الصراع على الموارد السياسية في الانتخابات الأمريكية
الجمل: ترتبط الصراعات بجملة من العناصر التي تشكل المحدد الجيوبوليتيكي لكل صراع، وذلك بالشكل الذي جعل لكل صراع خصوصية تختلف عن غيره... وحالياً تجري داخل البيئة السياسية الوطنية الأمريكية واحدة من الصراعات الشديدة الأهمية داخل وخارج الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك لان انتخابات نصف الفترة (التي تجري في منتصف فترة ولاية الرئيس الأمريكي) يترتب عليها تحديد الطرف الذي يسيطر على السلطة التشريعية الأمريكية...
وبسبب الصلاحيات الواسعة التي تقع ضمن دائرة هذه السلطة التشريعية وبسبب الدور الأمريكي المتعاظم في شتى أنحاء العالم فإن تحديد القوى التي تمسك بالكونغرس الأمريكي يترتب عليها تحديد توجهات السلطة التنفيذية (الإدارة الأمريكية) إزاء العالم الخارجي... أي مسار السياسة الخارجية الأمريكية، خاصة أن هذه السياسة الخارجية قد ظلت على مدى السنوات الست الماضية تتبنى أجندة التدخل السياسي والعسكري دون أعطاء أي اعتبار للشرعية الدولية ومواثيق المجتمع الدولي واحترام سيادة الدول الأخرى..
الصراع الانتخابي داخل الولايات المتحدة، هو صراع يدور حول الموارد السياسية، وتسعى الأطراف المتصارعة إلى السيطرة على محورين هما:
• الكونغرس الأمريكي: وهو مجلس ثنائي يتكون من اجتماع مجموع أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب، ومهمة مجلس الشيوخ متابعة أداء توصيات وتعيينات الرئيس الأمريكي والأجهزة التنفيذية، أما مجلس النواب فمهمته إصدار القوانين والتشريعات مع ملاحظة أن الموافقة النهائية تتم بالأغلبية الميكانيكية عند تصويت أعضاء المجلسين داخل الكونغرس..
• حكام الولايات لكل ولاية حاكم خاص بها... هذا الحاكم مسؤول عن:
تنفيذ السلطات والصلاحيات الفيدرالية الخاصة بكل ولاية هذا مع الإشارة إلى أن حكام الولايات يستطيعون التأثير على الدستور الأمريكي.. فمثلاً إذا تبنى مجموعة من حكام الولايات أجندة خاصة بهم، وقاموا بإجراء استفتاء داخل ولاياتهم على هذه التغييرات، وكان مجموع الأصوات المؤيدة يعادل النسبة المطلوبة، فإن الدستور الأمريكي يمكن تغييره.. كذلك لحكام الولايات سلطة معارضة توجهات كل من الإدارة الأمريكية والكونغرس في الأمور الخاصة بولاياتهم، ولا تستطيع المؤسسات الفيدرالية الأمريكية (الحكومة المركزية) القيام بتنفيذ أي شيء في أي ولاية، دون مشاورة قوى وأطراف الصراع الانتخابي الأمريكي المتعددة، ويمكن استعراضها على النحو الآتي:
• أطراف مباشرة: وتتمثل في الأحزاب السياسية الأمريكية والتي تتكون من:
أولاً: أحزاب رئيسية:
• الحزب الجمهوري: وقد استطاع في عام 2000م أن يسيطر على منصب الرئيس الأمريكي ثم عزز سيطرته في عام 2002م بالسيطرة على الكونغرس الأمريكي الأمر الذي جعل السلطتين التنفيذية والتشريعية تقعان في قبضة الحزب الجمهوري... هذا، ويتضمن الحزب الجمهوري عدة تيارات وقوى جمهورية فرعية داخله، ابرزها:
- المحافظون: ويضم جورج بوش، هاشارت، بيل قريست، سانتوروم ، وعناصر المحافظين الجدد.
- اليمين الديني: ويضم ترينت لوت، سام براونباك، إضافة إلى جماعة الجمهوريين الفيدرالية الوطنية، وجماعة التحالف المسيحي.
- الجناح المعتدل: ويضم ارنولد تشغارينغر، ولينكولن شافي، إضافة إلى جماعات: انه حزبي، شركاء الشارع الجمهوري.
- الجناح التحرري: ويضم رون باول، وتجمع الحرية الجمهوري.
- تيار جناح المحافظين القدماء: ويضم توم تانكريدو وبات يوخنان.
• الحزب الديمقراطي: كانت خسارته في عام 2000 للرئاسة الأمريكية بداية لانحدار نفوذه القوي على مؤسسات وتوجهات السياسة الأمريكية.. وبوقوع أحداث الحادي عشر من أيلول انحدر نفوذه بقدر اكبر... وعلى خلفية الحرب ضد الإرهاب إزداد موقفه سوءاً بسبب فوز الجمهوريين بأغلبية مقاعد الكونغرس في انتخابات نصف الفترة التي جرت في عام 2002م، وقد ظل الحزب الديموقراطي طوال هذه الفترة يلعب دوراً مزدوجاً داخل الكونغرس... بحيث انقسم إلى جناحين، الأول يتكون من الـ(صقور) الذين يؤيدون توجهات الجمهوريين العدوانية،ومن أبرزهم عضو الكونغرس ليبرمان.. والثاني من الـ(حمائم) ويطالبون بالانسحاب من العراق.. بشكل خاص وبشكل عام يقفون ضد التدخلات العسكرية الأمريكية المفرطة التي تجري في الكثير من أنحاء العالم..
