المنتدى الاجتماعي يطرح سؤال:الصحافة الخاصة إلى أين ؟
الجمل ـ حسان عمر القالش : صحافتنا الخاصة الى أين هي ذاهبة..هل الى "الاغلاق"كما قال الزميل أيمن الدقر رئيس تحرير مجلة أبيض وأسود, أم أنها "تراوح مكانها" حسب الزميلة سعاد جروس مديرة تحرير "الجمل"..أم ماتزال في "الكوما" التي دخلتها "منذ 1963 " على حد وصف معاون وزير الاعلام..
جرى هذه النقاش تحت عنوان "الصحافة السورية الخاصة الى أين؟" في المنتدى الاجتماعي الثقافي بدمشق والذي استمر لأكثر من ساعتين,ولم تمنع النسائم المبشرة بالثلوج في الخارج من ارتفاع حرارة النقاش والسجال في الموضوع.
وكان السقف عاليا عموما, فمن "التحويل الاشتراكي" الذي أدى الاعلام دوره فيه أثناء تلك المرحلة بدأ أسعد عبود , وتابع" أما الآن ونحن نقوم بعملية التحويل الرأسمالي عـلـنـا..لا يمكن أن نقوم بنفس الأدوات التي قمنا فيها بعملية التحويل الاشتراكي.." وأخبرنا حدوتة تاريخية عن استيلاء صحيفة الثورة بثلاث محررين على صحف محلية في حلب وحماه وحمص ونصح وزاررة الاعلام "بأن تبحث عن اصحاب هذه الصحف الثلاثة وتعتذر لهم و تدفع لهم تعويضا وترجع لهم الصحف لأنه ماكان لها أي معنى تلك المحاولة – المصادرة -..." .
فيما شكى رئيس تحرير أبيض وأسود من سوء سياستي التوزيع والإعلان واحتكار الدولة لهما وانعكاس ذلك على الصحافة الخاصة إذ يصيبها في مقتل، كما لم تخل مداخلة عبد السلام هيكل رئيس تحرير مجلة الإقتصاد من السوداوية حين وصف احتكار الدولة لتوزيع الصحف بمثابة الجريمة خلال عرضه لحال الصحافة من باب إدارة التسويق باعتبار"الصحافة منتج من حقها أن تعرض في منافذ البيع مثلها مثل الجبنة" ما دفع الدكتورة الأديبة ناديا خوست التي كانت حاضرة الى تذكيره بدور الصحافة التنويري، منتقدة عقلية المسؤولين الذين يعتبرون أن مهمة الصحافة نشر أخبار انجازاتهم.
وبدوره أثار أيمن الدقر موضوع قانون المطبوعات وقوانينه غير المفهومة و"المطّاطـة" برأيه, وخوفه من أن يضيع القانون المدروس حديثا في "الزواريب" بين مجلس الوزراء ومجلس الشعب – البرلمان.لتكمل سعاد جروس تشريحها للحالة الصحافية, بأن الادارة الاعلامية تعمل على وضع قانون اعلام عصري بطريقة "نبش قانون مهترئ لاعادة ترقيعه" وبأنه حتى لو صدر في هذه اللحظة قانون مطبوعات جديد من "الصعب أن يأتي مواكباً لما يجري في العالم "فالكارثة في قانون المطبوعات الحالي انه "جعل الصحافة الخاصة رهينة لقانون غير مفعّل يتناقض مع مراسيم المؤسسات القابضة على عنق الصحافة والتوزيع والإعلان بفاعلية.", فالمطبوعات تحاسب وفق المزاج ؛ تارة بحسب قانون المطبوعات وأخرى بحسب المراسيم, وغالباً وفق (قانون آخر)لا علاقة له لا بالنشر ولا بالصحافة، وألقت باللوم على أصحاب المطبوعات التي يأخذون تراخيص بـ"الاستثناءات" كونهم لا يعملون على تغيير القوانين والتأسيس لواقع صحي ، مع أنهم هم أيضاً معرضين بدورهم لظرف استثنائي قد يطيح بمطبوعاتهم وعادت لتؤكد أن أي كلام عن صحافة أو إعلام مستقل لا معنى له إذا لم يكن هناك مناخ تعددية سياسية واقتصادية يتيح وجود إعلام مستقل، وبيئة قانونية تحميه وتضمن استمراريته.
وقد تميز الحوار بظرفه اللغوي وتفاعل الحاضرين وأريحية الكلام, محاضرة ودردشة ومداخلات, فطغت اللهجة العامية على المجلس بعكس الأجواء التي يعكسها تلفزيوننا الرسمي عن صحافيينا ..و أطلّ الرأي الرسمي بمشاركة السيد طالب قاضي أمين معاون وزير الإعلام,فتحدث عن المنطقة الإعلامية الحرة وأنها انشأت وفق مادة بقانون الاقتصاد ، وهي تأتي كحل لمشكلة تأخر إصدار قانون إعلام شامل حيث ألمح إلى أنه سيتأخر حتى تتم دراسته ملياً كي لا يأتي قاصراً ويحتاج مجدداً الى تعديل !! ما دفع مراسل إذاعة الـ BBC عساف عبود الى سؤاله في نهاية الندوة إذا كان هذا القانون سيحتاج للصدور 25 سنة قادمة، للاطمئنان على أنه إذا قدم طلب ترخيص اليوم بإمكان أولاده أن يحصلوا عليه مستقبلاً !!
ومحمد زينة مدير الصحافة و النشر,الذي قرأ للحضور أعداد المطبوعات التي أعطيت ترخيص من العام 2001 وهي 151 ألغي منها 53 , وكانت "الحصة الأكبرللاعلانية" 41 ألغي منها 18, اقتصادية وقانونية 16 مطبوعة ألغي منها 6, اجتماعية وثقافية 38 مطبوعة ألغي منها 10 , فنية وسياحية 19 ألغي11, أطفال 5 ألغي3 .وحين سئل عن التراخيص السياسية قال أنه تم منح ترخيصين أحدهما لأسبوعية (أبيض وأسود) والثاني مجلة (بلادنا) وقد تأجل صدور الأخيرة بناء على رغبة صاحبها الذي طلب تجميد الترخيص ريثما يعود من سفره الطويل.
الأستاذ الياس مراد رئيس اتحاد الصحفيين تخلف عن الحضور ، وحسبما قيل همساً: لأنه لم يبلغ بالدعودة علماً أن البطاقات مطبوعة منذ أكثر من أسبوعين ، والخبر نشر في الصحف على أنه مشارك في المداخلات، ولكن ربما لأن نصف الحضور من غير المنتسبين للاتحاد رأى أن الأمر خارج دائرة اهتمامه!!, وكذلك فعل أيمن عبد النور صاحب نشرة "كلنا شركاء الألكترونية" الذي لم يتضح سبب عدم حضوره وبذلك غاب رأي في تجربة الصحافة الألكترونية. هذه الصحافة "الشغل الشاغل للكثيرين" كما قال معاون وزير الاعلام الذي دعى للاتفاق على أن الحرية التي تتسم بها هي "حرية غير مضبوطة وغير مسؤولة",وكان يشير اليها بالاجمال ضمن سلة كاملة، كما يقال, فلم يفرق بين (مواقع) و(مواقع اخبارية).
ومع أن الأستاذ مأمون الطباع افتتح المجلس بـالترحيب بـ"الفرسان الجدد" قاصدا الصحافيين الشباب الجدد على المهنة, الا أننا لم نرى منهم الا النذر اليسير, وحتى أن مشاركتهم كانت خجولة مع أن تفاعلهم لم يكن كذلك, كانوا يعلقون فيما بينهم على كل كلمة من كلام المتحدثين الضيوف بطريقة يستذكرون فيها أيام مقاعد الدراسة وتمردهم حينها, هؤلاء "الفرسان" الذين غيّبوا بقول معاون الوزير " ليس لدينا اعلاميين يسدون حاجة المطبوعات الخاصة" , لم يأت أحد على ذكرهم أو نقد محاولاتهم وخطاهم الصحافية باستثناء سعاد جروس التي رأت أنه بعد دخول الانترنت " ثبت أنه عندنا جيل من الشباب الناشئ.. جيل لم يكن يمكن أن نتخيل انه موجود أصلا.. طريقة تفكيرهم.. انفتاحهم على العالم.. كل هذا لا تلاحظه الدولة.. أي شيء تلاحظه من الجانب السياسي والأمني فقط.. لا تلاحظ الجانب الاجتماعي التنموي والنهضوي الناجم عن التفاعل مع الآخر والاطلاع على ما يجري في العالم وحتى المساهمة فيه..", وأكملت بالتحذير من فقدان هذه الطاقات الشابة المشتغلة بالصحافة الالكترونية بسبب البدائية التقنية لمواقعنا الالكترونية نتيجة عدم عمل الدولة على توسيع شبكات الانترنت و معالجة رداءة بنيتها التحتية.
أما المداخلات وتعليقات الحضور فقد جاءت غنية ولاذعة لترفع سقف الحوار المفتوح ، مع أن الزملاء بقوا حائرين يفكرون في صحافتنا الخاصة: كيف وأين يمكن تكون.
الجمل
إضافة تعليق جديد