العالم العربي والتغير المناخي: تحركوا لا تنتظروا الكارثة

16-11-2010

العالم العربي والتغير المناخي: تحركوا لا تنتظروا الكارثة

تضرب عواصف ترابية العراق.. وتحدث سيول عاتية دمارا في السعودية واليمن.. ويسبب ارتفاع منسوب البحر تآكل الساحل في مصر.. ويزيد الطقس الأكثر حرارة وجفافا من مشكلة ندرة المياه في الشرق الأوسط، وهي أصلا واحدة من أكثر مناطق العالم تعطشا للمياه.
وهناك فروق هائلة من حيث نصيب الفرد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس، حيث النسب الأعلى في الدول المنتجة للنفط والغاز، وإن كانت المنطقة، ككل، لا تسهم بصورة كبيرة نسبيا في الانبعاثات التراكمية للغازات المسببة للاحتباس.
ومع ذلك، فإن الانبعاثات المضرة بالبيئة في المنطقة ارتفعت 88 في المئة من 1990 عام 2004، وهي ثالث أكبر زيادة في العالم.
وأظهرت إحصاءات الأمم المتحدة أن قطر سجلت أعلى نصيب للفرد من الانبعاثات، والذي بلغ 56,2 طنا من ثاني أكسيد الكربون في 2006، مقارنةً مع 2,25 طن فقط في مصر.
وقال الرئيس السابق لصندوق البيئة العالمية محمد العشري «لن يكون من الملائم الانتظار حتى تحدث كارثة هائلة حقا يعاني فيها أناس كثر بلا داع».
وتابع العشري «لنقل إن التعامل مع قضايا المياه ستكون له فائدة مزدوجة تكمن في الاستجابة لقضايا التغير المناخي ومعالجة المشكلات الناجمة عن النمو السكاني وسوء الإدارة والضعف الشديد للمؤسسات المعنية بالمياه».
وجاء في تقرير لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن عدد سكان العالم العربي زاد ثلاثة أمثال إلى 360 مليون نسمة منذ 1970، وسيرتفع إلى نحو 600 مليون بحلول 2050، محذّراً من أن «الاحتباس وآثاره الاجتماعية والاقتصادية، سيزيد من الضغوط المفروضة على المنطقة، ما يؤدي إلى عدم استقرار على نطاق واسع»، وخاصة على الفقراء والفئات الضعيفة.
وتمثل ندرة المياه أكبر التحديات. فبحلول 2015، سيكون نصيب الفرد العربي أقل من 500 متر مكعب من المياه سنويا، أي عند مستوى «الندرة الحادة»، مقابل متوسط عالمي يزيد على 6000 متر مكعب للفرد.
وسيؤدي الاحتباس إلى ارتفاع الحرارة بواقع درجتين مئويتين خلال 15 و20 عاما، وأكثر من أربع درجات مئوية بحلول نهاية القرن. وتظهر أرقام اللجنة الحكومية للتغير المناخي أن العالم العربي شهد ارتفاعا غير متساو في حرارة الهواء السطحي تراوح بين 0,2 درجة و2 درجة مئوية بين 1974 و2004.
ويزيد من وطأة المشكلة أن «الناس لا يزالون غير واعين لتلك الآثار، وكأن الأمر سيحدث على القمر»، كما قال الأمين العام للمنتدى العربي للبيئة والتنمية نجيب صعب، الذي استشهد بصور بالأقمار الاصطناعية من جامعة بوسطن، التي تظهر أن ارتفاعا في منسوب البحر مترا واحدا، سيؤثر على 42 ألف كلم مربع من أراضي الدول العربية، وهي مساحة تزيد أربعة أمثال عن حجم لبنان. كما ستؤثر على 3,2 في المئة من سكان الدول العربية مقارنة مع 1,28 في المئة على مستوى العالم.
وحذّر من أنه «خلال هذا القرن ستفقد منطقة الهلال الخصيب كل مؤشرات الخصوبة إذا استمر الوضع على ما هو عليه حاليا».
وتسببت موجة جفاف بدأت في 2007، في نزوح مئات الآلاف من السكان عن شرق سوريا. وفي اليمن تدفع ندرة المياه الكثير من المزارعين للتخلي عن أراضيهم والتوجه إلى المدن، ما تسبب في ارتفاع النمو السكاني السنوي في العاصمة صنعاء إلى ثمانية في المئة.
وعندما سئل عن النصيحة التي يوجهها للزعماء العرب أجاب «لا بد من البدء الآن وإلا فإنه بعد 10 سنوات، سيكون الوضع أسوأ لأن عدد السكان سيرتفــع وستقل الموارد وستزيد الفجــوة بين الأغنياء والفقراء».

أمثلــة عــن الكارثــة المقبلــة
÷ قبل 20 عاما، كان بإمكان الغواصين في دبي السباحة وسط حدائق من الشعاب المرجانية، تحوم حولها أسماك ذات ألوان زاهية وسلاحف مائية.. لكن اليوم، يقول خبير الأحياء المائية توم جورو، إن الشعاب الميتة باتت أشبه بشواهد قبور في مدينة أشباح، إذ «ببساطة ردمت أفضل الشعاب المرجانية... التي كان من المفترض أن تكون مناطق محمية تم بيعها لشركات البناء. لقد اختفت». ولمحطات تحلية المياه نصيب في التدمير، حيث تخرج المحطات ماء شديد الملوحة ومواد كيميائية في البحر، ما يؤدي إلى ارتفاع حرارة المياه وزيادة الملوحة.
÷ تخنق العواصف الترابية المتكررة والأمطار الشحيحة جهود العراق لإحياء قطاع الزراعة، الذي تضرر جراء الحروب والعقوبات والعزلة. وعانى إنتاج القمح والأرز من موجة جفاف شديدة في العامين الماضيين وترجع جزئيا إلى ارتفاع درجات الحرارة، ونقص المياه في نهري دجلة والفرات، إلى أقل من ثلث الطاقة المعتادة، بحسب الأمم المتحدة، التي حذّرت، مؤخراً، من تراجع غطاء المحاصيل بنحو 40 في المئة من الأراضي الزراعية خاصة في الشمال، بين عامي 2007 و2009.
÷ تعتبر الإسكندرية واحدة من أكثر مدن الشرق الأوسط تعرضا للخطر جراء ارتفاع منسوب مياه البحر. وتتكهن اللجنة الحكومية الدولية المعنية بالتغيرات المناخية بأن البحر المتوسط سيرتفع منسوبه بين 30 سنتيمترا إلى متر خلال القرن الحالي. وقدرت دراسة للبنك الدولي في 2007 بأن ارتفاع منسوب مياه البحر نصف متر قد يشرد عشرة في المئة من السكان. وحذّر مسؤولون من أن المياه المالحة قد تغمر أو تغرق ما بين 10 و12 في المئة من الأراضي الزراعية في أكبر دولة في العالم مستوردة للقمح.

المصدر: رويترز

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...