جديد الدبلوماسية الإسرائيلية – المصرية على خط الإدارة الأمريكية
الجمل: برغم وضوح النوايا والأهداف فقد ظلت تحركات السياسة الخارجية الإسرائيلية تنطوي على قدر كبير من تعقيدات الأداء السلوكي الدبلوماسي وعلى هذه الخلفية يمكن بكل وضوح قراءة الأبعاد غير المعلنة في جدول أعمال السياسة الخارجية الإسرائيلية وتوجهات مجراها الأساس في مختلف مسارح الدبلوماسية العالمية.
* ما هو الجديد في تحركات الدبلوماسية الإسرائيلية:
تقول المعلومات والتسريبات الواردة من بريطانيا وإسرائيل أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتينياهو سيقوم خلال الأسبوع القادم بجولة دبلوماسية أوروبية تشمل زيارة العاصمة البريطانية لندن، ثم بعدها إلى العاصمة الألمانية برلين، وأضافت المعلومات أن نتينياهو سيلتقي في لندن ببعض المسؤولين البريطانيين وما هو هام سيكون لقاءه مع السيناتور جورج ميتشل المبعوث الأمريكي الخاص للشرق الأوسط والذي سيكون برفقته طاقم من الخبراء والمستشارين الأمريكيين.
وصفت التسريبات الواردة في أحد مواقع اللوبي الإسرائيلي البريطاني لقاء نتينياهو – ميتشل بأنه يتميز بالتركيز على الكثير من التفاصيل الدقيقة الخاصة بالتحركات الدبلوماسية القادمة في المسرح الدبلوماسي الشرق أوسطي.
أما بالنسبة لزيارة نتينياهو لبرلين فتقول المعلومات والتسريبات أن الحكومة الألمانية قد رتبت أوراقها لمطالبة نتينياهو بضرورة الوقف الفوري لبناء المستوطنات في الضفة الغربية باعتبارها تشكل العقبة الرئيسية أمام إحراز أي تقدم في عملية سلام الشرق الأوسط، هذا وأكدت المعلومات أن نتينياهو سيعقد لقاءاً مطولاً مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل سيحاول من خلاله شرح وجهة نظر حكومته إزاء ملف توسيع المستوطنات وعلاقة ذلك بعملية سلام الشرق الأوسط وما يجري في أروقة العلاقات الإسرائيلية – الأمريكية.
* هل من صفقة خفية على خط مبارك – نتينياهو؟
خلال الفترة الماضية ظل الموقف الإسرائيلي المعلن هو الاستمرار في عملية توسيع المستوطنات دون إعطاء أي اعتبار لما يمكن أن يترتب على ذلك من أضرار وتأثيرات سالبة على عملية السلام أو حتى على العلاقات الإسرائيلية – الأمريكية، أما الموقف المصري المعلن فقد ظل إلى جانب التأكيد على ضرورة التزام حكومة نتينياهو بالوقف الفوري لتوسيع المستوطنات.
ولكن خلال زيارة مبارك إلى العاصمة الأمريكية وعلى خلفية لقاءه أوباما ونائبه جو بايدن ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون ومستشار الأمن القومي جيمس جونيز إضافة إلى لقاءات مع بعض كبار المسؤولين الأمريكيين وثمانية من زعماء اليهود الأمريكيين رؤساء أكبر ثمان منظمات يهودية أمريكية، صرّح مبارك بضرورة أن لا تتوقف عملية السلام بحيث لا تصبح معلقة بمسألة المستوطنات والمعنى الواضح لتصريح مبارك هو أن تسعى الإدارة الأمريكية إلى الشروع في إجراءات السلام دون التقيد الذي يشترط ضرورة قيام حكومة نتينياهو بوقف بناء المستوطنات في الضفة الغربية!
تحليل مضمون تصريح مبارك يفيد لجهة أنه يشكل ضربة قاسية لتوجهات أوباما إزاء حكومة نتينياهو وعملية السلام، وبكلمات أخرى يحقق ما تطمح إليه حكومة نتينياهو أي الفصل بين ملف توسيع المستوطنات وملف عملية السلام في الشرق الأوسط.
إضافة لذلك، تقول التسريبات أن الرئيس مبارك اصطحب معه وزير الخارجية أحمد أبو الغيط ووزير المخابرات عمر سليمان وبحضور الوزيرين طرح مبارك موضوع خلافة ابنه جمال في الرئاسة حيث حصل مبارك على تأييد الإدارة الأمريكية على ذلك. أما الجدير بالملاحظة فيتمثل في الآتي:
• إن مطالبة حسني مبارك تنصيب ابنه جمال كانت بحضور الوزير سليمان الذي يعتبر من أقوى المرشحين للمنصب.
• إن تأييد الإدارة الأمريكية لتنصيب جمال كان في حضور الوزير سليمان كذلك.
اللافت للانتباه هو التزامن بين تصريح مبارك القائل بضرورة ربط استمرار عملية السلام بمشكلة المستوطنات وتأييد الإدارة الأمريكية لتنصيب جمال مبارك وجولة نتينياهو الأوروبية، وبكلمات أخرى: هل حصول الرئيس مبارك على تأييد الإدارة الأمريكية لتنصيب جمال كان مقابل مطالبته للإدارة الأمريكية بالفصل بين ملف عملية السلام وملف توسيع المستوطنات؟
يظهر الجانب الآخر من المشهد من خلال لقاء نتينياهو مع المبعوث الأمريكي الخاص للشرق الأوسط جورج ميتشل الذي سيتم في لندن ونلاحظ:
• أن ميتشل قد يرفض عقد لقاء مع نتينياهو بسبب إصرار الإخير على ضرورة الوقف الفوري لبناء المستوطنات.
• أن ميتشل قد يعقد لقاء موسعاً مع نتينياهو في لندن دون الحصول على ما هو مطلوب لجهة الوقف الفوري لبناء المستوطنات.
إضافة لذلك، هناك مشهد آخر لم تكتمل ملامحه بعد هو زيارة الرئيس مبارك الخاطفة إلى العاصمة الفرنسية باريس ونلاحظ الآتي:
• أن زيارة باريس تتم مباشرة بعد زيارة واشنطن.
• أن مبارك سيلتقي الرئيس الفرنسي ساركوزي ورئيس الوزراء فرانسوا فيلون.
• أن جولة نتينياهو الأوروبية ستغطي لندن وبرلين ولن تمتد إلى باريس بسبب الرفض الفرنسي القاطع لنتينياهو والذي أكدت من خلاله باريس موقفها الواضح القائل بضرورة الوقف الإسرائيلي لبناء المستوطنات كشرط لاستمرار عملية السلام.
إضافة لذلك تجدر الإشارة إلى أنه لا نتينياهو ولا مبارك سيلتقي برئيس الوزراء الإيطالي سلفيو برلوسكوني والذي سبق أن التزم بوضوح لـ"صديقه" وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان بالتزام إيطاليا بالآتي:
• تأييد استمرار عملية السلام في الشرق الأوسط.
• عدم الربط بين استمرار عملية السلام وعملية توسيع المستوطنات.
وتجدر الإشارة إلى أن تصريح مبارك الذي أثار هذه التحركات "الانقلابية" الدبلوماسية قد قال فيه أنه "بدلاً من القول بضرورة وقف توسيع المستوطنات، والذي سمعناه في العديد من المرات، والآن بعد مرور أكثر من 10 سنوات لم يتم وقف الاستيطان. الذي أستطيع أن أقوله هو يجب أن نأخذ بعين الاعتبار القضية والمسألة بشكلها الكامل، وهو أن نتفاوض حول الحل النهائي..".
ولما كان الرئيس مبارك قد أدلى بتصريحه قبيل لقائه بأوباما، فعلى الأغلب أن يكون هذا التصريح هو المقدم المدفوع سلفاً لمقايضة قد يترتب عليها انقلاب طاولة مفاوضات عملية السلام في الشرق الأوسط!
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد