حرب عقوبات تتصاعد بين واشنطن وموسكو
بدأت لعبة العقوبات والعقوبات المضادة بين الغرب والروس، تأخذ منحاً تصاعدياً أمس، في ظل التطورات المتسارعة لعملية ضم شبه جزيرة القرم إلى روسيا.
وإذ صادق البرلمان الروسي في موسكو على قرار الرئيس فلاديمير بوتين باعتبار القرم روسية، قررت الولايات المتحدة مباشرة توسيع لائحة عقوباتها، ما استدعى رداً مماثلاً من موسكو، من انتظار نتائج القمة «المأزومة» للأوروبيين في بروكسل.
وأعلنت روسيا أمس، فرض عقوبات على مسؤولين أميركيين بعد وقت قصير من إعلان الرئيس الأميركي باراك اوباما فرض عقوبات جديدة على مسؤولين روس.
وذكرت وزارة الخارجية الروسية في بيان أنه «يجب ألا يساور أيا كان أدنى شك في أن أي هجوم عدائي سيجابه بالطريقة الملائمة». وأضاف البيان «لم نتوقف عن التحذير من أن استخدام العقوبات سلاح مزدوج وسيطال الولايات المتحدة ذاتها كيداً مرتداً»، معتبراً أن «التصرف بهذه الطريقة خاطئ ولا جدوى منه».
وتشمل اللائحة الروسية تسعة أشخاص منعوا من دخول روسيا، ومن بين هؤلاء ثلاثة من مستشاري أوباما هم كارولاين اتكينسون ودانييل بفايفر وبنيامين رودس. كما تشمل رئيس الغالبية في مجلس الشيوخ الأميركي هاري ريد، ورئيس مجلس النواب جون بوينر، ورئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ روبرت مينيديز، بالإضافة إلى أعضاء مجلس الشيوخ جون ماكين وماري لاندريو ودانيال كوتس.
كان هذا الرد الروسي على قرار أوباما فرض عقوبات على عدد إضافي من المسؤولين الروس و«مصرف روسيا»، الذي جاء بعد ثلاث ساعات من مصادقة مجلس النواب الروسي على معاهدة ضم القرم، حيث هدد باستهداف الاقتصاد الروسي مباشرة، إذا ما صعدت موسكو تحركاتها في أوكرانيا.
وقال الرئيس الأميركي في البيت الأبيض إن «على روسيا أن تعلم أن مزيداً من التصعيد لن يؤدي إلا إلى مزيد من عزلتها عن المجتمع الدولي».
وأضاف «الآن نحن نتخذ هذه الخطوات في إطار الرد على ما فعلته روسيا في القرم». إلا أنه أثار كذلك احتمال القيام بتحرك أقوى في المستقبل إذا لم تغير روسيا تصرفاتها، مضيفاً أنه وقع أمراً تنفيذياً جديداً يسمح له باستهداف قطاعات محددة من الاقتصاد الروسي.
ولفت الرئيس الأميركي إلى أن «هذه ليست النتيجة التي نفضلها»، محذراً من أن تلك الخطوات سيكون لها «تأثير كبير» على الاقتصاد الروسي.
وتستهدف الاجراءات الجديدة قائمة من 20 نائباً في البرلمان ومسؤولين كبارا في الحكومة، يضافون إلى 11 شخصاً فرضت عليهم واشنطن عقوبات سابقاً.
وتقضي العقوبات الأميركية بتجميد أرصدة الاشخاص المستهدفين داخل أراضيها، ومنع شركات أميركية من التعامل معهم. كما أشارت وزارة الخزانة الأميركية إلى أن المصرف المستهدف هو «بنك اكتسيونيرني لروسيا الاتحادية» المعروف باسم «مصرف روسيا»، والذي قال مسؤولون بارزون إنه يضم أصولاً كبيرة للنخبة الحاكمة في روسيا وشخصيات بارزة مقربة من بوتين.
