النظام اليمني أيضاً يحاصر الإعلام بالبلطجية
يبدو أن السلطات اليمنية قد تخلّت عن استخدام القضاء أداةً لترهيب الصحافيين، إذ اتضح أنّها استفادت من تجارب النظام المصري المخلوع بل نوّعت عليها أيضاً: ها هي تستثمر «البلطجية» في حربها على الصحافيين. وهؤلاء ليسوا سوى عناصر رجال أمن يرتدون ملابس مدنية وفق ما أورد تقرير «صحافيون بلا حدود». وهم لا يفرّقون بين صحافيات وصحافيين. لكل نصيبه هذه المرة من الأذى والاعتداء...
وكانت سامية الأغبري فاتحة الاعتداءات، إذ وجدت الصحافية اليمنية نفسها فجأةً محاطةً بعدد من الوجوه غير المألوفة ضمن تظاهرة كانت متوجهة إلى القصر الرئاسي. وكان القصد عزلها عن السرب وصعقها بعصا كهربائية وخطفها إلى مكان مجهول. لكنّ الأغبري استطاعت المقاومة. وقالت سامية لمنظمة العفو الدولية إنّها «فقدت الوعي بعدما رماني رجل أمن بملابس مدنية على الأرض وحاول اختطافي».
في المقابل، كان للصحافيين الذكور نصيبهم، إذ أقدمت جهات أمنية مسلّحة ترتدي زياً مدنياً على الاعتداء على مراسل «بي. بي. سي» عبد الله غراب أثناء تغطيته تظاهرة طلابية في جامعة صنعاء. كذلك، اعتًدي على مصوّر وكالة «أسوشيتد برس» هاني العنسي، ومصوّر وكالة «رويترز» خالد المهدي، ومصوّر «وكالة الصحافة الفرنسية» أحمد غرابلي، وصودرت كاميرا الصحافي اليمني وجدي السالمي. وكان عقاب خليل البرح أخف وطأةً، إذ اكتفى البلطجية بمصادرة كاميراته وإعادتها إليه بعدما حُذفوا الصور منها. من خلال كل هذه النماذج، يتضح أنّ هناك استهدافاً ممنهجاً لعدسات الصحافيين، يهدف إلى منعهم من نقل صورة حية وشاهدة على ما يجري فعلاً على الأرض.
ردّة فعل الصحافيين جاءت من خلال عقد لقاءات عديدة، آخرها أقيم صباح أول من أمس في نقابتهم. خلال هذا اللقاء، طالبوا قيادة النقابة باتخاذ موقف حازم تجاه ما يحدث لهم ونفي شبهة ارتباطها بالنظام التي ازدادت التصاقاً بسبب عدم اتخاذها موقفاً واضحاً وصريحاً من ممارسات السلطة إزاء الإعلاميين. وأكد صحافيون يعملون في الصحف الحكومية ضرورة دعم نقابتهم لهم للضغط على قيادة مؤسساتهم الإعلامية لتبنّي خطاب منحاز للضحايا قبل أن تأتي «ساعة الندم»، في إشارة إلى الصحف القومية في القاهرة التي انحازت للشعب... لكن بعد سقوط الفرعون.
من جهة أخرى، لا يتوقف الرئيس اليمني علي عبد الله صالح عن إعلان مواقف عدائية تجاه قناة «الجزيرة»، إذ أعلن أنّه يشتبه في أنّ لديها «أجندة مشبوهة» في الوطن العربي تستهدف تمزيقه، وفق ما أوردت وكالة «سبأ» الرسمية. ونقلت الوكالة تفاصيل مكالمة أجراها الرئيس اليمني بأمير دولة قطر حمد بن خليفة آل ثاني طالبه فيها بـ«التدخل لدى القائمين على القناة للتهدئة الإعلامية والابتعاد عن أساليب الإثارة والتأجيج والتحريض وتزييف الحقائق وتضخيم الأحداث». هذا في وقت أوردت فيه تقارير صحافية محلية أنّ النية الرسمية تتجه إلى إغلاق مكتب «الجزيرة» نهائياً في صنعاء تزامناً مع إقدام عناصر «بلطجية» تابعة لأجهزة الأمن على الاعتداء على أفراد طاقهما الموجود حالياً في العاصمة اليمنية. كذلك، كُشف النقاب عن مراقبة السلطات الاتصالات الواردة من المقرّ الرئيسي لـ«الجزيرة» في الدوحة ورصد مكالماتها مع ضيوفها اليمنيين.
وقد كشف الصحافي المعارض صلاح الدكاك أنّ «الجزيرة مباشر» اتصلت به بشأن مشاركته في مداخلة عن الاحتجاجات في مدينة تعز، لكنّه انتظر طويلاً من دون جدوى. ثم اتصلت به القناة لاحقاً تخبره بأنّ هناك من تلقّى اتصالها وتحدّث باسم صلاح، وقال كلاماً مؤيداً للرئيس صالح.
من جهة أخرى، بدأ مجلس النواب اليمني مناقشة مشروع قانون «الاتصالات وتقنية المعلومات» الذي يحتوي على مواد تخالف صراحة ما جاء في الدستور عن حرية التعبير، ويمنح رئيس الجمهورية الحق بقطع الاتصالات في حال الطوارئ. ويجيز هذا القانون إنشاء «هيئة تنظيم الاتصالات» التي تخضع لإشراف وزير الاتصالات وتهدف إلى « التجسّس على المواطنين وجمع المعلومات».
ويأتي هذا الطرح في وقت وظّفت السلطات ــ وفق مصادر مطلعة ــ مئات الشباب برواتب مجزية لمراقبة النشاط على شبكة العنكبوتية ومواقع التواصل الإجتماعي.
جمال جبران
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد