العراق: كرّ وفرّ بين الموصل وتكريت واستراتيجية أميركية «طويلة الأمد» واستعانة بشركات أمنية
بدا المشهد الميداني في العراق يوم أمس متناقضاً، حيث نجحت قوات البشمركة الكردية في استعادة عدد من المناطق الواقعة تحت سيطرة مقاتلي «داعش» في الموصل، فيما صدّ التنظيم المتشدد حملة عسكرية واسعة شنها الجيش العراقي في تكريت.
وفيما مرّت الذكرى الرابعة على بدء الانسحاب العسكري الاميركي من العراق، تحقيقاً للوعود التي قدّمها الرئيس باراك اوباما لناخبيه في الحملة الانتخابية الرئاسية الأولى، يبدو أن التدخل العسكري الأميركي الجديد في بلاد الرافدين سيطول، بعد إعلان أوباما، نفسه، عن اعتماد «استراتيجية طويلة الأمد» لمواجهة «داعش»، قوامها الضربات الجوية، التي استهدفت حتى الآن اكثر من 90 موقعاً لـ«الدولة الإسلامية» خلال الأيام الثلاثة الماضية.
وشنّت وحدات من الجيش العراقي وقوات «البشمركة» الكردية، مدعومة بغطاء جوي أميركي، يوم امس، هجمات جديدة على جبهات مختلفة ضد تنظيم «داعش»، خصوصاً في مناطق حول سد الموصل.
وقال مسؤول عسكري في «البشمركة» إن «العملية العسكرية مستمرة لاستعادة السيطرة على المناطق المحيطة بسد الموصل، بمساندة الطائرات الحربية الأميركية»، التي أكد أنها «تواصل تنفيذ ضربات جوية ضد تجمعات تنظيم داعش في المناطق الواقعة إلى الشمال من السد».
بدوره، أكد المسؤول البارز في «الحزب الديموقراطي الكردستاني» محمود زيباري أن مسلحي «داعش» انسحبوا من ناحية وانه التي تبعد 40 كيلومتراً إلى الشمال من مدينة الموصل، وذلك بعد ضربات جوية عدة على معاقل التنظيم في الناحية القريبة من السد.
وأوضح زيباري، أن «الغارات الاميركية استهدفت أكثر من موقع للتنظيم»، وأن «عدداً من سيارات التنظيم دمّرت»، في هذه الغارات، مؤكداً أن «المسلحين اضطروا نتيجة لذلك إلى الانسحاب من الناحية».
وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية أن طائراتها شنت خلال الأيام الثلاثة الأخيرة 35 غارة ضد مواقع «داعش»، مشيرة إلى أن هذه الغارات أسفرت عن تدمير 90 هدفاً.
وبالتزامن مع تواصل العمليات لاستعادة السيطرة على المناطق القريبة من اقليم كردستان في شمال العراق، حاول الجيش العراقي، يوم أمس، استعادة السيطرة على مناطق عدة، أبرزها مدينة تكريت، كبرى مدن محافظة صلاح الدين شمالي بغداد.
وقال ضابط رفيع المستوى في الجيش العراقي إن «القوات العراقية بمساندة مسلحين موالين للحكومة، وبغطاء من مروحيات الجيش، أطلقت عملية واسعة لاستعادة السيطرة على تكريت»، التي تبعد 160 كيلومتراً إلى الشمال من بغداد. وأضاف أن «العملية بدأت انطلاقاً من بلدة العوجة جنوباً، ومنطقة شجرة الدر الواقعة إلى الجنوب الغربي من تكريت، ومنطقة الديوم غربي المدينة».
وقال مصدر عسكري عراقي إن «قتالاً ضارياً دار قرب المستشفى الرئيسي في تكريت، وذلك على مسافة أربعة كيلومترات من وسط المدينة».
وأضاف أن الطوافات التابعة للجيش العراقي «قصفت قواعد الإرهابيين لمنعهم من إعادة التجمع»، مضيفاً أن «القوات العراقية تقدمت من الجنوب، وتقدمت ببطء من الغرب بسبب الألغام والقنابل التي زرعها الجهاديون على جانبي الطريق».