في المقلب الآخر، حيث من المتوقع أن يلتقيا في لاهاي الأسبوع المقبل، تحادث وزيرا الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأميركي جون كيري هاتفياً أمس، قال خلالها لافروف إن موسكو لن تتراجع عن قرارها قبول انضمام جمهورية القرم إلى الاتحاد الروسي.
وقال بيان وزارة الخارجية الروسية إن «لافروف أكد أن قرار انضمام القرم إلى روسيا هو نتيجة للتعبير عن إرادة حرة للغالبية الساحقة من سكانه، وهذا القرار لن تتم مراجعته ويجب أن يحترم».
وخلال هذا الأخذ والرد، كان القادة الأوروبيون يجتمعون في بروكسل لدرس رد ملائم على موسكو، والذي حمل كييف على فرض تأشيرات دخول على الروس.
ومن المتوقع أن يقرر القادة الأوروبيون إلغاء القمة المقررة مع روسيا في حزيران المقبل في سوتشي، لكنه من غير المتوقع أن يفرضوا عقوبات اقتصادية يمكن أن تؤثر على مصالحهم.
وفي بروكسل، أعلن رئيس الوزراء الأوكراني أرسيني ياتسينيوك أن بلاده سترد «عسكرياً» على أي محاولة روسية «لضم» مناطق الشرق الأوكراني الناطقة بالروسية.
وقال ياتسينيوك «أريد أن أوجه تحذيراً رسمياً إلى روسيا: سنرد بحزم، بما في ذلك بوسائل عسكرية، على أي محاولة للاستيلاء على أوكرانيا أو لاجتياز القوات الروسية للحدود أو لضم مناطق الشرق أو سواها».
ولتبديد الخوف، وعد وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو نظيره الأميركي تشاك هايغل في مكالمة هاتفية مساء أمس، بأن موسكو لن تهاجم شرق أوكرانيا، بحسب ما أعلن «البنتاغون».
وقال المتحدث باسم «البنتاغون» جون كيربي إن هايغل أعرب لنظيره الروسي عن قلقه من تحركات روسيا، إلا أن شويغو طمأنه إلى أن «القوات التي حشدها على طول الحدود، متواجدة هناك فقط للقيام بتدريبات، وليس لديها أي نية لعبور الحدود إلى أوكرانيا ولن تقوم بأي عمل عدواني».
إلى ذلك، دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، إلى نشر مراقبين حقوقيين من الأمم المتحدة و«منظمة الأمن والتعاون» في أوروبا، في أوكرانيا، كما دعا إلى إجراء «حوار صادق وبناء» بين موسكو وكييف.
وقال بان، عقب محادثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الكرملين، إنه ناقش مع بوتين «المخاوف المشروعة لروسيا والرئيس بوتين خاصة بشأن حماية حقوق الإنسان، وحقوق المتحدثين باللغة الروسية والأقليات الروسية» في أوكرانيا.
واعتبر بان أن أهم طريقة لحل الأزمة هي «أن تجلس روسيا وأوكرانيا معاً والدخول في حوار مباشر وبناء»، مضيفاً «يجب أن نوظف كل أداة ديبلوماسية ممكنة متوفرة لدينا لحل هذه الأزمة التي تحمل تبعات سياسية واقتصادية هائلة».
ميدانياً، طرأت مستجدات جديدة بإعلان وزارة الدفاع الأوكرانية أمس، أن نحو 20 مسلحاً استولوا على السفينة الحربية الأوكرانية «تيرنوبيل» في ميناء سيفاستوبول في القرم.
وقال المتحدث باسم الجيش الأوكراني فلاديسلاف سيليزنيوف على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك»، «لقد تم الاستيلاء على السفينة».
وأضاف أن «رجال ميليشيا موالين لموسكو وعدداً من الجنود الروس أغلقوا المنطقة، بينما اقترب مسلحون على ظهر قارب من السفينة تيرنوبيل واقتحموها»، مشيراً إلى أن «قنابل صوتية استخدمت أثناء الهجوم، وسمع صوت رشاشات».
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد