بوش يقترح (حصان طروادة) أمريكي في جنوب لبنان
الجمل: اتفاق التعاون الاستراتيجي، الإسرائيلي- الأمريكي، ينص بوضوح على أن لا تقوم الإدارة الأمريكية بأي إجراء في الـ(مسائل الشرق أوسطية) إلا بعد طرح الأمر على إسرائيل، والحصول على موافقتها الكاملة.. والآن على خلفية الإملاءات الإسرائيلية، تبدأ وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس زيارتها، بالتوقف في تل أبيب كـ(محطة لابدّ منها)، وذلك من أجل الحصول على موافقة الإسرائيليين النهائية، بما يخدم ويحقق الأجندة الإسرائيلية في المنطقة.
تشير كل التوقعات إلى أن الـ(صيغة) الأمريكية الجديدة، للتعامل مع الوضع الميداني قد ازدادت تعقيداً بعد مجزرة قانا الثانية، التي ارتكبتها إسرائيل فجر اليوم.
الملامح الرئيسة للصيغة الأمريكية، يمكن قراءتها بوضوح في ما قاله الرئيس بوش، ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير –بالأمس في واشنطن- حول أنهما يريدان إرسال قوة دولية إلى الشرق الأوسط، وأنهما يريان أن أي خطة لوقف القتال على جانبي الحدود بين لبنان وإسرائيل يجب أن تراعي النزاعات الإقليمية الممتدة، كذلك قالا بأهمية وضرورة استصدار قرار في الأسبوع القادم بوساطة مجلس الأمن يستند إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وتطبيق القرارين 1559 و1680.
أما ثالث الاثنين، جاك شيراك- الرئيس الفرنسي، فقد شدد من باريس على ضرورة استصدار قرار دولي يوقف إطلاق النار فوراً والشروع في تسوية شاملة.
ما كان لافتاً للنظر في لقاء بوش- بلير، حديثهما الذي توجّه بالنقد إلى حزب الله وإيران وسورية.. وتحميل المسؤولية عن القتال الحالي لإيران وسورية، إضافة إلى تطلع بوش وبلير لاستصدار قرار دولي يحدد إطار عمل واضح لوقف الأنشطة العدائية، بشكل ملزم، وانتداب قوة متعددة الجنسيات في المنطقة.. وذلك بما يتيح القدرة على استغلال الفرصة التي يتيحها النزاع الحالي باتجاه تحقيق تغيير أوسع في المنطقة على أساس اعتبار أن الصراع في منطقة الشرق الأوسط هو صراع بين الديمقراطيات من جهة، وقوى التطرف والإرهاب من جهة أخرى..
يدرس العلم الاستراتيجي طبيعة ظاهرتي الـ(حرب) والـ(سياسة)، وقال البعض: إن الحرب هي استمرار للسياسة بوسائل أخرى، وبعض آخر قال: إن السياسة هي استمرار للحرب بوسائل أخرى.. والآن تأكد ميدانياً في الحالة اللبنانية أن طبيعة العلاقة بين الـ(حرب) والـ(سياسة) تؤكد أن كل واحد من الاثنين يمثل استمراراً للآخر، ولكن بوسائل أخرى.. وحديث بوش- بلير يؤكد أنهما بعد الفشل الإسرائيلي في الحرب البرية، قد قررا استمرار الحرب العدوانية الإسرائيلية، ولكن بوسائل أخرى غير عسكرية، تتمثل أسلحتها في القرارين الدوليين 1559- 1680،إضافة إلى القرار الجديد الذي ينويان استصداره في الأسبوع المقبل، والذي بلا شك سوف يعمل على ملء الـ(فراغات) غير الموجودة في القرارين السابقين.. وذلك من أجل إنجاز عملية (تدويل) الصراع الحالي وإعطاءه أبعاداً (فوق إقليمية).
إن إشارة بوش- بلير بوضوح إلى أن الصراع في منطقة الشرق الأوسط هو صراع بين الديمقراطيات من جهة، وقوى التطرف والإرهاب من جهة أخرى.. يؤكد أن القرار الدولي القادم سوف لن يكون نزيهاً.. بل سوف يقف مع الـ(ديمقراطيات التي يقصدها بوش- بلير).
كذلك فإن القوة المتعددة الجنسيات، ستكون مختلفة هذه المرة، لأن تشكيلها سيتم وفقاً لذلك الجزء من الفصل السابع الذي يمنح هذه القوة (تفويضاً بإطلاق النار) وبالتالي فإن هذه القوة لن تعمل على فصل القوات وفض الاشتباك، وإنما كـ(قوة ميدانية).. أي كـ(جيش) أجنبي يتمركز في لبنان مزود بكافة وسائط القتال.. وبما أن القرار سوف يقول بـ(مركزة) هذه القوة في الجانب اللبناني، فهذا معناه أن مسرح العمليات القتالية لهذه القوة سوف يكون في الأراضي اللبنانية.. ووفقاً لـ(حديث بوش- بلير) حول استغلال الفرصة الحالية من أجل تحقيق تغيير أوسع في المنطقة، فإن هدف هذه القوة لن يكون ضمن الأراضي اللبنانية بل سيمتد إلى ما وراء لبنان.. وذلك لجهة القيام بعملية الـ(تغيير الأوسع).. ولم ينس بوش وبلير أن يلوحا بـ(الجائزة) لبعض الـ(أطراف الأخرى في لبنان) عندما تحدثا عن استعدادهما لـ(تقديم الدعم) من أجل إعادة إعمار البنية التحتية.. وذلك في إغراء واضح يهدف إلى تحريك نوازع الكسب لدى بعض الأطراف اللبنانية الداخلية، بحيث تقوم بممارسة الضغوط على (حكومة (السنيورة) من أجل الموافقة على الـ(صيغة) الأمريكية شكلاً.. والإسرائيلية مضموناً.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد