انتحر وأنت تبتسم ..
يمكنك استخدام "السكين" لتقطع تفاحة ، كما يمكنك أيضاً استخدامها لتقطيع شرايينك ، عفواً عزيزي القارئ فنحن لسنا من يطلق هذا الفكر الهدام بل أن مواقعا على الشبكة الدولية "الانترنت" هي التي أخذت على عاتقها مهمة "تسليك" الأرواح عبر تذليل كافة العقبات أمام اتخاذ قرار التخلص من الحياة ، فبدلاً من إسداء النصح لمن يفكر في هذه الفكرة الشيطانية تتخصص هذه المواقع في دعم الاتجاهات السلبية نحو الفرد والمجتمع .
الخطير في الأمر أن هذه المواقع تلقى رواجاً كبيراً بين طائفة مجتمعية مهمة من المراهقين الذين تتسم أغلب تصرفاتهم وأحكامهم على الأشياء بالتهور والاندفاع وعدم العقلانية .
مما يسهل مأمورية التأثير عليهم وإقناعهم بقرار الانتحار إذا ما صادفتهم أي مشكلة أو كبديل لعدم تحقيق الذات أو العثور على فرصة عمل مناسبة أو عدم الفوز بحبيبة القلب أو حتى ضغوط الفقر الذي يرزح أكثر من ثلث العالم تحت نيرانه.
الانتحار ليس حلاً للمشاكل
لا أحد يستطيع التشكيك في دور الإنترنت كنافذة فتحت آفاقا جديدة وعديدة اتسعت من خلالها الرؤية لثقافات وأفكار العالم ، فهو زائر فرض نفسه على منازلنا ورغم فوائده إلا انه له أضرار لا يمكن إغفالها،منها الشات الذي يهدر وقت شبابنا ويشغلهم عن العبادات ، إضافة إلى بعض المواقع الهدامة آخرها مواقع دعوية للانتحار ، وقد بلغ عدد المنتحرين في اليابان طبقا لإحصائية أجريت مؤخرا 4000 شخص ونفس النسبة في أمريكا إلا أن معظمهم من المراهقين ورغم ذلك لم تستطع الشرطة إثبات أي شيء غير قانوني !
وذلك لصعوبة التوصل لكاتبي الرسائل بسبب قانون الخصوصية الذي يحمى أي موقع إليكتروني .ويذكر أن في أمريكا انتحر مراهق في السابعة عشر من عمره.. وجده أهله مشنوقا في غرفته رغم انه لم يعاني من أية أعراض نفسية ، وسرعان ما أكتشف أهله أن ولدهما حصل على كافة المعلومات والوسيلة لانتحاره عبر النت وعثرت الشرطة على رسوم خاصة عديدة لوسائل الانتحار على حاسوبه الشخصي .
ويؤكد المراقبون إن هذه المواقع قد تبدو عادية للمستخدم بداية الأمر فهي تستخدم مرادفات مموهة ومنها (لهؤلاء الذين تعبوا من الحياة ) أو كيف تقاوم الإكتئاب أو صراحة عن الانتحار وبعد التسجيل في الموقع هناك شيطان يكرس نفسه للإيقاع بالشخص وكسب كل ثقته ومعرفة أسراره ويقدم له مجموعة نصائح مغلوطة تقوده في النهاية للاقتناع بان الخلاص من كافة مشكلاته لا يتحقق إلا بالخلاص من النفس ويقدم له الطرق والوسائل كافة !
وعن رأى شبابنا ... تقول دينا ممدوح طالبة بكلية الآداب الحمد لله أننا مسلمون لان ديننا يعصمنا من مجرد التفكير في المعاصي ‘وتكمن خطورة هذه المواقع على ممن يعانون من الإكتئاب لأسباب قد تكون اجتماعية وهذه بالطبع ما أكثرها في مجتمعاتنا النامية التي تعاني من عدة مشكلات خانقة مثل الفقر والبطالة وارتفاع معدلات الأمية ، مما يشكل تربة خصبة تكون مهيأة من الأساس لمثل هذه الأفكار الهدامة .
ويضيف حمدي أحمد ... طالب بكلية التجارة أنني قد تعاملت مع أحد هذه المواقع ولم اعرف ماهيته فهو كان يقدم حلولا للاكتئاب وسرعان ما اكتشفت أن بعض هذه الحلول تدفع إلى المعصية فتراجعت بل وارتجفت وظللت استغفر الله .
ويؤكد أ/د محمد قاسم المنسي أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم - جامعة القاهرة أن الانتحار نوع من القتل الذي حرمته الشريعة الإسلامية لأنه اعتداء على النفس وكما هو معلوم فإن القتل سواء للنفس أو نفس الغير تعد على حق ليس من حقوق الإنسان لأنه لم يهب الحياة لنفسه فكيف له أن يسلبها ، ولذلك ورد في الحديث القدسي أن الله تعالى يقول للإنسان المنتحر (بادرني عبدي بنفسه حرمت عليه الجنة ) .
فهو قد أنهى حياته بنفسه دون أن ينتظر قضاء الله ؛ ومن بين أسماء الله الحسنى تعالى المحيي أي الذي يهب الحياة والمميت أي الذي ينهى الحياة ، ويضيف أن تدبر أمور ديننا وكافة الديانات السماوية المنزلة تمد الإنسان بطاقة كبيرة من الأمل تساعده على مقاومة المحن بشكل ايجابي وعدم الاستسلام أمامها والتعلق برحمة الله ، مشيراً إلى أن القرآن الكريم يمتلئ بالآيات القرآنية التي تحث الإنسان على الصبر والتحمل وترك الأمر لله تعالى يقول الحق جل وعلى في محكم آياته : ( ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون) وقوله تعالى (والله يحب الصابرين ) .
وفى آية أخرى (ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل لن نبرأها إن ذلك على الله يسير لكي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم ) ويقول الرسول الكريم (المؤمن القوى خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفى كل خير ، أحرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كذا وكذا لكان كذا وكذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل )وقوله صلى الله عليه وسلم ( عجب لأمر المؤمن إن أمره كله خير إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له إن أصابته ضراء صبر كان خيرا وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن ) وعندما نتأمل هذه الآيات والأحاديث نجد أنها تهدينا إلى الطريق القويم ، إن المصائب والشدائد قد نبتلى بها في الصحة أو في الولد أو في المال أو في أي شيء نملكه فتفويض الأمر إلى الله تعالى والرضا بقضائه وقدرته ورحمته ومن يتعلق بالأمل في رحمة الله لم يخب ولم يضل مسعاه.
وتقول د. إيمان الزيني .. مدرس الإنجليزي بكلية الدراسات الإنسانية .. بجامعة الأزهر أن جميع القيم التي يتحرك بها الإنسان في حياته تنبع من التنشئة وإن تم غرس القيم من الطفولة سيقوم السلوك وتلك هي القاعدة العامة وإن كان هناك شواذ عنها فسيعود إلى حالته الطبيعية بزوال الحالة الطارئة وهذه القيم (الأخلاقيات ) النابعة من الدين سيحرص عليها مثلما تؤدى الفرائض من صلاة وهكذا ولن يحتاج إلى رقابة خارجية من أسرته فيما بعد حينئذ ضميره سيكون مراقبه ،فقد قال تعالى ( يأيها الذين أمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا) والمقصود بالفرقان وهو التمييز بين الحق والباطل التمييز بين ما أمر الله به وما نهى عنه ، هذه الملكة عندما تغرس في الشباب بالتربية سيكون له القدرة على مواجهة العديد من المعاصي وإدراكها وعليه في كافة التعاملات ومثلا إن وجد شاب مثل هذه المواقع لن يرتادها لأنه حينئذ لديه معايير داخلية ربت من خلال الدين بل سنجد البعض يحاول تقويم الآخرين .
إن التربية على أساس الدين تجعل الشخص ناضجاً وملتزماً وفعالأً وإيجابياً ،وأخيرا أود أن أضيف أن هذه المواقع العبثية تأتى من الخواء الروحي أما أن تأتى بجهل أو تأتى بمخطط لتدمير عقول الشباب لان تدميرهم فيه هدم للمجتمع وتلك هي غايتهم .
فاطمة سليمان
إضافة تعليق جديد