وبعدما أعلن متحدث عسكري عراقي أن كبار قيادات «داعش» فروا من تكريت، أكد مسؤول عسكري رفيع المستوى أن الجيش العراقي أوقف التقدم باتجاه تكريت، بسبب المقاومة الشرسة من مسلحي «داعش».
بدوره، أعلن المتحدث باسم ما يُعرَف بـ«مجلس ثوار عشائر العراق» أبو عبد النعيمي عن تصدي «ثوار العشائر» لهجوم قوات الجيش العراقي على تكريت.
في هذا الوقت، ذكرت قناة «سكاي نيوز» الأميركية أن وزارة الدفاع الأميركية تستعدّ لتجنيد عناصر ومستشارين أمنيين لإرسالهم إلى العراق.
وأشارت القناة الأميركية، في تقرير خاص، إلى أن «اوباما استبعد إرسال قوات برية مجدداً إلى العراق، لكن في مواجهة تنامي خطر تنظيم داعش، يبدو أن البنتاغون يبحث عن طريقة لإرسال الجنود مجدداً، عبر الباب الخلفي».
وأوضحت أن «الجيش الأميركي وجّه برقية بهذا الخصوص إلى الشركات القادرة على توفير عناصر مساعدة أمنيين ومستشارين في العراق».
وجاء في هذه البرقية أن «ثمة حاجة لمستشارين للخدمة في مكتب المساعدة الأمنية في العراق، وذلك بهدف تخفيف التوترات بين العرب والأكراد، وبين السنة والشيعة».
وبحسب «سكاي نيوز» فإن الفترة الزمنية للعقود الخاصة بتلك العناصر الأمنية تصل الى 12 شهراً، ويمكن تمديدها إلى 36 شهراً.
وأشارت القناة الأميركية إلى أن ثمة 40 ألف عنصر أمن خاص من دول غربية عدة كانوا يخدمون في العراق خلال فترة الاحتلال الأميركي لهذا البلد، وأن بعض هؤلاء يعمل بموجب عقود سرية مع وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية والقوات البريطانية الخاصة، مضيفة «الآن يبدو أن افراد القوات الخاصة السابقين، وعناصر أخرى عالية التدريب في مجال الاستخبارات يتم تجنيدهم للعودة إلى العراق».
ونقلت «سكاي نيوز» عن مصدر استخباراتي قوله إن «الخيار الوحيد المتاح للتصدي لانتشار الدولة الإسلامية هو العودة مجدداً إلى برنامج الصحوات، الذي نجح في نهاية العام 2008، من استنفار رجال القبائل السنة ضد تنظيم القاعدة».
وكان الرئيس الأميركي باراك اوباما، تحدّث في وقت متأخر من ليل امس، عن اتباع استراتيجية «بعيدة الأمد» لمكافحة «داعش»، الذي تتعرّض مواقعه شمال العراق لضربات جوية أميركية منذ نحو عشرة أيام.
وحذّر من أن التنظيم الذي يسيطر على أنحاء واسعة في سوريا والعراق يشكل خطراً «على العراقيين وعلى المنطقة بأسرها»، مؤكداً أن الهدف «هو أن يكون لنا شركاء حقيقيون على ارض الواقع، وإذا كان لدينا شركاء حقيقيون على ارض الواقع يصبح خروج المهمة عن مسارها أقل احتمالاً»، واعداً بـ«استراتيجية لمكافحة الإرهاب» مشتركة بين العراق وحلفاء الولايات المتحدة.
وفي بغداد أفاد مصدر في وزارة الداخلية العراقية، أن 11 شخصاً سقطوا بين قتيل وجريح جراء انفجار عبوة ناسفة قرب سوق شعبية، جنوبي بغداد، وقال المصدر إن «العبوة انفجرت في حي ابو دشير بمنطقة الدورة، جنوبي بغداد، ما أسفر عن مقتل شخصين وإصابة تسعة آخرين بجروح متفاوتة وإلحاق أضرار مادية بعدد من المحال».
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد