السلطة الفلسطينية تطالب بجدول زمني لمسار أنابوليس

بدأ المبعوث الرئاسي الأميركي جورج ميتشل زيارته «الحاسمة» الى إسرائيل، أمس، باجتماع «شخصي» مع وزير الدفاع إيهود باراك في تل ابيب. ومن المقرر أن يلتقي، اليوم، بوزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان وباراك مجددا، قبل أن يجتمع مساء اليوم برئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، على ان يلتقي غداً القيادة الفلسطينية في رام الله لسماع رأيها في سبل التعامل مع العملية السياسية بعد تشكيل حكومة نتنياهو.
وتتسم زيارة ميتشل بأهمية قصوى، لأنها الزيارة الأولى له بعد تشكيل حكومة اليمين الإسرائيلية الجديدة وبعد إعلان ليبرمان عن «دفن» مسار أنابوليس. وبدا من تشديد المسؤولين الأميركيين على حل الدولتين أنهم يصرون على عدم التراجع عن الخطوات التي تمت في عهد الحكومة السابقة مع الفلسطينيين. ولذلك فإن زيارة ميتشل فعلياً هي زيارة لشخص واحد هو نتنياهو، حيث سيحاول أن يسمع منه فقط كلمة «دولتان».
وبحسب التقديرات في إسرائيل فإن ميتشل لن يسمع من نتنياهو هذه الكلمة، وإنما جملا أخرى من قبيل: نحن في مرحلة بلورة السياسة، ولدينا تصور حول تسريع بناء أجهزة الأمن الفلسطينية، ومع تحفيز المسار الاقتصادي الذي يقوده ممثل الرباعية طوني بلير. وليس من المستبعد أن يذهب نتنياهو أبعد من ذلك فيتحدث عن قبوله بمبدأ «تقرير المصير» للفلسطينيين، شرط أن لا يتعارض ذلك مع متطلبات أمن إسرائيل وازدهارها. ويذهب المتفائلون بتغيير موقف نتنياهو إلى أنه إذا أراد تغيير موقفه، فإنه سيفعل ذلك في اجتماعه مع الرئيس الأميركي باراك اوباما في ايار المقبل في واشنطن.
وبذلك يكون نتنياهو قد التفّ على تقديم أجوبة واضحة يطلبها ميتشل على أسئلة محددة حول موقف إسرائيل من حل الدولتين. وكان ميتشل، قبل ساعات قليلة من وصوله إلى تل أبيب، أعلن
في تونس التزام الولايات المتحدة بحل الدولتين. غير أن الأجوبة الالتفافية التي أعدّها نتنياهو هي محصلة النقاش الذي جرى في «المطبخ الصغير» للترويكا الإسرائيلية. وتشير تلك المحصلة إلى أن زيارة المبعوث الاميركي حاسمة لجهة تكوين الانطباع عن الحكومة الإسرائيلية وسياستها. فإذا بدت سياستها رفضية للسلام فإن إدارة أوباما ستكون أقل تسامحاً من الإدارة الأميركية السابقة ويمكن أن تضع عراقيل جدية أمام حكومة نتنياهو في هذا الوضع الاقتصادي والسياسي الصعب. وفي كل الأحوال ثمة انطباع بأن زيارة ميتشل هي ما سيسمح لإدارة أوباما بمنح حكومة نتنياهو «مئة يوم سماح» أم لا.
ويبدو أن اللقاء الأول مع باراك ينطوي على معنى، لأنه الوحيد في الترويكا الإسرائيلية الباقي من حكومة ايهود أولمرت. وقد استمر اللقاء الثنائي بين الرجلين حوالى ساعة وربع الساعة، وتم بحث العديد من المسائل الإقليمية والسياسية والأمنية. وحسب وسائل الإعلام الإسرائيلية فإن باراك أوضح خلال اللقاء أن «العلاقات الإسرائيلية ـ الأميركية عميقة ووثيقة. وبالوسع، وهناك ضرورة، للتوصل إلى تنسيق وتفاهم في كل القضايا موضع النقاش».
واستعرض باراك أمام ميتشل صورة الوضع في المنطقة وعرض المصالح الأمنية لإسرائيل، وأسس العمل الإسرائيلي، بالتعاون مع جهات دولية، لتحسين الوضع الحياتي للفلسطينيين في الضفة الغربية، بما في ذلك النماذج الاقتصادية على غرار ما جرى في جنين.
ومن المقرر أن يجتمع ميتشل غداً بالقيادة الفلسطينية التي يبدو أنها بلورت موقفاً يطالب الإدارة الأميركية بعدم التسامح مع حكومة نتنياهو وإجبارها على الإقرار، علناً بالتزامها بمسار أنابوليس. وأشار عدد من القادة الفلسطينيين إلى رفض التفاوض مع حكومة نتنياهو قبل أن تقر بالالتزامات السابقة. ويعتقد أن السلطة الفلسطينية ستطلب من ميتشل تحديد جدول زمني لتنفيذ مسار أنابوليس، وتعميق مشاركة الرباعية الدولية في العملية السياسية كنوع من الضغط على إسرائيل.

حلمي موسى

المصدر: السفير