الدراما السورية: تطرق باب الجنس والخيانة
اختارت كاميرا التلفزيون السوري في أواخر رمضان النزول إلى الشارع لترصد آراء المشاهد السوري حول الرقم الصعب في المشهد الإعلامي السوري وهو الدراما. وكانت المذيعة الشابة تطلب ـــــ وبصيغة الأمر ـــــ من كل مَن يقف أمام كاميرتها أن يسجّل رأيه الإيجابي في دراما بلده أولاً، ولا بأس من التعريج على إيجابيات التلفزيون السوري. وكان لافتاً تركيز بعضهم على توتّر علاقاتهم الاجتماعية نتيجة ما قدّمته الدراما السورية هذا العام. إذ مثّلت مواضيع الخيانة الزوجية، والعلاقات غير الشرعية الجزء الأكبر من موضوعات سنة الدراما الحالية. ليس ذلك فحسب، بل طُرحت تلك المواضيع في قالبها الإنساني الحقيقي الذي يبرر أحياناً لصاحبها سلوكه، ويترك للمشاهد فرصة التقاط جماليات هذا السلوك ومبرراته الاجتماعية، بعدما تحاشت الدراما السورية لفترة طويلة الخوض في هذه المسائل. أو أقلّه لم تكن جرأة طرحها مشابهة لما يحصل اليوم. طبعاً شكّلت الرقابة الاجتماعية عقبة في طريق هذه الأعمال، ومع ذلك بدت مسلسلات الموسم الرمضاني الأخير، كأنها خارج عباءة هذه الرقابة لتطرح معظمها موضوعاً واحداً كان القاسم المشترك الأكبر للمسلسلات السورية. وهو الخيانة الزوجية، والعلاقات غير الشرعية. بينما عرّجت أعمال أخرى على هذين الموضوعين، في إطار معالجتها لمحاور إضافية. مثلاً الزواج العرفي في المجتمع السوري كان موضوعاً رئيسياً في «زمن العار»، إضافة إلى نظرة هذا المجتمع للعلاقة الجنسية كعارٍ تستحقّ المرأة القتل بسببه. بينما طرح «قلبي معكم» مغامرات المتزوّجين وخياناتهم في مجتمع الأطباء الذي ينظر إليه الكثير من السوريين على أنه مجتمع مثالي.
موضوع الخيانات الزوجية أيضاً، ناقشه مسلسل «سحابة صيف» وإن بطريقة مختلفة. بينما لم تجد بعض الأعمال التي تردّد أنها مستوحاة من الواقع، سبيلاً للاستغناء عن هذا المحور. في «طريق النحل» مثلاً، تجد بطلة العمل نفسها محاصرة برغبات «دنيئة» لشقيق زوجها الراحل. أما في «رجال الحسم» فتنتشر العلاقات خارج إطار الزواج بين عناصر الموساد الإسرائيلي، حيث تعجز ابنة الجولان المحتلّ من حماية نفسها منها، لتقع في غواية ابن أحد الأغنياء الذي يمارس معها الجنس.
من جهته، حاول «قلوب صغيرة» معالجة موضوع الأولاد المولودين خارج الزواج. وتطرّق «عن الخوف والعزلة» إلى مجموعة من العلاقات «غير الشرعية» التي يدور بعضها في شقة أكرم (عبد المنعم عمايري) بطل العمل. بينما تقع أخته في غرام شاب يقودها إلى علاقة معه. في الوقت نفسه، تنسج أختها تفاصيل قصة خيانة زوجية لصديقتها وجارتها مع زوجها الطبيب الذي يستغل مهنته لبناء غرامياته.
ولن يكون حال «قاع المدينة» أقل من باقي الأعمال السورية. إذ ركّز على استغلال رجل الأعمال الثري (أيمن زيدان) لموظفته (جيني إسبر) التي تعيل أمها. كذلك سيطرح الخيانة الزوجية بأبشع صورها عندما يلتقي كاتب وصديقه، فتاة ضائعة تستنجد بهما فيرفض صديق الكاتب إغاثتها، لكن الكاتب يصرّ على مساندتها والزواج بها ليكتشف بعد فترة خيانة زوجته له مع صديقه. ولن يكون هذا موضوع الخيانة الوحيد، بل ستتهم رجاء (تاج حيدر) بشرفها عندما يلمحها أهل حيّها عند باب حبيبها. كذلك يعشق الفنان التشكيلي (عبد المنعم عمايري) فتاة غير زوجته التي ملّ من شخصيتها التي تشبه شخصية الرجال. ولن يكون ممكناً للدراما البوليسية «شتاء ساخن» أن تقدم الآكشن من دون روايات مختلفة عن الخيانة الزوجية التي تجعل الشقيق يزوّج عشيقته بأخيه المختل.
ولو عدنا إلى الدراما التاريخية التي قدمت هذا العام، فسنجد التاريخ الذي تعيد تجسيده الدراما السورية، ينضح بقصص «غير شرعية». إذ تتحول الشخصية الرئيسية في «صدق وعده» التي تؤديها ريم علي إلى فريسة يتقاسمها الرجال. بينما تدور في أروقة «بلقيس»، قصص الخيانات والغراميات المأجورة وغير ذلك.
وحدهم أصحاب مسلسلات البيئة الدمشقية بقوا على عهدهم. إذ تصرفوا بتاريخ دمشق على هواهم، وبقيت قصص الغرام والخيانات الزوجية غريبة عن مجتمع دمشق القديمة، الأمر الذي جذب عدداً لا بأس به من المشاهدين الذين يجدون في تلك الأعمال ضالّتهم لأنها لا تقدم «الفحش والعري» كما يقولون!
من جهة ثانية، ضمن موجة الخيانة الزوجية والعلاقات غير الشرعية التي شكّلت قوام عدد كبير من أعمالها لهذا العام، تعالت أصوات عدد كبير من رجال الدين في سوريا ومصر، مطالبةً بأن يكفّ صنّاع الدراما عن الخوض في هذه المواضيع من باب حرمة هذا الشهر. كذلك طالب العلماء المسلمين حسبما تناقلته المواقع الإلكترونية، من القائمين على الأعمال الدرامية، بأن يعودوا إلى تجسيد الموضوعات والأحداث الدينية من خلال المسلسلات الخاصة بشهر رمضان.
وسام كنعان
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد