تلويح فرنسي لسوريا واليمن بالعصا الليبية واستعداد للتعاون مع الإسلاميين
تعميم المثل الليبي نموذجا في التعاطي الدولي مع اليمن وسوريا، لحماية المدنيين في ساحات الربيع العربي «حيث تراوغ حكوماتها» في الاستجابة لشعوبها». وترحيب فرنسي بالحوار مع الإسلاميين، تجاوزا للخوف من صعودهم في حكومات ما بعد الثورة في مصر وتونس وليبيا وغيرها، استباقا للأمر الواقع. ألان جوبيه، وزير الخارجية الفرنسية، في خطاب في معهد العالم العربي أمس الأول، لم يكن يعلق مباشرة على مداخلة الرئيس بشار الأسد أمام حكومته الجديدة أمس الأول، فكلاهما كان يتحدث في الساعة نفسها.
الوزير الفرنسي كان يضع أسسا عامة لتعاطي الـ«كي دورسيه» الجديدة مع الربيع العربي، تتجاوز خطاب الرئيس بشار الأسد أمام حكومته، علما بأن باريس لا تزال تصغي لسفيرها في دمشق، فريدريك شوفالييه، ودعواته إلى منح الرئيس الأسد المزيد من الوقت للدخول في الإصلاحات المطلوبة، قبل اتخاذ أي موقف يؤدي إلى قطيعة. ولكن لا يمكن تجاهل النظر إلى بعض ما جاء في خطاب جوبيه، إلا بوصفه تحذيرا مبطنا إلى الرئيسين السوري، واليمني في المناسبة نفسها، باستعداد فرنسا، لتكرار السابقة الليبية، في بلدان عربية أخرى إذا ما دعت الحاجة إلى ذلك «فكما فعلنا في ليبيا، وتبعا لخطورة كل موقف سنواصل البرهنة على حزم شديد إزاء أي خرق مشهود لحقوق الإنسان، وسنستخدم كل الوسائل التي نملكها، لوضع حد لها. والحال اننا نملك لائحة طويلة من الوسائل. وأخص منها فرض العقوبات في الحالات القصوى، وبموافقة من مجلس الأمن». ولإزالة كل لبس في القصد، سمى الوزير الفرنسي اليمن وسوريا «حيث لا يزال البعض فيهما يراوغ، وحيث يثير الوضع الكثير من القلق، وعلى البلدين أن يعلما أن لا خيار أمامهما سوى سلوك سبيل الحوار القادر على الاستجابة للتطلعات المشروعة للشعب».
ما سيشكل على الأرجح دليل عمل الدبلوماسية الفرنسية في العالم العربي المتغير، قرأه ألان جوبيه، أمس الأول على منبر في قاعة محاضرات معهد العالم العربي، بعد تكريسه، بطريقة غير مسبوقة لوزراء الـ«كي دورسيه»، يوما كاملا، للاستماع في القاعة نفسها لخبراء، وشهود من ساحات الربيع العربي، جاؤوا من القاهرة وتونس وبنغازي ودمشق، إلى ندوة عن الربيع نفسه.
النبرة العالية حول الحقوق الإنسانية في خطاب الوزير الفرنسي، سبقتها مقدمة لا بد منها من جلد النفس الدبلوماسية على الأخطاء التي شابت التعاطي مع براعم ربيع العرب، والتعويض عن أخطاء سلفه، ميشال اليو ماري، الفادحة ونصائحها الفضائحية «عن استعداد فرنسا لتقديم خبرتها الأمنية لشرطة زين العابدين بن علي» في عز الثورة التونسية. وهي محاولة لتجاوز الغضب الذي أثارته السياسة الفرنسية التي كانت حتى الساعات الأخيرة، تصف حسني مبارك «بحكيم العالم العربي»، وتتغاضى عن ملف زين العابدين بن علي الحافل بالجرائم.
والذنب كله يعود لشبح الأصولية الإسلامية الأسود. فعلى منبر الاعتراف في معهد العالم العربي أفشى جوبيه، سرا ذائعا عن تواطؤ الدبلوماسيات الغربية مع الاستبداد العربي، عقودا طويلة، وتجاوزهم عن سجله الأسود في ميدان حقوق الإنسان، خوفا من الإسلاميين: «لوقت طويل، اعتقدنا أن الأنظمة الاستبدادية، الحاجز الوحيد امام التطرف في العالم العربي، ولوقت طويل لوحنا بالتهديد الإسلامي لتبرير نوع من التواطؤ مع الحكومات التي كانت تنتهك الحرية، وتكبح تطور بلدانها».
وللتكفير عن الماضي، يذهب وزير الخارجية الفرنسية أبعد وأسرع في إسعاد عضو المكتب السياسي لحركة النهضة الإسلامية في تونس محمد بن سالم، الذي تعهد في الندوة بمفاجأة الفرنسيين بالتحولات التي طرأت على تفكير «النهضة» السياسي، فرد ألان جوبيه بمفاجأة إعلامية، تخرج الحوار مع الإسلاميين العرب من أيدي المخابرات الفرنسية والخبراء، والمبعوثين السريين.
وأعرب جوبيه عن «استعدادنا، للمرة الأولى علنيا، للحوار مع كل التيارات الإسلامية في العالم العربي، ما أن تقوم بتطبيق قواعد اللعبة الديموقراطية، ونبذ العنف». ويعبر كلام الوزير الفرنسي عن دخول الـ«كي دورسيه»، والأوروبيين معه، منعطفا حقيقيا في التعاطي مع التيارات الإسلامية في الوطن العربي، كما تعبر عن تسارع إعادة النظر داخل وزارات الخارجية الأوروبية، في المواقف من حركة «الإخــوان المســلمين» التي تهيمن فروعها في شوارع البلدان الثورية العربــية، على قطاع كبـير من حركات الاحتجاج.
كما يعبر موقف جوبيه عن استعداد لاستقبالها في حكومات التغيير المقبلة، وإقرار بقدرتها على التمثيل، وتجاوز الأسئلة الكثيرة التي طرحت عن دور الإسلاميين في الثورات العربية، بالإضافة إلى تجاوز المخاوف من وصولها إلى السلطة، وهو رهان على تمدد النموذج التركي، واعتقاد انها لن تكون قادرة وحدها على قيادة حكومات، وتدرجها الحتمي نحو القبول بمبدأ تداول السلطة، او مواجهة حروب أهلية. والأرجح أن يكون جوبيه، في دوره البراغماتي الجديد يحاول اللحاق بواشنطن التي قطعت شوطا كبيرا، في الاستعداد لاستقبال الإسلاميين في حكومات ما بعد الثورات «علينا أن نتحادث، وأن نتبادل الأفكار، ونتمنى أن يفتح هذا الحوار، من دون عقد مع التيارات الإسلامية، شرط أن تحترم القواعد الديموقراطية».
محمد بلوط
المصدر: السفير
التعليقات
أين حقوق الانسان في فرنسا
لا للتدخل الخارجي
لا للتدخل الخارجي
الحرية الفرنسية
الان جوبيه
الان جوبيه
والله شيء مضحك شفنا الحرية ب
قولكن منحتلها لفرنسا
hgtvksd,k hgHyfdhx
إضافة تعليق جديد