وعلى ما يبدو فقد حاول الحزب الديموقراطي أن يتبنى خطاً سياسياً مزدوجاً يقوم على توجه مؤيد للتدخل والحرب من جهة ومن الجهة الأخرى توجهاً معارضاً للتدخل والحرب، بحيث يؤدي هذا الرهان المزدوج إلى إعطاء الحزب الديمقراطي مرونة اكبر في التعامل مع الرأي العام الأمريكي لحظة الانتخابات إذ يخوض الصراع الانتخابي الجناح الذي يكون متوافقاً مع الرأي العام السائد داخل أمريكا. ويتنحى عن خوض الصراع الانتخابي التيار الآخر وهو ما حدث الآن فـ(صقور) الحزب الديموقراطي من أمثال ليبرمان امتنع الحزب عن ترشيحهم وتبنى ترشيح الحمائم. عندما كشفت استطلاعات الحزب أن الأغلبية في الشارع الأمريكي أصبحت ضد الحرب.
تسيطر النزعة الايديولوجية البراجماتية على البنية الفكرية، وتشكل الخلفية الفلسفية لتوجهات الحزب الديمقراطي السياسية، وهناك تيارات عديدة داخل الحزب الديموقراطي، من أبرزها:
- النمط الديموقراطي الاجتماعي (الاوروبي): ويتكون من بربارا ليبي، دينيس كوشينبخ.
- الليبراليون التقليديون: ويتكون من روس فاينغولد، نانسي بيلوزي، ديك دوربان، وجون كيري.
- يسار الوسط: ويتكون من جوليبرمان، إيفان بابيه، هاري ريد.
- اليمين المحافظ: ويضم بن نيلسين، جيني تايلور، وألين بويد.
- الوسط المعتدل: ويضم هوارد دين، مارك فارنر.
• الاحزاب الأخرى: وهي احزاب كثيرة متعددة، وبمرور الزمن ومواصلة الصراع في الدورات الانتخابية بدءاً من أول انتخابات وحتى الآن فقد أدت عملية الصراع الانتخابي إلى تبلور الحزبين الجمهوري والديمقراطي كطرفين رئيسيين لاستقطاب الرأي العام الأمريكي.
ثانياً: أحزاب ثانوية:
وبرغم ذلك فهناك أطراف حزبية أخرى مازالت موجودة في ساحة الصراع السياسي الأمريكي ومن أبرزها:
- الحزب الأمريكي
- حزب الأمريكي المستقل
- الحزب النازي الأمريكي
- حزب الإصلاح الأمريكي
- حزب كتائب المسيحي الأمريكي
- الحزب الشيوعي الأمريكي
- الحزب الدستوري
- حزب القيم العائلية
- حزب الحرية الاشتراكي
- حزب الخضر الأمريكي
- حزب حركة الخضر الأمريكي
- حزب الاستقلال
- حزب العمل الأمريكي
- حزب السلام الأمريكي
- الحزب التحرري
- حزب النور
- حزب القانون الطبيعي
- الحزب الجديد
- حزب الاتحاد الجديد
- حزب السلام والحرية
- حزب التحريم
- حزب الإصلاح
- الحزب الاشتراكي الأمريكي
- حزب الثورة
- حزب العمل الاشتراكي
- حزب المساواة الاشتراكي
- حزب العمل الاجتماعي
- حزب الشغيلة الاشتراكي
- حزب الماريجوانا الأمريكي
- حزب المحاربين القدماء الأمريكي
- الحزب الشعبي الأمريكي
- حزب نحن حزب الشعب
- الحزب الأمريكي للشغل
ثالثاً الأحزاب الصغيرة: ويبلغ عددها حوالي 15 حزباً، ولا تتميز بأي وزن جماهيري شعبي بل فقط تمثل جماعات نوعية منها أحزاب خاصة بحقوق الشواذ والزواج المثلي والعودة إلى الطبيعة... وغيرها من الصرعات التي تستشري في بعض فئات الشارع الأمريكي.
وعموماً يمكن القول بان الصراع الانتخابي الأمريكي يتضمن الكثير من التحالفات الفرعية بين الحزبين الرئيسين والأحزاب الثانوية أما الأحزاب الصغيرة فعادة ما يكون نصيبها التجاهل هذا وبسبب وجود أغلبية شعبية لبعض الأحزاب الثانوية في بعض الولايات فإن الحزبين الكبيرين الجمهوري والديموقراطي عادة ما يقدمان بعض التنازلات في برامجهم الانتخابية داخل هذه الولايات وعلى سبيل المثال عندما تكون كفة التأييد الشعبي متعادلة بين الديموقراطين والجمهوريين فإن كل منهما يحاول إغراء الأحزاب الثانوية للحصول على تأييدها.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد