المتنبي وتامر حسني يتقاسمان غوغل

16-02-2011

المتنبي وتامر حسني يتقاسمان غوغل

عمليات البحث التي قام بها العرب على الانترنت كشفت أن المطرب المصري تامر حسني صنف عمليات البحث التي قاموا بها عن نزار قباني والمتنبي ونجيب محفوظ ومحمود درويش

بينما قام العرب وفقاً للأرقام والمؤشرات التي تضمنها التقرير العربي الثالث للتنمية الثقافية الذي أصدرته مؤسسة الفكر العربي الشهر الماضي في مجال تحميل محتويات رقمية على الانترنت عام 2009 تحميل نحو 43 مليون فيلم وأغنية مقابل تحميل ربع مليون كتاب فقط.‏

تدني معايير المعرفة في المجتمع العربي هذه لم تأت فقط بالمقارنة مع دول غربية متقدمة بل أيضاً مع دول أخرى كانت حتى 20 أو 30 عاماً تماثلنا في الظروف ومستوى التنمية.‏

وإن عدد اصدارات الكتب سنوياً في الدول العربية بلغ 17 ألفاً و 162 كتاباً، إسبانيا 60 ألفاً، ألمانيا 90 ألفاً والصين 110 آلاف، كوريا الجنوبية 36 ألفاً، جنوب إفريقيا 6592 بينما تحتل كتب الطبخ التي يتواصل معها العرب على الأنترنت (مركز الصدارة) بنسبة 23٪ من إجمالي كل أنواع الكتب.‏

وما زال المتنبي هو أحد أكثر الشعراء العرب المطلوبين على الأنترنت ويأتي بعده مباشرة نزار قباني، أما الكتب التي حققت أكثر معدل بحث على الأنترنت في عام 2009 تصدرها كتاب صحيح البخاري ثم لسان العرب ورياض الصالحين وغيرهم.‏

وتشير الدراسات أيضاً إلى واقع صناعة النشر والتوزيع في العالم العربي الذي بدا محزناً، فسكان العالم العربي يمثلون 5٪ من سكان العالم بينما لا يسهمون إلا بما يقرب من 1.1٪ من إنتاج الكتب.‏

وأشار نائب رئيس اتحاد الناشرين الدوليين إلى أن حجم الميزانية المخصصة في الولايات المتحدة الأميركية لاقتناء الكتب لرفد المكتبات العامة ومكتبة الكونغرس تصل إلى 15 مليار دولار وفي بريطانيا ودول أوروبا تراوح المعدل بين 2-7 مليارات.‏

بينما تفتقد الدول العربية بما فيها النفطية الغنية إلى تخصيص ميزانية للمكتبات العامة.‏

الخبر الجيد أن الكتب العربية المترجمة إلى لغات أجنبية وصل عدد النسخ منها إلى (المليون) ولكنها حصرت بترجمات للكاتبين العربيين نجيب محفوظ وعلاء الأسيوني.‏

- لغياب عمليات البحث والاستقصاء العلميين التي تسلط الضوء على مزاج وتركيبة الجمهور العربي اجتماعياً لبيان أسباب عزوفه عن متابعة النتاج الأدبي والفكري للمبدعين (تحمل) المؤسسات الرسمية والخاصة ومعهم الأفراد (الكتّاب والباحثون) المسؤولية شبه الكاملة للمواطن بتراخيه وتقاعسه اللذين أديا إلى تدهور وضعه الفكري والثقافي وانحيازه للفنون الأخرى (والتي لم ينج أيضاً من اتهامه بأنه ذهب للهابط والسطحي منها).‏

ويظل (المستهلك) أي الجمهور حسب الأرقام والدراسات والبحوث العشوائية مصدراً مهماً من مصادر تدني المعرفة.‏

ولأن المواطن المستهلك (للثقافة) يعي حقيقة أن المبدع في بلادنا يقاسي كفرد ويعاني كإنسان فقد ارتأى أن يتحمل مسؤولية هذا التقاعس مدعياً (أو جاداً أحياناً) بأن الوضع المعيشي لا يمكنه من شراء كتاب أو رواية ولا حتى ديوان شعر.‏

وحتى لا أتهم بالتعصب أو بنوع من التحالف مع هذا الطرف أو ذاك فإن الخبرة (ليس بعدد السنين طبعاً) تقتضي الإشارة.‏

إن الحجج التي يسوقها الجمهور لعزوفه عن القراءة غير مبررة بالكامل، وإلا ما معنى وجود مكتبات خاصة وعامة مازالت متوفرة بشكل معقول ودور النشر تستلم وتسلم للمطابع مخطوطات والمعارض تمارس نشاطها وإن كانت دون الطموح ولكنها متواجدة وخسائرها لم تبلغ حد (الإغلاق والاستقالة).‏

لماذا تصل مبيعات كتب بعينها (طبخ، أبراج، دين) لنسبة لايستهان بها في العالم العربي عموماً.‏

هل فكرنا بإجراء مسح لمعرفة انحياز المزاج العام لاقتناء هذه الأنواع دونما وضع تصورات مسبقة تجزم باتهام الجمهور بالسطحية أو بالتعاطف مع نوع محدد؟‏

وهل قدم مبدعونا (بديلاً صحياً) لتشجيع القارئ على ملاحقة هذا النوع من الإبداع مع إتاحة الفرصة لتقديم أعذار منها.‏

إن المبدع لا يعيش (مرفهاً) أو متفرغاً لتنشيط الدورة الدموية لإبداعه وغير قادر بالشكل الأمثل على استيعاب (الجمال) فهو محكوم كفرد وإنسان بظروفه.‏

لكن المبدع العربي أيضاً (يصر) على كونه محكوماً بالتضييق عليه وإن كان محقاً أحياناً لكنه يذهب إلى أقصى مدى يعتكف أو يدخل عالم الصغائر والتفاهة أو يدعون أنهم يكتبون للنخب فالعامة غير مؤهلة بعد للفهم.‏

أما ما أفهمه أن الكاتب المبدع يستطيع قراءة الواقع بمستويات مختلفة دون أن تصيبه (عقدة الاضطهاد والطمع والتحالف ضده) من القوى الكبيرة والصغيرة ليبرر لنفسه أولاً ولنا أخيراً أن (عبقره) مرصود ومكبل ومكموم ومنعطفات السياسة تكاد ترديه في واد سحيق؟!‏

ما زال إرثنا الحضاري غضاً وبكراً والطبيعة تنتظر من يناغيها والعلم يحتاج من يجنح به إلى الفضاء (الخيال العلمي).‏

الأطفال يحتاجون أدباً حقيقياً المتاح كثير فقط يحتاج اجتهاداً ونبشاً وعزماً.‏

الترويج للتعاسة ليس أدباً والجنس ليس خبزنا اليومي.‏

«المهم الآن إيجاد أدب يواجه المرحلة ويكون على مستوى الأحداث الداهمة واعياً تهديدها الجاد لوطننا وتراثنا وشخصيتنا الحضارية» شرطه الوحيد موهبة مشغول عليها ولأجلها.‏

هند بوظو

المصدر: الثورة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...