"بدايات" فواز طرابلسي والتحريض على النظام السوري

الجمل- عمار سليمان علي:
رغم أن الموقف الحاد للمفكر اليساري والأكاديمي اللبناني فوار طرابلسي تجاه النظام السوري يبدو واضحاً من خلال مقالاته الدورية في صحيفة السفير, وعبر إطلالاته التلفزيونية المتباعدة, إلا أنني شخصياً توقعت ـ ولكن سرعان ما خاب توقعي ـ أن يعمد "رئيس التحرير" فواز طرابلسي إلى شيء من التوازن في مجلته الجديدة "بدايات" التي لن يرى من يتصفح العدد الأول منها, بمعظم مواده, إلا التحريض على النظام السوري, رغم أن المجلة تقدم نفسها على أنها فصلية فكرية ثقافية تهدف للمساهمة في "بلورة المشروع اليساري في العالم العربي". ولا يفترض بالتالي أن تكون دعائية مكشوفة كشأن "النشرات الداخلية للأحزاب" على حد التعبير الشهير الذي يستخدمه الدكتور أسعد أبو خليل.
وإذا كان طبيعياً في ظل الظروف الحالية وما تشهده الدول العربية من أحداث, أن يخصص العدد الأول من المجلة لما تسميه "الثورات بشبابها" فإن الأمر الناشز هو هذا الكم من التحريض على النظام السوري تحديداً, وغض النظر تماماً كل عنف إرهابي تمارسه القوى المعارضة السورية, رغم أنه بات يشكل الصورة المسيطرة على ما يسمى "الحراك السوري". أما الأكثر نشازاً فهو تهليل فصلية يسارية(؟) للقوى الإسلامية الصاعدة في ظل ما يسمى "الربيع العربي" والتدخلات الغربية في مساراته, دون محاولة تقديم مقاربة للموضوع من زاوية يسارية فكرية ثقافية بحتة, وغير منحازة طبعاً. مع أن المفروض أن تكون كيسارية, أو ترفع شعار اليسار, منحازة ضد أمريكا والناتو على الأقل, وأن تهاجم أنظمة المشيخات الخليجية الأبعد ما تكون عن مبادئ اليسار, لا أنظمة تتقاطع مع اليسار بكثير من النقاط, وأن تقدم رؤية نقدية لما تسميه "الثورات" بسالبها وموجبها لا أن تتبناها بعجرها وبجرها, وتهلل "لإنجازاتها" ولو كانت سلسلة من الفوضى والخراب, كما هو الواقع اليوم, والمنتظر غداً! مما يدل على أن القائمين عليها على ما يبدو (ومرة أخرى أستشهد بالدكتور أسعد أبو خليل) يساريون سابقون, وأنها أقرب لليبرالية بمفهومها الخليجي الأردوغاني منها لليسارية الحقة التي كنا ننتظرها من "بدايات" فإذا بها "بدائيات"!