حكومة المراجعات والمواطن الكريم و اللئيم الذي يسبقها بخطوة

22-12-2012

حكومة المراجعات والمواطن الكريم و اللئيم الذي يسبقها بخطوة


حكومتي العليّة ... وبقيّة التحية:

نتفهم أنّ القرارات الصادرة لمواجهة الظروف الرّاهنة التي تمرّ بها البلاد تتصف بأنها إجرائية مؤقتة تلائم واقع الحال ومتغيرة تناسب الأوضاع المتغيرة, حيث يمكن العودة عنها في حال انتفاء سبب وجودها أو اكتشاف عدم جدواها، وهذا لايعتبر عيباً أو منقصة، بل جيدٌ وفضيلة ويُحسب للحكومة.
أما أن يتم إصدار قرار لمواجهة مشكلة ما ..ثم يتم التراجع عنه ..ثم يعود ويصدر قرار آخر(ولنفس الموضوع وذات المشكلة !) ..فيعود ويتم التراجع عنه ..ثم يتم إصدار قرار جديد آخر ...ثم يتم العدول عنه ..وهكذا دواليك ..في هذه الأحوال وفي هذه الظروف..فإنه ذلك يعتبر مؤشراً سلبياً ويُسجل على أداء الحكومة وعلى ما تمتلكه من إمكانيات وقدرات هامة ومعتبرة. لاسيما الأداء "القدري" حيث تم اختباره وأذهلنا بنتائجه!...
ونخبركم هنا ..أنّ مواطننا الكريم واللئيم! قد سبق حكومته بخطوة بل وخطوات في مواقف أكثر من أن تعدّ ..سواء في مواجهة الأزمة أو حتى في افتعالها... فلقد جرّب مواطننا (بصنفيه) وبحسّه الفطري والمكتسب لتأمين متطلباته المعيشية ومستلزماته الخدمية أو لجهة إفقارها من السوق مختلف أشكال الاقتصاد وطرائقه.
لقد جربنا وصفات كثيرة وعانينا من أضرارها الجسيمة .. ويبدو أنّ المشكلة تكمن في أنّ الجميع أراد اعتماد وصفات جاهزة مستوردة...وهنا نستذكر أبرزها الوصفة "السحرية" أيام الحكومة - زمان- (وصفة صندوق النقد الدولي) للذهاب سريعاً إلى الهاوية؟! كذلك أيضاً رغبة  الكثير باعتماد تجارب مجرّبة أثبتت صحتها في مكان ما وتبنّيها دون عناء أو تعب ودون إدراك أن ذلك مغاير لأبسط قواعد المنطق .. حيث غاب عنهم أنّ ما نحتاجه لمواجهة الأزمات وحل المشكلات وتحسين الأداء وزيادة الفعالية، هو معرفة وإدراك المنهج الذي أنتج هذه الوصفات ثم تركيب الوصفة المناسبة لنا وفق مواصفاتنا الخاصة وفروقنا التمييزية. وبالمناسبة فإنّ هذا المنهج هو ما اعتمدته تلك الدول الناهضة والتي أخذت مواقعها المتقدمة في مصاف الدول بل وسبقتها والمؤشرات كلها تقول أنّ المستقبل لها.
ومخطىءً وواهم ..وضالع في أمر ما من يردد ويعمل على مقولة " أن الدولة تاجرة خاسرة"! ومن يدعو إلى إقصاء مؤسسات عامة بكاملها عن سوق الإنتاج بحجة خساراتها المتراكمة بدل إدماجها وإعادة تأهيلها في الحياة الإنتاجية من جديد.. وليس ذلك بمستحيل، فالدول الناهضة التي نرغب بالتشبيك معها، اقتصادها الكبير والعملاق قائم على المؤسسات الحكومية العامة، ومن يمسك بعهدته القطاعات الاستراتيجية في البلاد لا يخسر..
وختاماً حكومتنا العليّة... الحمل ثقيل على كاهلنا جميعاً ...وجميعنا معنيّون بحماية هذا الوطن وتقديم المفيد كلٌ حسب موقعه .. وأيضاً حماية الدولة الرّاعية التي أثبتت التجربة أنها ضمانتنا الأكيدة للحياة الكريمة والمستقبل الآمن معاً.

                                                                                                                     ميساء حبيب سلمان

                                                                                                           خبيرة اقتصادية في التنمية والتشغيل

 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...