المديرالعام للإذاعة والتلفزيون: الكم الهائل من الموظفين أكبرمشكلاتنا
أكد الدكتور ممتاز الشيخ المدير العام الجديد للهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون في حوار معه أن أهم المشكلات التي تواجهها الهيئة هي الكم الكبير من الموظفين الذين يقدرون بالآلاف وأكد أيضاً أن مؤسسة التلفزيون عريقة ولها تقاليد عمل معروفة ولها حضور في حياة الناس ولم ينكر وجود حساسيات بين مديري القنوات الثلاث، مشدداً على أن المؤسسة باقية «ونحن زائلون» والدكتور ممتاز قضى سنوات مديراً للرقابة في وزارة الإعلام لينتقل بعد ذلك مديراً عاماً لمؤسسة الوحدة للطباعة والنشر ليستقر أخيراً في الطابق الثالث من مبنى الإذاعة والتلفزيون ويبدو من كلامه أنه يملك حلولاً لبعض المشكلات التي استعصت على الحل مستنداً إلى رؤية مختلفة للعمل المؤسساتي.
ورثت تركة ثقيلة تراكمت عبر عقود كيف تنوي التعامل معها؟
أولاً دعني أدفق بعبارة (تركة ثقيلة) فهي نابعة من طبيعة عمل التلفزيون وهي طبيعة آنية وبوتيرة سريعة والتلفزيون له علاقة مباشرة بالرأي العام ومن هنا تبدو للآخر ثقيلة لأنها لا تمهلك للاستغراق بالتفكير ولكن مؤسسة التلفزيون السوري عريقة ولها حضور في حياة الناس ولها تقاليد عمل معروفة وثمة زملاء موجودون على درجة عالية من المهنية يستطيعون القيام بأعباء القنوات الثلاث وفي المقابل ثمة عناصر أخرى تحاول عرقلة العمل، ولأن مؤسسة التلفزيون تضم جميع أطياف المجتمع هناك الجيد والسيئ وأعتقد أن أهم مشكلاتنا هي في الكم الكبير من الموظفين فالمكان الضيق إذا استوعب أكثر من طاقته فهذا بحد ذاته كفيل بخلق مشكلات معينة تؤثر سلباً على العمل.
سلفك الزميل عبد الفتاح عوض كان اعتمد دورة برامجية جديدة هل تنوي إعادة النظر بها؟
أنا من الذين يرون أن العمل المؤسساتي يجب ألا (يتشخص) ويجب ألا يكون طابعه ذاتياً وفردياً.
ولكن لكل شخص رؤية وهدف.
أنا لا أنفي ذلك ولكن يجب أن تكون بنسبة محدودة فالمؤسسة يجب أن يكون لها تقاليدها وسياستها ومهمة المدير العام تكمن في تنظيم العلاقة والعمل بين دوائرها لا أكثر ولا أقل فليس بإمكاني على سبيل المثال الحلول محل المخرج أو المعد أو المذيع والممثل، والتلفزيون عادة ما يكون فيه كل المهن من المهندس إلى العامل العادي وربما يكون التلفزيون السوري الوعاء الوحيد الذي يحتوي على كل المهن.
لم أتدخل إطلاقاً بالجانب البرامجي الذي اعتمد منذ فترة لأنني أعرف أنها برامج دُرست من قبل مجموعة متخصصة ومن خلال استطلاع رأي عام قد تتغير بعض البرامج مع الوقت، بناء على هذا الاستطلاع، وهذه عادة المؤسسات الإعلامية التي تبدل باستمرار برامجها وتأتي بالجديد الذي يتناسب مع أذواق المشاهدين.
التلفزيون السوري كان أول المنتجين للدراما واليوم تخلف كثيراً عن القطاع الخاص هل تنوي تفعيل هذا الجانب من جديد؟
الدراما هوية وربما تتربع الدراما السورية اليوم على القمة ومسألة تخلف القطاع العام عن الخاص مسألة مهنية لأن القطاع العام هو الذي صنع القطاع الخاص. كل الخبرة انتشلت من التلفزيون والمصنع الأساسي للدراما السورية هنا في هذا المبنى وأعتقد عندما يصل إلى حد افتقاد دراما معقولة منتجة في التلفزيون السوري فالمسألة متعلقة بالعاملين في هذا المجال ويجب أن تتم معالجة هذا الأمر بشكل أو بآخر ما دامت سبل النجاح متوافرة والإمكانيات كذلك ومعظم الناجحين في القطاع الخاص هم موظفون بالتلفزيون السوري ويتقاضون رواتب ما معنى أن تكون مبدعاً هناك وعكس ذلك هنا وإذا لم تتم معالجة الأمر فقد تنتفي الحاجة لوجود إنتاج درامي ومن ثم يتم إيجاد وظائف أخرى لمديرية الإنتاج تسهم من خلالها في عمل الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون.
كيف تصف علاقتك وأنت قادم من خارج هذه المؤسسة بأقطابها إذا جاز التعبير وخاصة مديرية القنوات التلفزيونية والإذاعات؟
هؤلاء هم مفاصل العمل الأساسية في الهيئة وإذا لم يستطيعوا التعامل مع بعضهم بعضاً بشكل جيد فالمبنى سينهار وتصبح وظائفه ضمن الحدود الدنيا مع اقتناعي أن هناك اختلافاً بالرؤى ولكن يجب أن يكون ضمن الإطار الإيجابي وليس السلبي ويجب أن نبحث عن نقاط الالتقاء بيننا ولا نبحث عن عوامل الخلاف ونعززها.
