اللبنانيون يطمئنون و السياح يلغون حجوزاتهم

13-07-2006

اللبنانيون يطمئنون و السياح يلغون حجوزاتهم

في بداية كل موسم سياحي في لبنان لا بد أن يحصل زلزال سياسي ليقض مضجع السياحة ويرمي بجهود كبيرة بذلتها وزارة السياحة اللبنانية لاستقطاب السياح العرب والاجانب. فقد عمّت اجواء التوتر والقلق امس غالبية القطاعات الاقتصادية والسياحية اللبنانية ترقباً للانعكاسات المحتملة لتدهور الاوضاع الامنية في الجنوب والتهديدات الاسرائيلية بتوسيع دائرة الاعتداءات لتشمل العمق اللبناني، بعد تحميل الدولة مسؤولية خطف الجنديين الاسرائيليين.
وفيما غابت ردات الفعل المتشنجة عن الاسواق المالية والبورصة التي ترافق عادة التطورات الامنية المفاجئة، اكد عدد من المسؤولين ومديري العلاقات العامة في فنادق العاصمة والمصايف لـ«الشرق الأوسط» ان الكثير من السياح العرب والاجانب «ابدوا اهتماماً بمتابعة التطورات»، واستفسروا عن احتمالات توسع الاعتداءات الى الداخل في ضوء تجارب سابقة. لكن لم يحصل الغاء لبرامجهم حتى الساعة. في حين تخوف المسؤولون في الفنادق من تصعيد وتيرة العمليات العسكرية التي ستفضي حكماً الى الغاء حجوزات قادمة علماً ان تقديرات الحجوزات للنصف الثاني من الشهر الحالي تراوحت بين 70 و100 في المائة لدى معظم الفنادق ومجمعات الشقق المفروشة في بيروت وجبل لبنان، وبنسب اقل في البقاع والشمال. وفي ظل الاوضاع الراهنة وفي ظل وجود عدة تكهنات ترى بعض الجهات السعودية المعنية بأن التصعيد الامني الحاصل ادى الى تراجع أعداد السعوديين المتجهين الى لبنان ـ خاصة السياح ـ على اثر المواجهات الاسرائيلية ـ اللبنانية التي اندلعت، الامر الذي دفع بالكثيرين الى الغاء حجوزات سفرهم او تحويلها الى دول اخرى، حيث يقول ناصر الطيار، نائب رئيس لجنة السفر والسياحة في الغرفة التجارية السعودية «لاحظنا تراجعا في عمليات السفر على الرحلات المتجهة من السعودية الى لبنان خلال الساعات الماضية على اثر الاحداث التي تشهدها الاراضي اللبنانية، خاصة من جانب السياح الذين قرروا الذهاب الى لبنان بحثا عن الراحة والاستمتاع»، مشيرا الى ان الصورة ستتضح بشكل اكبر خلال الساعات المقبلة. وعن نسبة المسافرين الذين قرروا إلغاء رحلاتهم الى لبنان، قال الطيار «لا يمكن تحديد نسبة التراجع حتى الآن، لان الامر في اول ايامه والى الآن لم يتم تقديم كشوف بالرحلات وحركات السفر والمسافرين ونسب الحجوزات التي ألغيت». وبين «ان اكثر من سيتأثر بذلك هم السياح كما اشرت خلافا للاشخاص المرتبطين بأعمال او دراسة او خلافه، فبعضهم قد يضطر الى السفر».

وفي السياق نفسه اكدت مكاتب سياحية في مدينة جدة ان عددا كبيرا من السعوديين الذين كانوا ينوون المغادرة على رحلات اليوم تراجع معظمهم عن السفر رغم حصولهم على بطاقات صعود الطائرة، وبدأوا إما في اجراءات تغيير وجهتهم الى دول اخرى او الى استرجاع المبالغ المالية التي دفعوها والعدول عن السفر نهائيا.

