الغابون تنهب أراملها
بعد أسبوع من وفاة زوجها، تعرضت ميراي منو وابنتاها الصغيرتان للطرد من منزلهما من قبل عائلته، فنهب الأرامل ظاهرة شائعة في الغابون يُعمل على القضاء عليها.
«والد زوجي طردني. خرجنا فارغات الأيدي بعد 11 سنة من الزواج»، تقول ميراي. وتضيف وفي صوتها غصة: «لم نأخذ شيئاً، ولا حتى أوراقنا الثبوتية. وعندما أرادت ابنتي الكبرى أخذ دفاتر التوفير، سحبتها جدتها منها مانعة إياها بالقوة».
هربت الأرملة (22 سنة) إلى كاب ايستيرياس، على بعد 13 كيلومتراً شمال ليبرفيل، لتعيش في غرفة للطلبة في الكلية الوطنية للمياه والغابات التي وافقت على إيواء طالبتها السابقة المتخصصة في علم النبات. ولكن عند بدء السنة الدراسية ووصول الطلاب إلى الكلية، ستضطر إلى إخلاء المكان. ولن يكون لدى منو مكان تقصده وابنتيها البالغتين 9 و4 سنوات من العمر. ويكمن خوفها الأكبر في ألاّ تتمكن ابنتها الكبرى من استئناف الدراسة في أيلول (سبتمبر) المقبل.
وعندما علمت المديرية العامة للأرملة واليتيم، التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية، بمسألة منو، حاولت التوسّط لدى عائلة زوجها، لكن الوالد رفض أي نقاش. وبالتالي، ستلجأ منو إلى القضاء بدعم من الوزارة. وتؤكد القاضية باميلا كومبا التي تتابع الملف، أن العائلة «يجب أن تحصل على تعويض وأن يعاد دمج الفتاتين في منزل العائلة».
ميراي منو ليست حالة معزولة، إذ أظهرت دراسة أجريت بناء على طلب سيدة الغابون الأولى سيلفيا بونغو أونديمبا، التي وضعت مكافحة «نهب الأرامل» على سلم أولوياتها، أنه من أصل 1600 أرملة استجوِبنَ بين أيار (مايو) وحزيران (يونيو) الماضيين، 47 في المئة تعرَّضن للنهب من قبل عائلات أزواجهن.
وافتتحت السيدة الأولى، وهي من منظمي اليوم العالمي للأرامل الذي أطلقته الأمم المتحدة في حزيران (يونيو) الماضي، مركز استقبال للأرامل في وسط العاصمة ليبرفيل، يؤمن لهن دعماً نفسياً ومساعدة قانونية. ويتخذ النهب أشكالاً مختلفة تتراوح بين الطرد من منزل العائلة إلى الحرمان من حق استرداد الممتلكات.
جنفييف بيندي ضحية أخرى لهذه الظاهرة، فمنذ أن فقدت زوجها عام 2002، تعيش في حي شعبي بائس في ليبرفيل، وتبيت حالياً في منزل والديها «على الأرض»، إذ حرمتها عائلة زوجها من حق استرداد ممتلكاتها.
وتقول بغضب: «أعيش كمهاجرة غير شرعية. لقد أخذوا المال. أُسمي ذلك سرقة، فما تملكه امرأة متزوجة ليس ملكاً لعائلة زوجها، الزواج لا يعني العبودية».
وفي حزيران (يونيو) وافقت الحكومة على مشروع قانون يهدف إلى جعل الأحكام الجزائية أكثر صرامة، بغية تعزيز حماية الأرامل والأيتام.
ويقول تييري نزامبا، المتخصص في الأنثروبولوجيا، إن النهب ظاهرة قديمة ترتكز على «تفسير خاطئ للتقاليد». ويضيف أنه «وفقاً لنظام النسب»، يرث فرد من عائلة والد المتوفى أو والدته، الزوجةَ ويعتني بها. لكن في كل الحالات، على الرجل أن «يستمر في الاعتناء بأولاد المتوفى». ويعتبر نزامبا أن النهب «سلوك منحرف» يحركه «الواقع الاقتصادي، فالأشخاص يأخذون الممتلكات لأنفسهم ولعائلاتهم».
المصدر: أ ف ب
إضافة تعليق جديد