لا أنكر وجود حساسيات بين البعض وهذا الأمر ينعكس على الشاشة وكلما كانت العلاقة بين هؤلاء جيدة، كانت الشاشة أجمل. تجربتي مازالت في البداية وأكدت هذه النقطة في أكثر من اجتماع، يجب أن نتعامل بطريقة نكمل فيها بعضنا بعضاً بعيداً عن المصالح الذاتية الضيقة وإلغاء الآخر فمصلحة هذه المؤسسة أولاً لأنها هي الباقية ونحن في النهاية زائلون.
كنت ولعدة سنوات مديراً للرقابة في وزارة الإعلام وكنت وبشهادة الكثيرين رقيباً منفتحاً هل نتوقع رفعاً لسقف الرقابة في التلفزيون؟
تعرضت لهذا السؤال أكثر من مرة وأشكرك على تقييمي بهذا الشكل، أعتقد أن لكل عمل وظيفة يجب أن نؤديها بأمانة فمن كان حارساً يجب أن يكون كذلك ولا يتحول إلى مجرد مشاهد وعملي في الرقابة كانت له طبيعة مختلفة عن عملي في التلفزيون، وأعتقد أيضاً أننا أحياناً نضع لأنفسنا سقوفاً وهمية ونظن أننا مجبرون على الانضواء تحتها، أنا أرى أن كلمة الرقابة اسم فج لعمل كبير جداً ومهم وهي موجودة في كل دول العالم وهي حق فواجب أي دولة حماية حدودها الجغرافية وحماية قيمها وعاداتها وتراثها وتقاليدها ومن هنا تأتي ضرورة الرقابة، ودور الرقابة يكمن في عدم المساس بهذه الثوابت، والخطوط الحمراء في هذه الثوابت بعيدة جداً فيأتي المراقب أحياناً فيقربها من باب التدابير الاحترازية والوقاية خشية الوقوع في الممنوع ومن ثم تصبح السقوف الرقابية بهذا الشكل، وخلال وجودي في الرقابة كنت أرى أن الأولوية هي في الاقتراب من هذه الخطوط ومن ثم يتم التعامل معها، والمجتمع السوري مجتمع متنور ومتنوع ومن الطبيعي أن تتعدد الآراء ولا ضير في ذلك ما دام الهدف خدمة المجتمع.
وأجد أن من الممكن أن يخوض التلفزيون في هذه الهوامش ويوسعها ومطلوب منا ذلك وأكرر القول: إن المجتمع السوري متنور ومنفتح وسورية على مر التاريخ هي ملتقى حضارات عريقة والسوري بإمكانه هضم الثقافات الأخرى لأنه مساهم بشكل أو بآخر في صنعها.
في ظل وجود هذا العدد الكبير والمتزايد من الفضائيات هل ما زال التلفزيون السوري يؤدي مهامه بالشكل المطلوب؟
التلفزيون السوري مؤسسة رسمية لها توجهات معينة وحدود معينة ويجب أن نتفهم ذلك والتلفزيون الرسمي مختلف تماماً عن القنوات الخاصة فهو غير معني كثيراً في حيازة عدد أكبر من المشاهدين إلا من منطلق وظيفته في التوعية ومن الطبيعي أن تجد في القنوات الخاصة برامج تجذب أكبر نسبة من المشاهدين ولكنها في النهاية ليست مؤثرة في الوعي. أنا أرى أن مهمة التلفزيون السوري الأساسية هي في التأثير في الوعي، قد تجد بعض البرامج جافة بعض الشيء ولكنها ضرورية جداً لصياغة هذا الوعي، وعلى التلفزيون الإسهام بشكل إيجابي في هذا الجانب ومن هذا الأساس ما زال لدينا برامج ذات طابع تنموي ليست رائجة ولكنها ضرورية.
بالمصادفة وقع بين يدي كشف بتكاليف نقل حفل ديني على الهواء منذ أشهر وفيه أسماء لا علاقة لها إطلاقاً بالمناسبة ومع ذلك هي مدرجة في الكشف وتقبض آلاف الليرات إلى متى ستبقى هذه الخاصرة تنزف؟
بالتأكيد هذا الأمر يؤرقني وعقدت عدة اجتماعات منذ مجيئي إلى هذا المبنى بهذا الإطار ولكن اعتقد أن هذا الأمر خطأ غير مقصود فأحياناً العرف يصبح أقوى من القانون وقد تعوّد البعض إضافة أسماء إلى الأوامر الإدارية لأن هناك عدداً كبيراً من العاملين الذين لا تعويضات لهم إلا ما يندرج ضمن الأمر الإداري.
هناك تدابير ستتخذ ونحن بصدد تشكيل لجان تحدد ميزانيات البرامج وعدد المساهمين الحقيقيين فيها لأنه يتعذر الاستمرار بهذا الأمر على الرغم من رغبتنا الجامحة لمراعاة ظروف البعض المادية.
محمد أمين
المصدر: الوطن السورية
إضافة تعليق جديد