وفي الجانب الآخر يراقب البعض الاوضاع ليقرر ما بين السفر والبقاء، وهو ما يشير اليه محمد المري، الذي كان ينوي السفر للمشاركة في مسابقة من المقرر ان تعرضها احدى القنوات الفضائية العربية، وقال «يفترض ان اغادر خلال الثلاثة ايام المقبلة للمشاركة في المسابقة، لكن الوضع الآن اختلف فهو يعتمد على ما يستجد من الاحداث، ففي حالة استمرار الاحداث بهذا الشكل، فلن اشارك، لانني كنت اهدف الى المشاركة والسياحة من خلال سفري، وبالتالي لن اكون مطمئنا في ظل هذه الاحداث».

ومن المؤسف أن لبنان كان يعوّل على موسم سياحي زاهر يفوق الارقام شبه القياسية المحققة في العام 2004، بعدما اظهرت احصاءات الاشهر الخمسة الاولى زيادات بنسب تصل الى 60 في المائة عما كانت في العام 2005 و30 في المائة عن العام 2004 الذي شهد دخول نحو 1.3 مليون سائح. ما يعني ان تقديرات العام الحالي يمكن ان تصل الى 1.6 مليون سائح ينفقون ما بين 2.5 و3 مليارات دولار.

من جهة اخرى، يؤكد خبير اقتصادي لـ«الشرق الأوسط» ان المستوى العالي لاحتياط مصرف لبنان المركزي من العملات الصعبة البالغ نحو 13 مليار دولار يشكل ضمانة نفسية ومادية لمنع اي انعكاسات مالية او فوضى في سوق القطع كنتيجة لاقبال المدخرين على شراء الدولار في حالات التوتر الامني. لكن التأثير المباشر يمكن ان يصيب التدفقات الرأسمالية من الخارج سواء للتوظيف في القطاع المصرفي والمالي او للاستثمار في مشاريع السياحة والعقارات.

وفي الواقع، ان معظم القطاعات الاقتصادية استعاد وتيرة النمو الايجابي هذا العام. ويقدر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ان يسجل الاقتصاد نمواً بنسبة 5 في المائة وفقاً لتسارع انشطة القطاعات الاساسية، وذلك بعد انحدار النمو الى الصفر خلال العام 2005 بفعل جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري وما تلاها من اغتيالات واحداث امنية وتداعيات سياسية وغير سياسية.

ورشح من مصادر مصرفية واسعة الاطلاع ان البنك المركزي، وعلى غرار مواقف سابقة، لن يسمح بحصول اي مضاربات في سوق القطع وسيتدخل لتغطية اي طلب اضافي على الدولار. كما لا يتوقع حصول تحركات قوية في ردهة بورصة بيروت التي تعاني من ركود شبه تام في الاشهر الاخيرة بعد الصعود القياسي الذي سجلته نهاية العام الماضي وفي الشهرين الاولين من العام الحالي.

ويقول مسؤول مصرفي، فضل عدم الكشف عن اسمه: «ان الاقتصاد اللبناني معتاد على امتصاص تطورات مفاجئة. وسبق ان تم تجاوز اعتداءات اسرائيلية واسعة النطاق في العام 1993 والعام 1996. كما تم استيعاب الصدمات العاتية التي توالت فصولا خلال العام 2005. لكن اي توسع للعمليات العسكرية باتجاه الداخل سيؤدي حكما الى ضرر مباشر للقطاع السياحي. وهو الاكثر حساسية تجاه هذا النوع من التطورات».

ويضيف المسؤول: «لننتظر جلاء صورة التطورات المقبلة، فالحدث لا يزال في بدايته، ومسار تطوراته متعددة، ومنها مسار التفاوض وامكانية تدخل المجتمع الدولي لمنع تضخيم التداعيات اللاحقة. وفي ضوء جلاء الصورة يمكن اجراء قراءة افضل للانعكاسات ومستوياتها».

 

المصدر: الشرق الأوسط

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...