بريطانيا بين "المهاجرين" و"داعش"

07-01-2016

بريطانيا بين "المهاجرين" و"داعش"

إذا تأكد أن أبا رميساء المولود في بريطانيا، هو الشخصية الرئيسية في أحدث فيديو لتنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام"- "داعش"، فسيكون بذلك، هو الأخير في طابور طويل من المتشددين الذين ينتمون لجماعة محظورة، تقول السلطات إنها تفرّخ فرائس سهلة لمن يعملون على تجنيد الإرهابيين.
ويظهر في الفيديو الذي ورد أنه صوّر في سوريا، رجل ملثم يتهكم على رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، بلغة إنكليزية ولهجة سكان لندن قبل أن يقتُل خمسة أسرى.شودري (انترنت)
ولم يؤكد المسؤولون هوية الرجل، لكن وسائل إعلام بريطانية مثل هيئة الإذاعة البريطانية "بي.بي.سي"، نقلت عن خبراء في الأصوات قولهم، إن صوته يشبه تسجيلات سابقة لأبي رميساء، الذي ولد لأسرة هندوسية تعيش في لندن، واسمه الحقيقي سيدارتا دهر، واعتنق الإسلام وظل لسنوات يلقي الخطب ويجري مقابلات بصفته شخصية بارزة في جماعة المهاجرون.
وتقول شقيقة أبي رميساء لوسائل الإعلام، إن الصوت في الفيديو، يبدو كصوت شقيقها لكن لا يمكنها تأكيد أنه هو.
وأسس الداعية الإسلامي المولود في سوريا، عمر بكري، "جماعة المهاجرون" في أوائل التسعينيات. ودعا إلى تطبيق الشريعة الإسلامية في بريطانيا. وصدر قرار بحظر الجماعة بموجب قوانين مكافحة الإرهاب العام 2010.
وكان الداعية المتشدد أنجم شودري، من مؤسسي "جماعة المهاجرين" الى جانب بكري، وقد اتهم الأول بالحض على دعم تنظيم "داعش"، واعتقلته السلطات البريطانية في أواخر تشرين الثاني الماضي، بعد أن انتهك شروط إطلاق سراحه، بحسب مصادر قضائية.
وشودري كان قيد التوقيف الاحتياطي في مطلع آب، قبل أن يفرج عنه في 4 أيلول بموجب إطلاق سراح مشروط في انتظار محاكمته التي ستبدأ هذا الشهر.
ويرى قادة الجماعة أنهم لا يدعمون العنف ويتصرفون بموجب "عقد أمان"، يلزم المسلمين في الدول غير الإسلامية بالخضوع للسلطات.
وأصبحت الجماعة، معروفة في وسائل الإعلام البريطانية، بعد هجمات الحادي عشر من أيلول في الولايات المتحدة، إذ أصدرت منشورات تشير إلى خاطفي الطائرات، على أنهم "الرائعون التسعة عشر".
وعقدت الجماعة، اجتماعات منتظمة في شرق لندن، وكانت تنظم التظاهرات من حين لآخر أمام مكتب رئيس الوزراء في شارع داوننغ ستريت، لمطالبة الحكومة بتطبيق تفسير متشدد للشريعة الإسلامية.
ونفي بكري إلى خارج بريطانيا في العام 2005، بعدما شن أربعة شبان بريطانيين  تفجيرات انتحارية في شبكة نقل العاصمة البريطانية، فقتلوا 52 راكباً. وأصبح الرجل مسجوناً الآن في لبنان.
ورغم عدم تأكيد مسؤولية "جماعة المهاجرين"، عن أعمال عنف بعينها، فإن 23 من بين 51 هجوماً أو مخططاً لهجوم في بريطانيا، من أواخر التسعينيات إلى 2013 كان من أطرافها أشخاص كانوا في وقت ما مرتبطين بالجماعة، وذلك وفقاً لدراسة أجراها مدير دراسات الأمن الدولي في المعهد الملكي للخدمات المتحدة رافايلو بانتوتشي، والمعهد هو مؤسسة أبحاث مقرها لندن.
ويضيف بانتوتشي لـ"رويترز": "إذا نظرت إلى كل من ينطلقون ويحاولون تفجير القنابل أو ينخرطون في نشاط إرهابي فستجد أن كثيرين للغاية منهم كانوا في وقت ما في ماضيهم منخرطون في الجماعة".
لكن بانتوتشي، مؤلف دراسة "نحب الموت كما تحبون الحياة"، التي تسلط الضوء على المتشددين في ضواحي بريطانيا، يشير الى أنه لا يعني بذلك أن كل أعضاء "المهاجرين" يميلون للعنف.
ويضيف، أن الكثير ممن أدينوا فيما بعد، باتهامات الإرهاب، كانوا قد أنهوا بالفعل اشتراكهم في الجماعة بعدما ضاقوا ذرعاً، لأنها لا تتحرك وتركز على الاحتجاجات.
ويلفت الإنتباه هنا إلى قضية قائد خلية سجن في العام 2007، لأنه دبّر لتفجيرات في أهداف ضد بريطانيا، حيث رصدت تسجيلات للشرطة تصريحات يسخر فيها من "جماعة المهاجرين"، رغم انخراطه الشديد في صفوف الجماعة في السابق.
ويقول بانتوتشي: "إنه تنظيم صوته عال جداً والقادة على وجه التحديد صوتهم عال جداً لذا يجذبون الانتباه"، معتبراً أن المتشددين استخدموا المجتمع المحيط بهم "كبيئة صيد جيدة للمجندين المحتملين".

"تأثير ضار"
ويؤكد آدم دين، الذي كان عضواً في "جماعة المهاجرون" حتى العام 2003 تقريباً، ويعمل الآن كبيراً للباحثين في مؤسسة "كويليام" الفكرية المناهضة للتطرف، أن الجماعة منحت "الشبان المسلمين الغاضبين المحرومين، قناة للتعبير عن عواطفهم".
ويرى أن: "ما يفعلونه هو أنهم يضفون صبغة دينية على هذه المظالم، ويصيغونها بتعبيرات إسلامية ووهابية، فيظن هذا الشخص أنه يخدم الله عندما يرتكب عملاً إرهابياً".
ومن بين الأسماء المرتبطة بالجماعة، أبو حمزة المصري، الذي حكم عليه بالسجن مدى الحياة في الولايات المتحدة العام الماضي، لاتهامات تتعلق بالإرهاب، وكذلك مايكل أديبولاجو، الذي قتل جندياً بريطانياً في أحد شوارع لندن العام 2013.
وحكم على شاب يبلغ من العمر 19 عاماً، اعتنق الإسلام، ويدعى بروسثوم زياماني، بالسجن لمدة 22 عاماً في آذار الماضي، بعد إدانته بالتخطيط لذبح جندي، واعتقل مسلحاً بسكين طوله 30 سنتيمتراً، ومطرقة ملفوفين براية عليها كتابات إسلامية.
وبعد صدور الحكم، قال القاضي تيموثي بونتيوس، إن أعضاء "المهاجرين"، مسؤولون عن اعتناق زياماني الفكر المتشدد، مضيفاً: "لا يساورني الكثير من الشك... في أنه وقع تحت التأثير الضار لمتعصبين من المهاجرين، كانوا أكبر كثيراً منه في السن، واتبعوا الأيديولوجية المتشددة قبله بوقت طويل".
ومنذ حظر الجماعة، يعمل أعضاؤها تحت مسميات أخرى مثل "Islam for UK" و"مسلمون ضد الصليبيين". لكن الحكومة البريطانية حظرتها كلها وغيرها بصفتها مسميات مختلفة لتنظيم واحد.
ويوضح دين، أن التنظيم أصبح أكثر تشدداً بمرور الوقت، مضيفاً لـ"رويترز"، بأنه "لم نكن مؤيدين للإرهاب. لكن مثل هذه القيود لم تعد قائمة... تغيرت الأمور الآن وأصبحت آراؤهم أكثر تشدداً".

(رويترز)

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...