت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون عن نيتها زيارة تونس في غضون خمسة عشر يوما للتحادث بشان المساعدة التي يعتزم الاتحاد الاوروبي تقديمها الى هذا البلد اثر سقوط نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. وقالت اشتون امام البرلمان الاوروبي بعدما استقبلت خلال النهار وزير الخارجية التونسي احمد عبد الرؤوف ونيس «انوي زيارة تونس في غضون اسبوعين».
وقالت اشتون ان تونس تعتمد على اوروبا لمساعدتها في الاعداد للانتخابات المتوقع تنظيمها من الان حتى ستة اشهر ولارسال بعثات مراقبة للعملية الانتخابية في الوقت المحدد. وستتوجه بعثة خبراء تمهيدية الى تونس لهذا الغرض قريبا «لدراسة» الوضع «وتقديم نصائح قانونية للسلطات الانتقالية حول القانون الانتخابي» الذي يفترض اعتماده، كما اعلنت الممثلة العليا للسياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي.
الى ذلك، اكدت اشتون ان الاتحاد الاوروبي على استعداد لاعادة النظر في رفع مستوى علاقاته مع تونس عبر منحها «وضعا متقدما» كان منح الى المغرب، الامر الذي سيتيح لها الاستفادة من تعرفات جمركية مميزة في السوق الاوروبية. واضافت ان اوروبا ستقوم ايضا «باعادة توجيه» برنامجها للمساعدة لتونس بما يؤدي الى استفادة السكان بصورة «مباشرة اكثر» على ان يتم تخصيصه للحاجات الاجتماعية العاجلة واصلاح النظام القضائي ومكافحة الفساد اضــــافة الى دعـــم المجتمع المدني والمنظمات غير الحكـومية.
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد