بيوت السوريين بربع كهرباء والوزارة لا حول ولا قوة!

25-02-2021

بيوت السوريين بربع كهرباء والوزارة لا حول ولا قوة!

يستمر الواقع الكهربائي المتردي بإلقاء ظلاله الثقيلة على يوميات السوريين، فمع انقضاء الشهر الأول من العام الجاري لا تزال الحلول غائبة، لا الوزارة تملك حلاً سريعاً أو حتى خطةً واضحة أو شبه حل يرضى به الناس، ولا المواطن بات يملك حلولاً ولو موقتةً لمعالجة الظلام المسيطر على حياته سوى تلك التي تكلفه الكثير من المال.

بلغت ساعات تقنين الكهرباء في سوريا معدلاً يتراوح بين 16 و20 ساعة يومياً، بواقع قطع 4 ساعات مقابل ساعتي تغذية، وفي بعض المناطق الأخرى من 4.5 إلى 5 ساعات مقابل ساعة إلى ساعة ونصف تغذية، الأمر يتفاوت بين مدينة وأخرى، بين قرية وثانية، فيما يشكو المواطنون أنه حتى ساعات التغذية تشهد انقطاعات متكررة، وهو ما يسمى في النظام الكهربائي بالحماية الترددية، والتي من شأنها فصل محولات كهربائية عن التغذية نتيجة الضغط والأحمال الزائدة، وهذه الأحمال تتكون نتيجة الاستهلاك المتزايد ويتمثل غالباً بتشغيل الناس لمدافئ تعمل على الكهرباء في ساعات التغذية، وهذا الأمر طبيعي في ظل شح مادة المازوت ومشاكل توزيعها على الأسر السورية التي تعتمد بمجملها على "مدافئ المازوت".

المشكلة لا تتوقف عند التقنين بحد ذاته، بل ايضاً في الحماية الترددية، وفي الانقطاع والوصل المفاجئين، كل ذلك جعل السوريين أمام امتحان مادي جديد في غير توقيته، الكثير من العائلات ترتبت عليها أعباء غير محتملة في الوضع الراهن، وتمثلت في تعطل الأدوات الكهربائية، البرادات والغسالات والشاشات والمدافئ وأجهزة الانترنت والهواتف المحمولة وسواها.

يخبر الموظف الحكومي هيثم. م أن عملية الوصل المفاجئ كلفته الكثير في الشهر الماضي، "لقد تعطل براد منزلي نتيجة وصول كهرباء عالية التردد إليه، اضطررت لتبديل محركه بعد أن تعذر إصلاحه، دفعت ثلاثمئة ألف ليرة سورية ثمناً للمحرك الجديد، هذه خسارة شخصية، لن يتحملها أحد، وهنا أرفع السؤال الى وزير الكهرباء، هل فوق كل ما نتحمله من وزارتكم سنتحمل فوقها تكاليف الصيانة نتيجة التوزيع غير المدروس".

وكحال هيثم، معظم السوريين الذين ما زالوا يدفعون ضريبة عدم انتظام التيار الكهربائي والذي يحملهم تكاليف إضافية لا يستطيع الدخل الشهري أن يغطيها بأي صورة من الصور، فبيوت سوريا تنير غرفها بواسطة شراء بطاريات وتوصيل "ليدات إضاءة" إليها، وهذه البطاريات باهظة الثمن تحتاج للتبديل كل بضعة أشهر، إذ تتراوح أسعارها بين 100 و500 ألف ليرة سورية، مع الأخذ بالاعتبار أن متوسط الراتب الشهري للموظف هو خمسون ألف ليرة سورية.

تخيل الحياة بلا كهرباء

هذه جملة ظهرت خلف وزير الكهرباء السوري غسان الزامل، خلال مؤتمر صحافي عقده سابقا. المؤتمر بحد ذاته يعتبر سابقةً في سياق التعاطي الحكومي مع الشعب، إذ درجت العادة ألا تعقد الوزارات الخدمية مؤتمرات صحافية، لا سيما وزارة الكهرباء، البعض رأى في المؤتمر خطوة جيدةً لولا أنّ الوزير لم يقدم حلولاً تريح الناس بقدر ما قدم تفسيرات هي في متناول اليد عموماً، وتبعا لذلك فسرّ المفسّر وسقط مؤتمره اعتباراً من لحظة انتهائه، فلا هو جاء بالحلول، ولا الناس استشعرت بقرب انفراج، وبين الحالين يبقى أنّ وزارة الكهرباء تعكس فشلاً حكومياً غير مسبوق، ما يحيل إلى المقولة التي يتداولها السوريون مع بداية كل شتاء: "هل ستفاجئنا وزارة الكهرباء هذا العام بقدوم الشتاء كما في كل عام؟".

تواصلنا مع وزارة الكهرباء ليضع أمامها بعض الاستفسارات التي تحتاج توضيحات، إلا أنّ المكتب الصحافي طلب التواصل أولاً مع مديرية الإعلام الخارجي في وزارة الإعلام والتي بدورها تدرس الملف ثم تتخذ إجراءات معينة قبل أن تقرر في ما إذا كانت ستخاطب وزارة الكهرباء للرد أو عدمه.

الزامل قال في معرض تصريحاته أنه يأمل بأن "يكون العام الماضي آخر السنوات العجاف"، وتحدث عن "الظروف الصعبة" لواقع الطاقة الكهربائية في سوريا والتي قدم عرضاً عن واقعها واعداً بتحسن الوضع بعد محاولة العمل على إعادة تأهيل عدد من محطات التوليد.

الزامل أشار الى أن "الحاجة من التوليد الكهربائي تعادل ضعف المتوافر، إذ إن الحاجة الفعلية تعادل نحو 7 آلاف ميغاواط، بينما المتوافر لا يتجاوز 3 آلاف ميغا"، ليؤكد مجدداً أن الأمر مرتبط بصعوبات تتعلق بالحصار الاقتصادي وتالياً قِدَمُ التجهيزات، وأوضح أن الغاز بحد ذاته يشكل مشكلة للمحطات التي تعمل عليه وهي أكثر من ثلثي محطات سوريا: "واردات الغاز انخفضت من 14 مليون لتر مكعب إلى نحو 8.5 ملايين متر مكعب".

ولعل أهم ما جاء في كلمة الوزير هو شرحه لنقطة جدليةٍ شغلت السوريين طويلاً مؤكداً أن بلاده لا تزود الأردن أو لبنان بالكهرباء إنما الأمر مقتصر على قرية حدودية لبنانية فقط.

الشارع تلقى المؤتمر بسلبية واضحة، وقد يكون مرد الأمر الى سببين، الأول هو أنّ حاجة الناس إلى الكهرباء تعتبر الأعلى في سلم الاحتياجات من جهة، ومن جهة ثانية هو غياب الثقة بين الناس والمسؤولين، فالوزير الذي أكد في معرض حديثه أن فكرة نظام "الأمبيرات" مستبعدة تماماً، ما جعل الناس أكثر قلقاً، إذ جرت العادة أن يحدث خلاف ما يصرح به المسؤولون، فالوزير الذي وعد بعدم رفع سعر البنزين ارتفع سعره بعد أيام، ورئيس الحكومة الذي قال إن الخبز خط أحمر سرعان ما ارتفع سعره.

 



طارق علي

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...